بقلم:خالد منتصر
تعرفت الى كتب الكاتبة والمترجمة العراقية لطفية الدليمي منذ فترة قريبة ،وألوم نفسي على تأخر تلك المعرفة لأنني اكتشفت أنها تمتلك رشاقة لغة وبلاغة تعبير تقترب من الموسيقى ، حتى في ترجماتها التي تتناول موضوعات علمية معقدة مثل الفيزياء ،لم تتنازل عن تلك الرشاقة والايقاع الموسيقي ،تكتب وكأنها تعزف على أصابع بيانو ، أو تنسج سجادة فارسية ، أختار لكم من كتابها الجميل" عصيان الوصايا" ماكتبته عن ألم الحرمان من الكلمة ومن الكتابة ،كتبت لطفيه الدليمي:لا يدرك وجع الحرمان من الكتابة ومرارة العجز عنها سوى كاتب سرقت من روحه الكلمة ، لايحس الام فقدان الكلمة سوى شاعر عجز عن قطف الكلمات اليانعة من شجر اللغة وحيل بينه وبين اقتناص المعامي بتعطيل مخيلته، فان شئت للكاتب قصاصاً ينهك قلبه ويوجع جسده فيمكنك أن تحرمه من كل وسيلة للكتابة، وبذلك تسلبه معنى وجوده وتقطع نبض الحياة الحيوي عن جسده ، فالكاتب لا يجد أماناً إلا في صحبة الكلمات الجديدة ، إسجنه ، ولكن امنحه قلماً وورقاً فسوف يحيا، ضعه في معزل عن كل وسائل الاتصال وامنع عنه الورق والأقلام فسوف يذري وتذبل روحه وتفتر همته، نزدهر بالكلمات أو نندحر، نرتقي بها أو تخذلنا ، فبالكلمات تحددت المصائر وبها صنعت مفردات الحضارة ومبتكرات العقل وبها نتحدى وحدتنا وأحزاننا ، وبالكلمات نبرر أفعالنا وأخطاءنا وأهواءنا ، وبها نغوى وبسحرها تغمرنا النشوات أو نركن الى الآمال العظيمة.