أكل العيش مُر

أكل العيش مُر

أكل العيش مُر

 العرب اليوم -

أكل العيش مُر

بقلم - محمود خليل

أكل العيش مُر.. وقد يدفع فى أحوال الابن -رغماً عنه- إلى غُبن أبيه. ذلك أحد الدروس التى يمكن أن يخرج منها الإنسان وهو يتأمل حياة الفنان عزيز عثمان.. هل تذكر الرجل؟

عزيز عثمان هو صاحب أغنية «بطلوا ده واسمعوا ده.. ياما لسه نشوف وياما.. الغراب يا وقعة سودة.. جوزوه أحلى يمامة» فى فيلم «لعبة الست» للعظيم الراحل نجيب الريحانى.

هو فى الأصل مطرب له قدراته الصوتية والأدائية، ورث الطرب والغناء عن أبيه الموسيقى الكبير «محمد عثمان» الذى شدا بألحانه أعظم مطربى مصر فى القرن التاسع عشر وعلى رأسهم عبده الحامولى، لكنه كان موجوداً فى عصر أشهر ما تميز به هو مجموعة الحناجر الذهبية التى كانت تغذى الأذن المصرية بأجمل الأغانى والموشحات، وتتسابق على الإبداع فى تلاوة القرآن الكريم والإنشاد الدينى. وصف كمال النجمى فى كتابه «تراث الغناء العربى» صوت «عزيز عثمان» بالأجش والمنفر، رغم أن آخرين لم يروه كذلك، فكل صوت وله مذاقه. وأمام زهد السميعة فى صوته وإيثارهم لصوت أبيه محمد عثمان الذى تألق بالغناء ونافس صوت «الحامولى» اضطر الرجل إلى العمل فى السينما، مستخدماً قدراته الكوميدية اللامعة.

اعتمد عزيز عثمان فى أدائه الكوميدى على السخرية من فن الدور الذى مثَّل القالب الغنائى الشائع فى هذا الزمان، مثل الأدوار التى كان يؤديها أبوه. استوقفه كمال النجمى ذات يوم بعد أن سمعه فى أوبريت «اللى يقدر على قلبى» يغنى ساخراً من قالب الدور على عود محمد عبدالوهاب ويقول: «مربوط ع الدرجة التامنة.. والناس درجات.. ومرشح آخد التاسعة.. غير العلاوات»، عاتبه «النجمى» وقال له: أنت تسخر بهذا الأداء من أبيك محمد عثمان، فرد عليه: أكل العيش مر يا صاحبى. تكرر هذا الموقف بين النجمى وعزيز أكثر من مرة، وكان يقدم له الرد نفسه.

لم يكن عزيز عثمان يغبن أباه ولا الفن الذى قدمه الرائد الكبير، لكنه كان ابن وقته، ويريد أن يعيش بالقواعد والقوانين التى تحكم زمانه، كان غناء زمن «سى عبده» آخذاً فى الأفول، والسينما تزحف على كل شىء، والرجل يريد أن يجد لقدمه موضعاً يأكل منه «عيش» فاضطر إلى تقديم ما قدم.

العجيب أن الغناء الساخر الذى شدا به عزيز عثمان، ووصفه فى خجل بأنه مجرد وسيلة لأكل العيش وكاد يتبرأ منه، يحفظه الكثيرون حتى اللحظة. فأغنية «بطلوا ده واسمعوا ده» لا تزال عالقة بالذاكرة المصرية، ولا يزال البعض يستدعيها فى الأفراح على سبيل التندر والفكاهة، بل وهناك من المطربين من غناها بعد عقود طويلة من وفاة عزيز عثمان، غناها سمير صبرى، وأعاد حميد الشاعرى توزيعها وغناها مع فرقته. وفى الوقت الذى أصبح فيه فن محمد عثمان جزءاً من تاريخ الموسيقى والغناء، تمكن الفن الساخر -الذى كان صاحبه يؤديه لمجرد أكل العيش- من الاستمرار والبقاء.

إنها السخرية الخالدة المعبرة عن الإحساس المرير بالغبن.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكل العيش مُر أكل العيش مُر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab