ومن «الشك» ما قتل

ومن «الشك» ما قتل

ومن «الشك» ما قتل

 العرب اليوم -

ومن «الشك» ما قتل

بقلم - محمود خليل

يظل الشك الزائد عن الحد مرضاً يخنق صاحبه، وقد يدفع به إلى أسلوب فظ فى التعامل مع الآخرين، يفقده تعاطفهم معه، ويوغر صدورهم نحوه إلى حد التخطيط للنيل منه.

الشك من حسن الفطن، حين يكون شكاً متوازناً، بمعنى أن يأخذ شكل الحذر البعيد عن «تخوين الآخرين»، لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده، وهو فى كل الأحوال بحاجة إلى غيره.

على سبيل المثال الزوج الشكاك أو الزوجة الشكاكة يمكن أن يدمرا حياتهما الزوجية بسبب هذا المرض، بل قل إن كل العلاقات الإنسانية يدمرها الشك: علاقات الصداقة والجيرة والزمالة وغيرها.

فثمة فارق كبير بين الشك الهادف إلى الوصول إلى الحقيقة، وذلك من حسن الفطن، والشك من أجل الشك، وهو المرض.

ولا بد أن يتنبه الفرد إلى أن الأجواء التى نشأ أو يعيش فيها قد تجعل منه إنساناً مريضاً بالشك، كما حدث مع الوالى عباس حلمى الأول، حفيد محمد على من ولده طوسون.

مات أبوه «طوسون» فى أوائل العشرينات من عمره، بعد أن أنجبه، وتعهدته أمه السيدة «بنبا قادن» بالرعاية.

كانت الأم تعيش أجواء شك مرعبة، فهى تعلم كم الصراعات داخل الأسرة الكبيرة التى تضم أبناء وبنات محمد على، وكذلك أحفاده.

كان «عباس» يفوق فى عمره بعض أبناء محمد على، مثل عمه سعيد، ولم يكن يزيد عنه فى العمر سوى إبراهيم باشا، وقد شاءت الأقدار أن يتوفاه الله بعد أن اعتلى سرير ولاية مصر ببضعة شهور، ليتولى الحكم من بعده «عباس» نجل شقيقه طوسون.

منذ اللحظة الأولى لجلوسه على سرير الولاية، وهو دائب الشك فيمن حوله، يسيطر عليه إحساس بأن الكل يتآمر عليه، حسداً منهم على ما وصل إليه.

ربما تكون «أم عباس» قد لعبت دوراً فى ذلك من فرط خوفها على ولدها، ربما كان عباس نفسه مريضاً بالشك، ربما ساهم العاملان معاً فى ذلك، لكن النتيجة فى النهاية أن هذه الحالة أثرت عليه كل التأثير، فأنشأ قصراً بعيداً فى «بنها» لا يصل إليه أحد بسهولة، وبدأ يعد العدة لتولية ولده «إلهامى باشا» من بعده، خلافاً للائحة الولاية التى وضعها محمد على، وأحاط نفسه بمماليك أغراب، مبتعداً عن أفراد أسرته.انتهى أمر عباس الأول بالاغتيال على يد اثنين من مماليكه فى قصره البعيد داخل مدينة «بنها».

والعجيب أن الوالى قرّب المملوكين، وأبعد غيرهما خوفاً من الغدر به، فإذا بمقتله يأتى من مأمنه.

يقول بعض المؤرخين إن الأميرة نازلى بنت محمد على هى التى كرت عليه المملوكين ليقتلاه، حقدا منها عليه، وبسبب معاملته المتشككة فى أفراد العائلة، ويقول آخرون إن عمه سعيد هو من يقف وراء مؤامرة اغتياله، لكن لا يوجد دليل واضح على ذلك.

مات عباس حلمى الأول، ولم يستطع ولده إلهامى باشا وراثة الحكم من بعده، وتولى الولاية سعيد باشا نجل محمد على، وطوى التاريخ صفحة «حلمى» الرجل الذى قتله الشك.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ومن «الشك» ما قتل ومن «الشك» ما قتل



جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - سوسن بدر تتحدث عن حبها الأول وتجربتها المؤثرة مع والدتها

GMT 19:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

نابولي يعزز صدارته للدوري الإيطالي بثلاثية ضد كومو

GMT 13:54 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

دعوى قضائية تتهم تيك توك بانتهاك قانون الأطفال فى أمريكا

GMT 14:19 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتجه لتحقيق أكبر مكسب أسبوعي منذ أكتوبر 2022

GMT 13:55 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ارتفاع حصيلة قتلى إعصار هيلين بأمريكا إلى 215 شخصا

GMT 15:57 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء ناقلات نفط إيرانية وسط مخاوف من هجوم إسرائيلي

GMT 06:22 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الوزير السامي

GMT 10:04 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

مصرع 4 وإصابة 700 آخرين بسبب إعصار كراثون في تايوان

GMT 09:20 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

الألعاب الإلكترونية منصة سهلة لتمرير الفكر المتطرف

GMT 13:50 2024 الجمعة ,04 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن غياب موسيالا بسبب معاناته من الإصابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab