«وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ»

«وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ»

«وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ»

 العرب اليوم -

«وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ»

بقلم: د. محمود خليل

تحتشد سورة يوسف بمعانٍ شديدة العمق تكشف عن الطبيعة الإنسانية وما تتقلب عليه من أحوال، فثمة آيات جليلة عديدة تشتمل عليها تستحق التوقف أمامها وتأملها.الآية الأولى المحورية لانطلاق الأحداث فى قصة نبى الله يوسف تتحدد فى الآية التى تصف موقف التآمر بين إخوة يوسف «الأحد عشر سبطاً» وتواطئهم على قتله، ويقول المولى عز وجل فيها: «اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ».إنها لعبة الخداع التى يجيد الإنسان ممارستها مع نفسه، حين يقرر ارتكاب حماقة أو يقدم على الوقوع فى وهدة معصية كبرى، فيخيل لنفسه أنها ستكون الأولى والأخيرة، وأنه سوف يتوب بعدها، ويعود إلى جادة الحق والطريق المستقيم «وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ».طبعاً المسألة لا تنتهى كذلك، فلا صلاح بعد ظلم أو جور على البشر، لسببين: أولهما أن الحياة لا تستقر بهذه السهولة بعد أن تتسمم بجور وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وذلك هو ما حدث بالضبط مع إخوة يوسف، فبعد الحماقة التى ارتكبها الإخوة الكبار تنغضت حياة الأسرة بأكملها، فغرق الأب فى بحار الحزن، ولم يعد كما كان مع أولاده، خصوصاً أنه كان يتهمهم فى «يوسف»، ويعلم كيدهم له، وتلاطمت أمواج الحياة، فعلت وهبطت بالأحد عشر سبطاً حتى ألقت بهم فى محنة المجاعة.السبب الثانى أن الإنسان ابن ظرفه، وأى حديث يصدر منه عن عزمه عدم تكرار حماقة وقع فيها أو معصية ارتكبها هو حديث فارغ ما لم يختبر، فالتوبة عند الله جوهرها ترك العمل السيئ، وعدم تكراره مهما ضغطت الظروف، وإتيان الأعمال الصالحة: «وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى».لقد قرر الإخوة الأحد عشر التخلص من «يوسف» بعد أن ظنوا أن أباهم يحبه وشقيقه أكثر منهم: «إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلَالٍ مُّبِين»ٍ، وخدعوا أنفسهم بما توافقوا عليه من أن يتوبوا بعد هذه الجريمة. وحقيقة الأمر أن ذلك لم يحدث، بل كرروا فعلتهم تحت ضغط المجاعة والرغبة فى الحصول على الطعام، حين أضاعوا الشقيق الثانى الأصغر بنيامين، بل واتهموه بالسرقة مع مَن اتهموه، رغم أنهم يعلمون أنه برىء منها، ولم ينسوا أن يجمعوا بين «بنيامين» و«يوسف» فى التهمة: «إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ»، وكما أضاعوا الأول فرطوا فى الثانى، ولما عادوا إلى أبيهم واجهوه بفظاظة حين سأل عن بنيامين، فردوا عليه معلنين له ما حدث: «ارْجِعُوا إِلَى أَبيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ».الترخص فى الحماقة تحت ذريعة «أول وآخر مرة» حالة لا يكتفى الإنسان فيها بخداع نفسه، بل يتصور من خلالها أنه قادر على أن يخادع ربه.. وذلك أحمق الحمق.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ» «وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ»



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد

GMT 18:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هوكستين يؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيخرج بشكل كامل من لبنان

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

استئناف الرحلات من مطار دمشق الدولي بعد إعادة تأهيله

GMT 10:04 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

البيت الأبيض يكتسى بالثلوج و5 ولايات أمريكية تعلن الطوارئ

GMT 08:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يضرب التبت في الصين ويتسبب بمصرع 53 شخصًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab