«هذا بلاغ للناس»

«هذا بلاغ للناس»

«هذا بلاغ للناس»

 العرب اليوم -

«هذا بلاغ للناس»

بقلم: د. محمود خليل

تقدم الآيات الختامية من سورة «إبراهيم» صورة شديدة العمق للنتائج التى تترتب على عبور البشر على ما يتفاعل أمام أعينهم من «آيات» تكشف ما حاق بغيرهم لحظة أن ساء أداؤهم، ورغم ذلك يكررون نفس أدائهم الباهت، ويظنون أن بإمكانهم الحصول على نتائج مغايرة.. وهيهات!.تبدأ الآيات بإنذار للناس: «وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ».

لا يوجد بلاغ أوضح فى محتواه من هذا البلاغ، فمن يختار المقدمات عليه أن يقبل بالنتائج، ومن لا يتعظ بغيره فليس من العقل فى شىء.

والآيات الكريمة تقدم النموذج على ذلك، فحين يحل وقت الدفع، لا بد أن يدفع الإنسان فاتورة أدائه أو عمله كاملة. وعليه أن يتذكر ما سبق وشعر به وأحسه وهو فى قمة السيطرة من أن زواله بات مستحيلاً، وكيف كان يقسم على ذلك: «أَوَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ».

إنها لحظة الحقيقة التى يواجه فيها الإنسان نتائج ما قدم، ولا يظلم ربك أحداً، اللحظة التى يجد الإنسان فيها من يذكّره بأنه سكن فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم.

ربما كان هذا الإنسان نفسه -قبل ذلك- من الساخطين على الظلم، والمنكرين على الظالمين سكناهم منازله، ووقعت أمام أعينهم «آية العقاب» لهم، فلما تبدلت الأوضاع وتخلصوا ممن يظلمهم، فإذا بهم يمارسون بالطريقة ذاتها، بل ويسكنون مساكن الظالمين، ويظنون أن بإمكانهم الإفلات، ويتوهّمون أنهم باقون إلى الأبد.. وذلك هو التغفيل بعينه، لأن الحياة كلها زائلة.

على قدر ما فى خواتيم سورة «إبراهيم» من رعب، بقدر ما فيها من طمأنة، فهى رسالة مرعبة للظالمين، ومحذرة لهم من الاستمرار فى طغيانهم، لكنها فى الوقت نفسه رسالة طمأنة للمظلومين بأن الله تعالى موجود، وأن أحوال الحياة متبدّلة، وأن الصاعدين إلى هبوط، والهابطين إلى صعود: «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ».

تحكى الآيات الكريمة بعد ذلك عقاب الذين قرروا السكنى فى منازل الذين ظلموا أنفسهم، وكيف تسلب منهم حريتهم: «وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِى الْأَصْفَادِ»، وكيف يتعرّضون لأقصى درجات المهانة والإذلال جزاءً وفاقاً على ما أهدروا وما أهانوا: «سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ».تنتهى السورة الكريمة بآية جليلة تقول: «هَذَا بَلَاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ».

إنه بلاغ إلى مَن يريد النجاة بنفسه من الوقوع فى فخ الظلم والظالمين، وإنذار لا بد أن يستوعبه من يهمه الأمر ويحاول تصحيح أوضاعه قبل فوات الأوان، وتؤكد الآية أن العاقل فقط هو من يدرك ما فاته، فالعقل أساس الإيمان، كما أنه أساس الاستقامة فى الحياة، وسر الأداء القادر على النجاة بصاحبه: «وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ».

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«هذا بلاغ للناس» «هذا بلاغ للناس»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab