بقلم - خالد منتصر
هل من الطبيعى أن تدخل شقتك من خلال نافذة المطبخ وليس من الباب؟، بالطبع لا، وإلا ظنك الجيران لصاً، كذلك الدواء لا بد أن يُعترف به من خلال الأبواب الشرعية، الدواء وأى وسيلة علاج له باب ملكى واحد فقط لفك شفرته والاعتراف به وتحويله من رقم كودى إلى دواء وعلاج يعترف به العالم وتحتفى به الدنيا وينفع مرضى الوطن والكون، هذا الباب معروف، هذا الباب ليس البرامج التليفزيونية ولا المؤتمرات الصحفية ولا البروباجندا الفضائية، ولكنه باب المجتمع العلمى، العلم لا يتسلق المواسير، ومن يقر ويعترف بالدواء والعلاج هى الأوساط العلمية فقط، لذلك ما يفعله أى أستاذ يجلس فى الاستوديوهات للدعاية لدواء أكثر مما يجلس فى بيته أو عيادته هو للأسف الشديد ضياع وقت ومجهود ونفخ فى قربة مقطوعة، فالباب واحد ومعروف، ومن يحكم على أبحاثك ليس جمهور المشاهدين وإنما جمهور العلماء من أساتذتك وزملائك وحتى تلاميذك، المناقشة العلمية المفتوحة للنتائج وكيفية إجراء البحث هى الفيصل، فلماذا نصر على الدخول من شباك التليفزيون ما دام لدينا باب شرعى ووحيد وواضح ومعتبر ومعترف به اسمه المؤتمر العلمى والدراسة فى مراكز بحثية معتمدة، لماذا صار كل همك يا أيها الأستاذ الأكاديمى المحترم أن تعمل مندوب دعاية؟ لماذا صارت مهمة التسويق الإعلامى التى هى ليست مهمة أستاذ الطب على الإطلاق هى شغلة الكثيرين الشاغلة الآن؟، نحن كلنا أمل فى نهضة علمية مصرية بأيدٍ مصرية ولكن لا بد أن تكون نهضة قائمة فعلاً على أسس علمية حقيقية، لكن للأسف لو شرحت وكررت مليون مرة فى مليون برنامج عظمة دواء لن يمنح كل هذا المصداقية العلمية والاعتراف الطبى له وأنت تعرف ذلك جيداً، لو أحضرت بدلاً من 400 مريض أربعة آلاف يتحدثون عن التجربة ونجاحها ليس هذا طريقاً علمياً للاعتراف بالدواء أيضاً، لا ينفع أن يقول أستاذ لتدعيم نتائجه إن فكرة الدواء موجودة فى تراثه الدينى مثلاً، فمن سيحكم على فاعلية الدواء ليست هيئة علماء الأزهر وإنما هيئة علماء كليات الطب!، لن يُمنح أى دواء قُبلة الحياة وتُنفخ فيه الروح إلا من خلال مروره من باب الوسط العلمى الأكاديمى، لا ينفع أن نقول عملنا كذا وكذا وهذه هى النتيجة النهائية بعد أن وصلنا إلى سطح العمارة، فلابد بعد كل خطوة وبداية من البدروم نشر النتائج ثم الانتقال بعد مناقشتها إلى الدور التالى وهكذا، الإصرار على نقل قضية مناقشة نجاح أى دواء من ساحة العلم إلى ساحة الإعلام هو استنزاف لطاقة هذا الوطن واستدعاء لمعارك جانبية إضافية لمجتمع مثخن بالجراح، الباب واحد ومعروف وعليه لافتة مضيئة، والدخول من الشباك حتماً يثير الريبة والشك ونحن لم نعد فى احتمال ريبة ولا شكوك.