ما هو التنوير

ما هو التنوير؟

ما هو التنوير؟

 العرب اليوم -

ما هو التنوير

بقلم - خالد منتصر

فى ظل احتفال العالم بمرور ٣٠٠ عام على ميلاد الفيلسوف العظيم «كانط»، كان لا بدَّ أن نقتبس من نور عقله معنى التنوير الذى ما زلنا عاجزين فى العالم العربى عن فهمه وتطبيقه حتى هذه اللحظة، «كانط» هو الفيلسوف الذى منح العالم فهماً لمعنى التنوير فى مقال شهير، ويعود تاريخ هذا المقال لأواخر القرن الثامن عشر، حيث كتبه الفيلسوف الألمانى إيمانويل كانط رداً على القسيس جوهان فريدريك زولنر، وتم نشره فى «برلين» الشهرية، يقول «كانط»: التنوير هو انعتاق المرء من حالة العجز الذاتى.

العجز هو عدم قدرة المرء على استخدام فهمه الخاص دون توجيه الآخر. إذا لم يكن سبب هذه الحالة، من عدم النضج الذاتى، هو نقص فى ملكة الفهم، فهو بالأحرى، نقص فى الشجاعة والإقدام لاستخدامها دون إرشاد الآخر.

لذلك، يكون شعار التنوير إذن: تحلَّ بالشجاعة لاستخدام عقلك بنفسك.

إن العجز والكسل هما السبب وراء انقياد هذا الحجم الكبير من البشر، على الرغم من أن الطبيعة حررتهم دائماً من أى قيادة دخيلة، إلا أنهم يبقون، بسعادة، عاجزين طوال حياتهم. وللأسباب ذاتها، يكون من السهل جداً، للآخرين أن ينصّبوا أنفسهم قادة ومرشدين.

إنه من المريح جداً، أن لا تكون ناضجاً! إذا كان لدى كتاب يفهم عنى، مرشد روحى أستبدل به ضميرى، دكتور يضع لى خطة غذائية، وهكذا، لن أكون بحاجة لبذل أى مجهود.

لست بحاجة إلى التفكير، ما دمت قادراً على الدفع؛ سيتكفل الآخرون، بالنهاية، بهذه المهمة المتعبة.

الحرّاس الذين أخذوا، وبلطف، على عاتقهم مهمة التوجيه، سيحرصون على أن تكون النظرة، التى تنظر بها البشرية كلها، إلى خطوة التقدم نحو النضج، على أنها ليست فقط صعبة، ولكن أيضاً، خطيرة.

بعد أن سحروا حيواناتهم المدجنة، ومنعوا بحذر، الكائنات المنصاعة، من التجرؤ على أخذ خطوة واحدة، بعيداً عن حبال القيادة التى رُبطوا بها، عليهم الآن أن يظهروا لهم الأخطار التى تحدق بهم، إذا ما حاولوا المشى، بلا مساعدة.

ليس هذا الخطر عظيماً بطبيعة الحال، إذ إنهم سيتعلمون المشى فى النهاية، بعد بضع سقطات. لكنّ مثالاً من هذا القبيل يبدو مرهباً، وغالباً ما ينجح فى إخافتهم عن أخذ خطوات أخرى.

مع ذلك، إنه من الصعب على الفرد أن يشقّ طريقهُ لوحده من حالة عدم النضج هذه، التى أصبحت طبيعة ثانية له.

أصبح معجباً بها، ونراه بالفعل عاجزاً عن استخدام فهمه الخاص فى الوقت الحالى، لأنه لم يُسمح له أن يقدم على هذه التجربة من قبل.

إن العقائد والدوغمائيات، هذه الأدوات الميكانيكية للاستخدام العقلانى (أو اللاعقلانى ربما) لهباته الطبيعية، هى الأغلال والسلاسل لقصوره الدائم.

وإذا ما استطاع أحد أن يرمى عنه هذه الأثقال، فإنه سيظل متردداً حول القفز، ولو فوق أتفه الصعوبات، لأنه لن يكون معتاداً على هذا النوع من التحرك الحرّ.

مع ذلك ثمة قلّة، من خلال صقل عقولهم بأنفسهم، نجحوا فى تحرير أنفسهم من حالة القصور، والاستمرار بشجاعة فى طريقهم.إن الفرصة أكبر فى أن ينور المجتمع نفسه، هذا الأمر حتمى، إذا ما ترك المجتمع المعنى فى حرية.

سيكون هناك دائماً قلّة يفكرون بأنفسهم، حتى ضمن أولئك المعينين كأوصياء على عامة الناس. أمثال هؤلاء الأوصياء، ما أن يتخلصوا بأنفسهم من عبودية العجز، حتى يبدأوا بنشر روح الاحترام العقلانى للقيمة الذاتية، وبواجب كل رجل على أن يفكر بنفسه.

المدهش فى هذا، هو أنه إذا ما قُدّر للجمهور، الذى وضع تحت هذه العبودية من قبل الأوصياء، أن يتم تحريكه بالشكل المناسب من قبل الأوصياء العاجزين عن التنوّر، فإن هذا قد يؤدى بشكل عكسى إلى إجبار الأوصياء أنفسهم، على البقاء تحت هذه العبودية.

إنه لمن المؤذى جداً خلق التعصبات، لأنها تنتقم لنفسها، فى النهاية، من أولئك الذين شجعوها أولاً (أو من ورثة من فعلوا ذلك). لذلك، لا يحقق الجمهور التنوّر إلا ببطء.

قد تضع الثورة نهاية للحكم الأوتوقراطى المطلق، أو للاستبداد الجشع الباحث عن السلطة، لكنها لن تنجح أبداً فى خلق إصلاح حقيقى فى طرق التفكير.

بالأحرى، تعصبات جديدة، مثل تلك التى استبدلت، ستخدم كسوط للتحكم فى الغالبية العظمى، اللامفكرة.

arabstoday

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

ترامب في البيت الأبيض... رجل كل التناقضات والمفاجآت!

GMT 14:33 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

شرور الفتنة من يشعلها؟!

GMT 14:21 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

الإسلام السياسي.. تَغيُّر «الجماعات» و«الأفكار»

GMT 14:20 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

مخيم جباليا الذي اختفى

GMT 14:19 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

يد العروبة من الخليج إلى المحيط

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 05:56 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

برّاج في البيت الأبيض

GMT 05:54 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

المخرج الكوري والسعودية: الكرام إذا أيسروا... ذكروا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما هو التنوير ما هو التنوير



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 16:11 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"
 العرب اليوم - أحمد الفيشاوي يعلق على خسارته جائزة "أحسن ممثل"

GMT 11:30 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عشبة القمح تعزز جهاز المناعة وتساهم في منع السرطان

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

تحالفاتُ متحركة

GMT 05:57 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

هل سيكفّ الحوثي عن تهديد الملاحة؟

GMT 04:01 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

زلزال بقوة 6 درجات يضرب تايوان ويخلف 15 مصابا

GMT 13:20 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

كريم عبد العزيز يتّخذ قراره الأول في العام الجديد

GMT 13:09 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

بعد 22 عاما محمد سعد يكشف سرّاً عن فيلم "اللي بالي بالك"

GMT 13:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

محمد منير يواصل التحضير لأعماله الفنية في أحدث ظهور له

GMT 08:47 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

جائزة هنا.. وخسارة هناك

GMT 09:11 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

الشرق الأوسط بين إرث بايدن وتأثير الترمبية

GMT 09:12 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

عاد ترمب... الرجاء ربط الأحزمة

GMT 09:16 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

لفائف لا مجلّد

GMT 09:15 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

حماس تخطف اللحظة والصورة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab