جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب

جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب

جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب

 العرب اليوم -

جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب

بقلم - إميل أمين

في طريقها لتعزيز التحالف الحضاري، ونشر السلام، بين كافة الأمم والشعوب، دشنت رابطة العالم الإسلامي في نيويورك الأسبوع الماضي، مبادرة جديدة جاءت تحت عنوان " بناء جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب".

المبادرة الأحدث في سلسلة أعمال الرابطة التي تبغي تغيير وجه العالم، جاءت في وقت قيّم وفاعل، حيث العالم يعاود الشكوى من صحوة القوميات، وصراع الهويات القاتلة، ناهيك عن انبثاق الشوفينيات الضارة شرقا وغربا.

يمكن القطع بأن جهود رابطة العالم الإسلامي، في حاضرات أيامنا، باتت علامة مضيئة في طريق تعديل الأوضاع وتغيير الطباع، لجهة عالم أكثر إنسانوية، تتعايش فيه الحضارات لا أن تتناحر، وبهدف الوصول معا إلى ميناء الخلاص فرادى وجماعات، وهذا كله ضمن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 والتي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث طاقات النور من التغيير والتطوير تنفتح من السعودية، على كافة أرجاء العالم.

في كلمته الافتتاحية أشار معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ الدكتور عبد الكريم العيسى، إلى أهمية تعزيز التحالف الحضاري، موضحا كيف أن لكل حضارة هويتها الخاصة بها، التي لابد من تفهم حقها في الوجود، مهما كان الخلاف معها.

تنطلق جهود الرابطة في سياق التواصل والتعارف بين الأمم والشعوب، من نداء إلهي في كل الشرائع السماوية، وفي الإسلام تحديدا، تقول الآية القرآنية الكريمة: "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا".
تحمل هذه الجهود عالمنا المعاصر على قبول فكرة التنوع والتعددية، كحكمة ربانية، ومن هنا يتضح جليا أن القول بحتمية ذوبان أو انصهار الحضارات الإنسانية في حضارة واحدة، أمر غير ممكن تحقيقه في الحال أو الاستقبال.

تعلمنا تجارب الأمم السابقة أن أفضل تعريف لفكرة الحضارة، هو اعتبارها وعاء للمساهمات البشرية عبر التاريخ، صب فيه البعض حال الفيض، وأخذ منه البعض الآخر وقت الجدب، وبهذا باتت الحضارة شراكة إنسانية واحدة.

ولعله من أصدق القول، في حديث الشيخ العيسى، إن التاريخ الإنساني من حين لآخر، يزودنا بصور مؤلمة لنتائج صدام حضاري بين الشرق والغرب نشا في بدايته عن تبادل النظرات والعبارات الحادة، على الرغم من القرب الشكلي من بعض، إضافة إلى استدعاء أحداث تاريخية سياسية ومادية لا تمثل حقيقة الوعي الروحي لأتباع الأديان ولقاء الأمم والشعوب، وإنما يتحملها أصحابها سواء صدرت عن بعض المحسوبين على الشرق أو الغرب.

جهود الرابطة في واقع الأمر ومن خلال متابعة دقيقة في السنوات الأخيرة، تقودنا إلى القطع بأن هناك نوايا صالحة للعبور فوق جسور الاتفاق، ومغادرة دروب التشظي والافتراق.

ما يخرج اليوم من قلب المملكة العربية السعودية، ومن جديد في سياق رؤية التنوير 2030، لهو من صميم الثقافة العربية والإسلامية، تاريخيا وتراثيا، حضاريا ومعرفيا، تلك الحضارة التي اهتمت بالآخر والحوار معه، ووضعت منهجا ثريا للحوار سمّته بالمناظرة، بينت فيه أصول الحوار وقواعده وشروطه وضوابطه، ونظرت إلى الحوار بوصفه معرفة ويؤدي إلى معرفة، وسيلته الأساسية السؤال الهادف إلى الحصول على المعرفة الموضوعية.

على سبيل المثال لا الحصر، نصح الأديب العربي الكبير الجاحظ في رسائله بعدم تعصب الإنسان لرأيه إذا تبين خطؤه، ونهى عن العصبية التي هلك بها عالم بعد عالم، والحمية التي لا تبقي دينا إلا وأفسدته ولا دنيا إلا أهلكتها".

أما الفيلسوف والأديب والمتصوف العربي الكبير، أبو حيان التوحيدي، ففي كتابه "الإمتاع والمؤانسة"، فقد تطرق إلى أهمية الحوار وشروطه فبين أن الهدف من المناظرة هو معرفة الحقائق التي عند كل طرف من أطرافها، لأن لكل أمة فصائل ورذائل، ولكل قوم محاسن ومساوئ، ولكل طائفة من الناس في صناعتها وحلها وعقدها كمال وتقصير.

تقوم رابطة العالم الإسلامي في فعالياتها ومبادراتها، على إدراك ما أدركه علماء المسلمين وفلاسفتهم، من أن الإنسان لا يمكن أن يملك الحقيقة كاملة، وهو ما نجده عند أحد علماء السنة، أوبو الفتح الشهرستاني، في مؤلفه العمدة "الملل والنحل"، حيث يؤكد على أن "الحق والحقيقة منبتان في كل ملة ونحلة، وأنه لابد من ضوابط وقواعد للحوار لئلا يمس جدلا وعنادا".

تفتح مبادرة " جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب" أعيننا على حقائق بشرية لا مناص عن الإقرار بها، وفي مقدمها القول بأن الجور طبع في الإنسان، أما العدل فهو تطبع، وكما أن الظلم السياسي تلقائي من الطبيعة البشرية، فإن الإنصاف تكلف ومجاهدة، لذلك الأديان كلها جاءت برسالة تحقيق العدل.
أنفع وأرفع ما تقدمه رابطة العالم الإسلامي اليوم، أنها تفتح وسط تضاريس الكراهية مسارات للمودات، وعوضا عن دعوات الصدام، تسعى في تأكيد مدارات الوئام.

ولعله من نافلة القول، أن كل ما يحتاجه الشر لينتصر هو أن يقف أهل الخير أمام مشاهد الظلم دون أن يفعلوا شيئا، أما حين تتضافر جهودهم وتتراص صفوهم دعما لكل ما هو خير وعدل وحق، فإنهم بذلك يضحون قادرين على تغيير مآلات عالمنا المعاصر.

دعوة الرابطة التي انطلقت من الأمم المتحدة في نيويورك، ووجدت صدى طيبا عند كافة المشاركين في هذا الحدث الكبير والبناء، أجملها الشيخ العيسى في دعوته للجميع من أجل تمحيص التاريخ الإنساني وقراءته قراءة صحيحة، والتنبه إلى ما في بعضه من تزوير أو مبالغة أو تحليل خاطئ أو متطرف.

وفي جميع الأحوال فإن سبيل العقلاء هو حكمة الحوار الفاعل والمثمر واستيعاب طبيعة هذه الحياة التي نتشارك العيش فيها كما تشاركنا متاعبها، وأقرب مثال لذلك جائحة كورونا التي طالت الجميع دون استثناء.
هل المبادرة الأحدث للرابطة نتاج مثمر لوثيقة مكة المكرمة التي أبرزت حقيقة الإسلام تجاه أتباع الأديان والحضارات وعدد من القضايا المُهمة في عالمنا؟
مؤكد أن الأمر بالفعل على هذا النحو .

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب جسور التفاهم والسلام بين الشرق والغرب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تنسيق الأوشحة الملونة بطرق عصرية جذابة

GMT 09:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات أوشحة متنوعة موضة خريف وشتاء 2024-2025

GMT 06:33 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صهينة كرة القدم!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab