وجوه عليها «زهمة»

وجوه عليها «زهمة»

وجوه عليها «زهمة»

 العرب اليوم -

وجوه عليها «زهمة»

بقلم - د. محمود خليل

وصف عجيب كانت تستخدمه الأجيال القديمة من المصريين في وصف الوجوه حين تصمت، فيقول أحدهم: "وجه فلان عليه زهمة".معان عديدة تجدها لكلمة "زهمة" في القاموس العربي، من بينها التخمة والتشبع، فمعنى زهمت الدابة أي دسمت وكثر شحمها ولحمها.. والزهم -بفتح وتشديد الزاي- معناها الرائحة المزعجة، وأزهم الشىء معناه داناه أو قاربه، وهكذا.

وترتيباً على ذلك عندما يحتقن وجه المصري (أو يزهم) فذلك يحدث بما يعتمل داخله من آلام أو ضغوط أو أحزان، وعندما ينطلق متأففاً نافخاً همه في وجه من يلقاه فإن ذلك معناه أن وجهه أصبح مسكوناً بـ"البؤس"، إلى حد أن يلاحظ ذلك من حوله فيقولون أن فلاناً أو علاناً يعلو وجهه "زهمة".

عبر كل عقد من عقود التاريخ الحديث والمعاصر عاش المصريون لحظات "زهمة" بانت على وجوههم، وعادة ما تنتهي هذه اللحظات بحدث جلل، أو كبير.

زهمت وجوه الناس في الثلاثينات من القرن الماضي خلال الأزمة المالية العالمية، وأعقب ذلك الحرب العالمية الأولى، ثم زهمت بعد انتهاء الحرب الثانية، وبعدها مع اندلاع حرب العرب ضد الكيان الصهيوني عام 1948، وزهمت مع أحداث الاسماعيلية وحريق القاهرة عام 1952 فكانت حركة يوليو.

وطيلة فترتي الستينات والسبعينات وما أعقبهما عاش الناس هذا الإحساس بالزهمة، واستغرقوا فيه في أحوال، حدث ذلك بعد نكسة 1967، وعام 1977، وعام 1981، وعام 1986، وقد تلاها ككل أحداث فارقة في حياة المصريين، يمكن القول بأنها نقلتهم من حال إلى أحوال.

وتتعجب وأنت تتأمل كلمة "زهمة" التي يستخدمها المصريون في وصف الوجوه الحزينة التي فاضت نفسها بالهموم، خصوصاً حين تقارنها بكلمة "هزيمة".. فالكلمتان مشتقتان من المادة اللغوية نفسها، وكأن ثمة علاقة بين الأمرين، وقد حكيت لك أن إحساس الإنسان بالهزيمة هو السر وراء ما يكسو وجهه من "زهمة" في لحظات معينة من تاريخ رحلته على مسرح الحياة.

ولست تجد تجسيداً لهذه الفكرة خيراً من ذلك التجسيد الذي قدمه الفنان الراحل عماد حمدي في فيلم "ثرثرة فوق النيل" عن رواية بالعنوان ذاته للعالمي نجيب محفوظ، رحمه الله. تأمل المشاهد الأولى من الفيلم والتي يظهر فيها "أنيس زكي" بعينيه الحائرتين الغائرتين داخل جمجمة وجهه، وانقباضات جبهته وهو يسمع إلى رجب القاضي، وهو يعرفه بأعضاء شلة الأنس التي جمعت الهزيمة بينهم.

أمام الوجه الذي تعلوه الزهمة ظهرت وجوه أخرى ضاحكة، ولكن بشكل مصنوع، إذ كانت في داخلها لا تقل عنه إحساساً بالهزيمة والقهر.

الوجه الغارق في "الزهمة" عادة ما يبحث عن مهرب، والنفس الشاعرة بالهزيمة عادة ما تفتش عن ملاذ، وقد وجدته شلة الأنس في "ثرثرة فوق النيل" في تدخين الحشيش، لم تكن المسألة إدمان أو ولعا بالمخدرات، قدر ما كانت فلسفة هروب، تجدها حاضرة في ذلك المونولوج الذي أداره أنيس زكي مع نفسه وهو يقارن بين موقف الحكومة من الحشيش والخمور: "الحشيش ممنوع.. والخمرة مش ممنوعة.. طب ليه.. ده بيسطل المخ.. ودي بتلطش المخ.. ده حرام ودي حرام.. ده بيضر بالصحة ودي بتضر الصحة.. القانون بيفوت للخمرة عشان بندفع عليها ضرائب".إنها "هزيمة" النفس التي ترتسم "زهمة" على الوجه.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وجوه عليها «زهمة» وجوه عليها «زهمة»



نجوى كرم بإطلالات استثنائية وتنسيقات مبهرة في "Arabs Got Talent"

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 11:04 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فصائل مسلحة في العراق تهاجم أهدافا عسكرية إسرائيلية
 العرب اليوم - فصائل مسلحة في العراق تهاجم أهدافا عسكرية إسرائيلية

GMT 07:10 2024 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر
 العرب اليوم - حكيم يرد على شائعة القبض عليه في الإمارات بفيديو من مصر

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 19:21 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

بشكتاش يواصل انتصاراته فى الدوري الأوروبي بفوز صعب ضد مالمو

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع سعر البيتكوين لـ75 ألف دولار

GMT 16:36 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إيمان خليف تظهر في فيديو دعائي لترامب

GMT 12:58 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن تحديات حياتها الفنية ودور عائلتها في دعمها

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلاق أول قمر اصطناعي مطور من طلاب جامعيين من الصين وروسيا

GMT 17:41 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يتسبب فى وقف منصات النفط والغاز فى أمريكا

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف عبدالباقي يردّ على أخبار منافسته مع تامر حسني

GMT 14:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إعصار رافائيل يمر عبر جزر كايمان وتوقعات بوصوله إلى غرب كوبا

GMT 14:30 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف حركة الطيران في مطار بن جوريون عقب سقوط صاروخ

GMT 14:43 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

كندة علوش تعود إلى الدراما بمسلسل ناقص ضلع فى رمضان 2025

GMT 20:13 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات الأحزمة الفاخرة لإضافة لمسة جمالية على مظهرك

GMT 00:38 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أن هناك الكثير من عمليات الغش في فيلادلفيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab