«الحسين» بداية ونهاية

«الحسين».. بداية ونهاية

«الحسين».. بداية ونهاية

 العرب اليوم -

«الحسين» بداية ونهاية

بقلم: د. محمود خليل

العبارة التي تقول: «إرادة الشعب من إرادة الله» تحمل وجهاً مهماً من أوجه الحقيقة في حياتنا المعاصرة، تلتقي فيها فكرة الحرية الإنسانية التي نصت عليها الأديان، مع ما تمنحه الأنظمة الديمقراطية للإنسان من حق في الاختيار.

وتقديري أن من يرفضون هذه المقولة من منظور أن القرآن الكريم تحدث عن أن الأغلبية قد تجتمع -في أحوال- على باطل، لا يفرقون بين الديمقراطية كفكرة بشرية تؤسس لإدارة الحياة على الأرض، وبين المسألة الإيمانية، والخضوع الفردي أو الجماعي لتعاليم الأديان، وهي مسألة منح الله تعالى الإنسان حريته فيها: "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر".

وهو في الحالتين محاسب على إيمانه أو عدم إيمانه. القارىء لسيرة مصطفى النحاس يدرك أنه عاش حياته متمثلاً هذه العبارة، وأنها مثلت جوهراً من جواهر فكره الديمقراطي، ومدرسته في السياسة. فبقدر ما آمن الرجل بضرورة فصل الدين عن السياسة، وبقدر ما أخلص لمبدأ الدين لله والوطن للجميع، كما رسخته تجربة ثورة 1919، وكما جسده حزب الوفد، وكما ترجمه دستور 1923، بقدر ما آمن أن الدين جزء من التركيبة الثقافية للإنسان المصري (مسلماً كان أو مسيحياً)، وأن الوطن يرتقي بمواطن يراعي قيم الدين في سلوكياته، ويلتزم بأخلاقياته في أفعاله وأقواله قدر ما يستطيع.جانب من من تركيبة «التدين المصري» يجد تفسيره في احترام فكرة الموت. فالموت في نظر المصري هو أكثر ما يذكره بالدين، إنه يضعه وجهاً لوجه أمام النهاية الحتمية والمآل الطبيعي لكل إنسان دب على وجه الأرض.

وتستطيع أن تلتقط أبرز خيوط «المزاج الديني» الذي ربط بين النحاس باشا والشعب من استعادة لحظة وفاته، بعد 12 عاماً من اختفائه من فوق مسرح الأحداث. مثّل حدث وفاة الزعيم لحظة استرجاع كبرى للماضي القريب الذي كان الرجل ملء السمع والبصر فيه، وثمة مشهد شديد الدلالة تجده حاضراً في جنازة مصطفى النحاس. فقد صلى عليه كبار المشيعين مبدء خروج الجنازة بمسجد الكيخيا بوسط البلد، ثم بدأت الجنازة في المسير مولية وجهها شطر مقابر البساتين، حييث سيدفن الزعيم، في هذه اللحظات بدأ خبر وفاة النحاس ينتشر في كل اتجاه، فخرج عشرات الآلاف من المصريين من الحواري والأزقة والشقوق لتوديعه، وتكاثرت الأعداد بصورة لم يعهدها المصريون في جنازة من قبل.

وما أن اقترب الجمع الحزين من مسجد الإمام الحسين حتى بادرت الجموع الشعبية الهادرة، وبشكل شديد التلقائية، إلى حمل الجثمان إلى مسجد الحسين للصلاة عليه هناك. هذا القرار حكمته الشيفرة الإيمانية التي جمعت بين المزاج الديني للزعيم والمزاج الشعبي العام. فقد كان الزعيم مثله مثل كل المصريين محباً لأهل البيت، ويكن محبة خاصة لعميدهم الحسين بن علي رضي الله عنه وأرضاه.

وأصرت الجموع الشعبية على الصلاة على النحاس مرة ثانية بالحسين، وربما كانت أكثر صورة خايلت الشيخ الجليل وهو يعالج لحظاته الأخيرة في الحياة صورته وهو طفل يمسك بيد أبيه، حين نزل القاهرة لأول مرة، فاصطحبه في زيارة إلى مقام سبط النبي وأوصاه لحظتها بمصاحبة ظل عميد أهل البيت، حتى آخر لحظة في حياته.

من الحسين بدأت رحلة الزعيم.. وعند الحسين أنهاها بعد 86 عاماً عاشها مخلصاً لوطنه مؤمناً بدينه.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الحسين» بداية ونهاية «الحسين» بداية ونهاية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:33 2025 الجمعة ,10 كانون الثاني / يناير

تفجيرات إسرائيلية تستهدف مناطق متعددة في جنوب لبنان
 العرب اليوم - تفجيرات إسرائيلية تستهدف مناطق متعددة في جنوب لبنان

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab