«ألا بعدًا لعاد قوم هود»

«ألا بعدًا لعاد قوم هود»

«ألا بعدًا لعاد قوم هود»

 العرب اليوم -

«ألا بعدًا لعاد قوم هود»

بقلم: د. محمود خليل

الآية الأولى التي حكى عنها القرآن الكريم بعد "طوفان نوح" تمثلت في "عاد.. قوم هود"، وهي تقدم نموذجاً على حالة المجتمعات التي لا ترى غضاضة في سيطرة ثقافة "التجبر العنيد" على واقعها: "واتبعوا أمر كل جبار عنيد". وأكبر مظهرين لهذه الثقافة كما عبر عنهما القرآن، هما "الطغيان والفساد".العلاقة بين الطغيان والفساد أساسية. فالطغيان يؤدي إلى سيطرة الفساد على الواقع، وسيادة الفساد جوهرها غياب العدالة وفساد الذمم والضمائر، وأيضاً العقول.. وذلك أصل الطغيان.يصف الله تعالى حال قوم عاد وغيرهم بقوله: "الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد". الطغيان معناه ببساطة ظلم الآخر، وانتقاص حقوقه، وأكلها بالباطل. أما الفساد فمعناه البعد عن الاستقامة في التعامل مع معطيات الحياة، بدءاً من البيئة التي يعيش فيها الإنسان، وانتهاءاً بالعبث بمقدرات البشر، والاستئثار بها، وحرمان الآخرين منها.كل ذلك كان يحدث في "مجتمع عاد" رغم أن بعضهم شهد ما حدث لأهل الأرض أيام نوح، أو يعلم عما حدث. لم يلتفت أي منهم إلى النتائج المترتبة على ذلك، وتركوا الأمور تسير على أعنتها، ومن أنكر منهم ذلك خاف مواجهة السائد.أرسل الخالق العظيم إشارة إلى "عاد هود"، تمثلت في توقف المطر عن الهطول فوق أراضيهم لثلاث سنوات متتالية، وتسببت هذه الحالة في الكثير من الخسائر لهم، وساءت أحوالهم بصورة لم يعهدوها من قبل. لحظتها لم يتوقف أحد ليسأل هل ثمة سبب في الأداء يفسر ما يحدث، أم أنها مجرد صدفة؟ الواضح أن الرأي "العادي" استقر على الإجابة الثانية، واعتبر ما يحدث أمراً عارضاً من خارج الأداء.ولا تجد دليلاً على ذلك أصدق مما يحكيه القرآن الكريم عن العقاب الذي حل على "قوم عاد"، فقد تمثل في الغيث الذي ينتظرونه، لكن القرآن وصف هذا المشهد وصفاً عجيباً في قوله تعالى في سورة الأحقاف: "فلما رأواه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم".العارض هو السحاب -كما تعلم- لكن ثمة علاقة بين هذا الوصف القرآني لما تراكم في السماء من قطرات مياه، وفكرة "الأمر العارض"، وهو الأمر غير المتوقع أو المرتب له أو المحكوم بعامل من خارج الأداء. كان "قوم عاد" يستعجلون نزول المطر، وقد فرحوا كثيراً لتلك السحابة التي استقبلت أوديتهم فجأة، وصرخوا جميعاً: هذا هو المطر الذي ننتظره، لكن إذا بصوت الحقيقة يدوي من داخلهم، حين رأوا أن هلاكهم يكمن فيما كانوا ينتظرونه: "بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم".في اللحظات التي كان يحذر فيها "هود" عليه السلام قومه مما يمكن أن يحيق بهم جراء ما وصلوا إليه من "تجبر عنيد" كانوا يضحكون عليه، وكلما مر الوقت يسألونه: "لماذا لم يحدث ما توقعته لنا؟" وكأنهم يستعجلون العذاب: "فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين".انتهى المشهد بآية من آيات الله.. ذهب فيها "قوم عاد" مع الريح.. "ألا بعداً لعاد قوم هود".

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«ألا بعدًا لعاد قوم هود» «ألا بعدًا لعاد قوم هود»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان
 العرب اليوم - يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 01:25 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

الأوركسترا التنموية و«مترو الرياض»

GMT 06:28 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السجائر الالكترونية قد تحمل مخاطر صحية غير معروفة

GMT 00:18 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

قصة غروب إمبراطوريات كرة القدم

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

تحذير من عقار لعلاج الربو يؤثر على الدماغ

GMT 00:08 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يحدث فى حلب؟

GMT 01:36 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عودة ظاهرة الأوفر برايس إلى سوق السيارات المصري

GMT 12:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

بدء أعمال القمة الخليجية الـ 45 في الكويت

GMT 02:12 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

السفارة الروسية في دمشق تصدر بيانًا هامًا

GMT 00:03 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

مي عمر أفضل ممثلة في "ملتقى الإبداع العربي"

GMT 10:19 2024 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

يسرا تتفرغ للسينما بعد خروجها من دراما رمضان

GMT 15:37 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أسلوب نقش الفهد الجريء يعود بقوة لعالم الموضة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab