هواجس روسية أم حقائق أميركية

هواجس روسية أم حقائق أميركية؟

هواجس روسية أم حقائق أميركية؟

 العرب اليوم -

هواجس روسية أم حقائق أميركية

بقلم - إميل أمين

على هامش أعمال منتدى ميونيخ الأخير، في أواخر شهر فبراير شباط المنصرم، تحدث المحلل السياسي الروسي، ألكسندر فوسيتش، عن الهول الأكبر الرابض خلف الأبواب، والمتمثل في احتمالات تطور الصراع المسلح في أوكرانيا، إلى حرب عالمية ثالثة.

هل السيد فوسيتش يتجاوز المشهد الآني بأبعاده المخيفة حقا، أم أنه يصف الحالة الجيوسياسية لمشهد أممي قابل للانفجار، بين عشية وضحاها؟

قبل بضعة أيام، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن مجلة تابعة للجيش الروسي أنباء تفيد بأن موسكو تطور استراتيجية عسكرية من نوع جديد، تستخدم الأسلحة النووية لحماية البلاد من عدوان أميركي محتمل.
المقال الذي نشر في مجلة " فوينايا مايسل" أو "الفكر العسكري"، خلص إلى أن واشنطن قلقة من فقدان هيمنتها على العالم، ولذلك أعدت "على ما يبدو" خططا لضرب روسيا لتحييدها.

هل موسكو صادقة فيما تدعي أم أنها هواجس وريبة تنتابها، وتدفعها للولوج عبر عتبات البوابة النووية، ذات الطريق الواحد المهلك للزرع والضرع؟

يمكن القطع بأن واشنطن، وكما اتضح من خلال زيارة الرئيس بايدن إلى أوكرانيا، عازمة على دعم أوكرانيا، وعدم السماح بانتصار روسيا، مهما كلف الأمر.

في هذا السياق، كان الأمين العام لحلف الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، الأكثر وضوحا، ذلك أنه رغم تخوفاته من أن يؤدي المشهد إلى صراع عالمي نووي، إلا أن ذلك لم يمنعه من الإقرار بأن هزيمة أوكرانيا أمر لن يسمح به، لأن معناه ومبناه سيفتح الباب أمام الروس للتمدد غربا، ما يضع أوروبا في مخاطر جذرية.

تكاد الرؤى المتقدمة تقود القارئ لنتيجة واحدة، وهي حتمية الصراع الواسع والممتد، لاسيما في ضوء الحقائق المتعلقة بتراجع الهيمنة الأميركية، وربما نهاية عهد ما قد رأته النخبة الأميركية الحاكمة قبل بضعة عقود، من المحافظين الجدد،" الباكسا أميركانا " على وزن " الباكسا رومانا"، في زمن الإمبراطورية الرومانية.

ليس سرا القول إن الخبراء الروس يعكفون مؤخرا على تطوير شكل واعد من الاستخدام الإستراتيجي للقوات المسلحة الروسية، الأمر الذي يقتضي استخدام الأسلحة الإستراتيجية الهجومية والدفاعية الحديثة، وكذا الأسلحة النووية وغير النووية، مع الأخذ في الحسبان أحدث التقنيات العسكرية".

لا يبدو حديث مجلة "الفكر العسكري " الروسية بعيدا عن توجهات الرئيس بوتين، فالذين تابعوه خلال لقائه الأخير مع قيادة الأمن الفيدرالي، أدركوا أن هناك لغة قريبة جدا، لاسيما في ضوء حديثه عن ضرورة استخدام ما سمّاه، كل الوسائل الضرورية اللازمة للرد على التهديدات التي تمثل خطرا على الأمن القومي الروسي.

والثابت أنه لا يمكن فصل كلمات القيصر بوتين الأخيرة، عن نقاط ملتهبة سابقة، توقف معها أكثر من مرة، وتسببت في فزع كبير للمجتمع الأممي، إذ اعتبر أن العقيدة النووية الروسية، تلك التي لم تكن في مخططاتها من قبل، القيام بالضربة الأولى، لابد لها أن تتغير، بحيث لا تنتظر روسيا صواريخ الأعداء النووية، بل تبادر هي بالفعل، لتكون لها اليد العليا في المشهد النووي حال القارعة.

من هنا يحاجج عدد بالغ من كبار العسكريين الروس بأنه على موسكو أن تبين للأميركيين قصورهم عن شل نظام الصواريخ النووية الروسي، وأن واشنطن لن تكون قادرة على صد ضربة انتقامية.

تكاد بعض الأصوات الأميركية، مثل العضو في مجلس النواب، تولسي غابارد، والتي تركت الحزب الديمقراطي مؤخرا، تؤمن بأن واشنطن تسعى بالفعل إلى إشعال حرب نووية عالمية، وأن الدعم الأميركي الذي فاق 100 مليار دولار لأوكرانيا، إنما يعني أمرا واحدا، وهو أن واشنطن تسعى لإدخال العالم في مواجهة، لن تنفك تتحول إلى صراع يحمل إرهاصات النهاية للبشرية، حال استخدام الأسلحة النووية.
سريعا ما يترجم الروس تنظيراتهم عن المواجهة النووية، في ضوء الإصرار الأميركي على المجابهة والانتصار في معركة أوكرانيا ولو بالوكالة.

من علامات الترجمة الروسية، ما أبداه بوتين من رغبة في تقويض أسس الحد من الأسلحة النووية، بما في ذلك وقف القوى الكبرى للتجارب النووية، ما لم يتراجع الغرب عن التدخل في أوكرانيا.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي خطابه بمناسبة يوم " المدافع عن الوطن "، صرح سيد الكرملين بأنه سيتم نشر صواريخ باليستية عابرة للقارات من طراز "سارمات " هذا العام، وقد كان من المفترض نشر تلك الصواريخ العام الماضي.

عطفا على ذلك جاءت تأكيدات بوتين على أن روسيا ستواصل الإنتاج الضخم لأنظمة كينجال فرط صوتية، وستبدأ في إنتاج كميات كبيرة من صواريخ زيركون الأسرع من الصوت التي تطلق من البحر.
يبدو من الواضح جدا أن الروس لن ينتظروا تقدم الناتو على الأرض في أوكرانيا، ولهذا فإن ميادين الصراع تتسع يوما تلو الآخر، وربما كان آخرها نشر أسطول الشمال لأول مرة منذ 30 عاما، حاملا أسلحة نووية تكتيكية، بحسب تقارير إستخباراتية.

حاليا يضم أسطول الشمال، حوالي ثلثي السفن البحرية الروسية العاملة بالطاقة النووية، وفي 2017، أصبح أسطول الشمال الروسي المقر الرئيسي لأنظمة الحرب الإلكترونية في سمرقند، ومنذ العام 2018، بدأ الأسطول عينه، تسيير الدوريات الجوية المنتظمة للقطب الشمالي بطائرات بعيدة المدى مضادة للغواصات.

مهام هذا الأسطول هي الدفاع عن البحار القطبية الشمالية بطول الحدود الشمالية لروسيا في بحر بارنتس وبحر كارا، والطرق البحرية الشمالية الغربية في بحر النرويج والمحيط الأطلسي.
قرأ الروس جيدا إستراتيجية القرن الأميركي للمحافظين الجدد، التي رُسمت خطوطها عام 1997، ولاحقا ترجمت في زمن باراك أوباما، وهيلاري كلينتون، في صورة سياسة " الاستدارة نحو آسيا "، ومن ثم حصارها إلى أبعد حد ومد.

اليوم يستشعر الناتو القلق من نشر أسطول الشمال النووي الروسي، رغم تقليل الدوائر الغربية من تهديدات بوتين المتكررة باستخدام الأسلحة النووية، في الصراع الدائر مع الغرب على الأراضي الأوكرانية.
تتسارع الأحداث وكأنها كرة الثلج، ومع الإصرار الغربي على التصعيد، وزخم أوكرانيا بأسلحة هجومية جديدة، كفيلة بتغيير ميزان الانتباه العسكري على أرض المواجهات، تبقى الهواجس الروسية محل تقدير، في مواجهة حقائق أميركية ثابتة تجاه السيطرة على العالم، ويبقى الهول الأعظم قائما وربما قادما في كل الأحوال.

arabstoday

GMT 05:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 20:10 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

خواطر حول الوطن والإنسان

GMT 12:25 2024 الخميس ,21 آذار/ مارس

كريم عبدالعزيز ومواصفات السوبرستار

GMT 19:23 2024 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

رأسمالية مصر الجديدة

GMT 19:23 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

معركة «تيك توك» وأسئلة القيم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هواجس روسية أم حقائق أميركية هواجس روسية أم حقائق أميركية



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - العرب اليوم

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 12:44 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 22

GMT 03:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:37 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 18:19 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

بيروت - جاكلين عقيقي

GMT 05:57 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:27 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:32 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:22 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:17 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:51 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 06:01 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 22:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

مبابي يُفاجئ باريس سان جيرمان بخطوة جريئة

GMT 04:33 2023 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 18 أبريل / نيسان 2023
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab