بقلم - خالد منتصر
لو قال المتنبى اليوم «عيد بأية حال عدت يا عيد»، سيكون ردنا عليه «جاء بتجديد بل بثورة»، العيد العالمى للمرأة ٨ مارس ٢٠٢٢ جاء ومعه ٩٨ قاضية على منصة القضاء، لأول مرة فى مجلس الدولة فى تاريخ مصر تحدث تلك القفزة الثورية التى كانت أصعب من قفزة أرمسترونج على سطح القمر! لحظة تاريخية مجيدة لها دلالة على طريق الدولة المدنية والجمهورية الجديدة، ما زالت جدارية الحلم تحتاج إلى أطياف ألوان كثيرة، الكل يدرك ذلك وأولهم الدولة، لكن المهم أننا قد بدأنا، فى هذا اليوم لا بد أن نتذكر د. عائشة راتب أول من ناضلت وكافحت وعانت وتعنت معها الجميع وهى تبحث عن تلك اللحظة، رفض الجميع جلوس خريجة الحقوق المتفوقة على كرسى القضاء، وكانت بالنسبة للبعض معركة حياة أو موت، هى حقاً صارت أول سفيرة وثانى وزيرة ونجمة لامعة فى سماء السياسة، تعالوا نعرف قصة المعاناة الأولى فى معركة التحقق التى خاضتها امرأة نيابة عن بنات مصر وقتها، أقامت عائشة راتب دعوى قضائية عام 1949 قالت فيها إنها حاصلة على درجة جيد جداً تؤهلها للتقدم إلى وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، ولم يتم تعيينها وطالبت بالحكم بتعديل القرار بحيث يشملها التعيين مع حفظ حقها فى التعويض، وهى القضية التى قضت المحكمة برفضها، تعالوا نقرأ ماذا قالت المحكمة وقتها، قالت المحكمة فى حيثيات حكمها برئاسة السيد على السيد بك وكيل المجلس، إنه على الرغم من أن المعينين 11 شخصاً وهى كانت بحسب مجموع الدرجات الثامنة فى الترتيب، إلا أن قصر بعض الوظائف كوظائف مجلس الدولة أو النيابة أو القضاء على الرجال دون النساء لا يعدو هو الآخر أن يكون وزناً لمناسبات التعيين فى هذه الوظائف تراعى فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية شتى الاعتبارات ومن أحوال الوظيفة وملابساتها وظروف البيئة وأوضاع العرف والتقاليد.
لم يصبها اليأس، تقدمت بعد عام واحد من إقامتها دعوى التعيين، وتحديداً فى 5 أبريل 1950، بمذكرة لما كان يسمى آنذاك بإدارة قضايا الحكومة (هيئة قضايا الدولة حالياً)، مطالبة بتعيينها محامية بالإدارة، إلا أن الرد جاء بالرفض فى غضون أيام، وأوضح خطاب سكرتير عام إدارة قضايا الحكومة بأن طلب عائشة أحيل إلى النيابة الحسبية طوعاً لأمر مدير الإدارة ونزولاً على إرادة وزير العدل. وفى جلسة 22 ديسمبر 1953، بعد ثلاث سنوات، حكم المستشار عبدالرزاق أحمد السنهورى برفض الطعن، قائلاً إن الوقت لم يحن لتتولى عائشة منصباً فى إدارة القضايا أو فى النيابة العامة، ولم يثبت للمحكمة أن هذا التقدير قد شابه تعسف أو انحراف.
لو أطلت روح عائشة راتب علينا الآن لوجدت حلمها قد تحقق، وحفيداتها يجلسن على المنصة فى فخر وثبات وثقة، أتمنى فى هذا اليوم أن يتم تكريم اسم هذه السيدة العظيمة.