هل يعمِّق الشرق الأوسط الانقسام الأميركي

هل يعمِّق الشرق الأوسط الانقسام الأميركي؟

هل يعمِّق الشرق الأوسط الانقسام الأميركي؟

 العرب اليوم -

هل يعمِّق الشرق الأوسط الانقسام الأميركي

بقلم - إميل أمين

 

هل كان المجتمع الأميركي في حاجة إلى المزيد من مسببات الانقسام، لتأتي المواجهات المسلحة مؤخراً في الشرق الأوسط، لتعمِّقها على معظم الأصعدة، سياسياً ومجتمعياً، عقائدياً وفنياً، إعلامياً وأدبياً؟

المؤكد أنه لم تكن أميركا في يوم من الأيام، منقسمة في داخلها، كما حالها في حاضرات أيامنا، وقد كان الجميع يتوقع أن تنطلق معركة المشارعات والمنازعات الكبرى، على عتبات الانتخابات الرئاسية القادمة 2024، غير أن نوازل صراع غزة، وردّات الفعل الإسرائيلية، عجَّلت بالموعد.

غريب شأن الداخل الأميركي هذه الأيام، فقد درج الأميركيون تاريخياً، على نُصرة إسرائيل في كل الأحوال، غير أن المتابع لما يحدث هناك من بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، يدرك أن شيئاً ما تغيَّر في المزاج الأميركي. لتكن البداية من قلب الدبلوماسية الأميركية، حيث تتبدى هناك حالة إحباط واسعة لدى قطاع عريض من الدبلوماسيين، غير القابلين لمواقف إدارة بايدن.

لم يتوقف المشهد عند مجرد المشاعر أو الأحاسيس، بل تحول إلى ما يشبه الحركة التي تنذر بتمرد يختمر في الأروقة، وفق صحيفة «هافنغتون بوست»، التي أشارت إلى تجاهل وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وكبار مستشاريه لما يجري، لا سيما في ضوء إعداد المعترضين «وثيقة معارضة» رافضة للنهج الأميركي تجاه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني.

بعض هؤلاء مثل الدبلوماسي المخضرم جوش بول تقدم باستقالته بالفعل، ما عُدّ خسارة كبرى للوزارة. مثل هذه الوثائق المعارضة، لا سيما إذا كانت جماعية، تعكس في واقع الأمر «طريقة حيوية لرفع وجهات النظر المعارضة من دون الخوف من تلقي ضربات انتقامية، لأن سياسات الوزارة تمنع الانتقام من الأشخاص الذين يستخدمونها».

يتساءل المراقبون لمشهد الخارجية الأميركية: «هل ما يحدث انقسام أم تغيير جوهري في مكونات الدبلوماسية الأميركية؟».

الجواب يحتاج لقراءة قائمة بذاتها، وبخاصة في ظل الفارق الكبير بين الخارجية الأميركية في عام 1967 واليوم، حيث التركيبة الديموغرافية للبلاد تتحول في غير صالح جماعات «الواسب»، والموالين لإسرائيل بشكل مطلق، المتحررين من النظريات الدوغمائية التاريخية التي ربطت بين أميركا التي عدّها البعض أرض كنعان الجديدة، وبين إسرائيل التوراتية التي كانت.

هنا تبدو النتيجة الحتمية، صعود فريق جديد في داخل صفوف الدبلوماسية الأميركية، يأخذ في الاعتبار مستقبل العلاقات السياسية بين الولايات المتحدة الأميركية، وبقية العالمين العربي والإسلامي، فهناك من هو حريص عليها، ضمن رؤى استشرافية تتجاوز الأطر القديمة، ومن غير خوف من توجيه اتهامات بمعاداة السامية في الداخل الأميركي. تقودنا لفظة السامية إلى الانقسام الذي طال التجمعات اليهودية الأميركية، التي كانت ولا تزال من أهم ركائز دعم دولة إسرائيل من خلال «اللوبي اليهودي» الشهير.

بدأ الاهتمام الإسرائيلي بحال ومآل اللوبي بنوع خاص، بعد أزمة حرب السويس 1956. حيث ضغط أيزنهاور على إسرائيل للانسحاب، ويومها أدرك قادة الدولة العبرية، كما تحدّث بن غوريون أن «أي كونغرس قوي قادر على تدمير إسرائيل بأقوى صورة من الجيوش العربية».

اليوم يزداد انقسام هذا اللوبي، الذي انشقّت منه بالفعل جماعة عريضة مثل «جي ستريت»، الرافضة للنهج الإسرائيلي التي تَعد تصرفات حكومات تل أبيب في آخر عقدين بمثابة كارثة تصب على رأس اليهود في العالم كله. تابعَ العالم المظاهرات الحاشدة للجماعة اليهودية العلمانية، «منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام (JVP)»، التي ارتفع صوتها قائلة: «نحن نرفض مشاهدة ارتكاب الحكومة الإسرائيلية إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة».

تؤمن الجماعة، حسب منشوراتها، بأن «جذر العنف هو القمع»، ولهذا احتشدوا داخل الكونغرس، في إشارة رمزية لا تخلو من الدلالات، كي يُعدل صاحب الموازين، ساكن البيت الأبيض من الاختلالات الجوهرية في سياساته الدولية.

عُرف يهود نيويورك بنوع خاص بحضورهم الفاعل في دعم إسرائيل، وقد تابع صاحب هذه السطور في مايو (أيار) 1998، أي في الذكرى الخمسين لمولد دولة إسرائيل، كيف تم إغلاق شوارع مانهاتن للاحتفال بالحشود المؤيدة.

اليوم يشارك المئات من أعضاء الجالية اليهودية في نيويورك رفضاً للاعتداءات ضد غزة، وقد حمل بعضهم لافتات كُتب عليها: «اليهود يقولون أوقفوا الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين»، فيما يصرح البعض الآخر بالقول: «كيهود نحن هنا اليوم لنقول: لا تفعلوا هذا باسمنا. ليس باسمنا». الرافضون من اليهود الأميركيين المتدينين، مثل جماعة «ناتوري كارتا» أو «حراس المدينة»، وهي حركة عقائدية تأسست عام 1935 وترفض قيام دولة يهودية، انضموا بدورهم إلى هؤلاء وأولئك. بلغ الانقسام تجاه معارك الشرق الأوسط ساحة هوليوود، وقد جرى العرف أنها منصة إطلاق صواريخ فنية، تدعم السياسات الأميركية المؤيدة لإسرائيل كافة. غير أن المشهد هذه المرة أخذ يتحول بدوره، فعلى الرغم من قيام عدد من مشاهير هوليوود بالتوقيع على رسالة لدعم قوات الاحتلال، فإن طائفة أخرى، ومن بينهم الكوميدي جون ستيورات وخواكين فينيكس وغيرهما، وجّهوا رسالة إلى الرئيس الأميركي بايدن يحثونه فيها على الضغط من أجل وقف إطلاق النار في إسرائيل وغزة.

الانقسامات الأميركية طالت الكثير من الإعلاميين والكتاب، والأدباء والمبدعين، ما يقطع بأن شيئاً ما عميقاً تغيَّر في العقلية الأميركية.

أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «سي بي إس نيوز» أن 56 في المائة من المشاركين لا يوافقون على تعامل بايدن مع الأزمة الراهنة، في حين يعتقد 53 في المائة أنه لا ينبغي للولايات المتحدة أن ترسل لإسرائيل المزيد من الأسلحة. نسبة عدم الموافقة على تعامل إدارة بايدن بين الناخبين الجمهوريين وصلت إلى 72 في المائة، فيما ذهب 61 في المائة من الديمقراطيين إلى ضرورة أن يبذل بايدن المزيد من الجهد لتشجيع الحل الدبلوماسي وبعيداً «عن لغة البندقية».

هل أميركا على مشارف المزيد من التشظي والانقسام؟ ومَن سيدفع الثمن: بايدن من فرصة رئاسة ثانية، أم الإمبراطورية المنفلتة من استقرارها في الداخل أول الأمر، ووزنها الأخلاقي في الخارج تالياً؟

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يعمِّق الشرق الأوسط الانقسام الأميركي هل يعمِّق الشرق الأوسط الانقسام الأميركي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان

GMT 23:03 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تكسر قاعدة ملكية والأميرة آن تنقذها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab