الوثائق المسربة والدولة الأمريكية العميقة

الوثائق المسربة والدولة الأمريكية العميقة

الوثائق المسربة والدولة الأمريكية العميقة

 العرب اليوم -

الوثائق المسربة والدولة الأمريكية العميقة

بقلم -إميل أمين

هل التاريخ مؤامرة؟ علامة استفهام مثيرة للكثير من الجدل، لاسيما في الأوساط السياسية العالمية، وتنقسم الإجابة عادة إلى قسمين، فهناك فريق يؤمن بأن المؤامرة هي التي تحكم حركة التاريخ، وهناك من يعتقد أن الأمر مجرد هلوسات.

أين توجد الحقيقة؟
باللغة اللاتيتية يقال دوما، إن الحقيقة هي وضع متوسط بين تطرفين، ولهذا فإنه إن لم يكن التاريخ برمته مؤامرة، فإن المؤامرة موجودة في باطن التاريخ.

لماذا هذا الحديث الآن بنوع خاص؟
الجواب موصول بالانتخابات الأمريكية الرئاسية القادمة 2024، والتي يتوقع لها أن تكون مثيرة جدا، وربما فصول إثارتها قد بدأت بالفعل.

يتساءل المراقب للشأن الأمريكي، كيف تمكن الديمقراطيون من معرفة طريق الوثائق الرئاسة الأمريكية التي حازها الرئيس ترامب، ووجدت لديه في منزله الخاص في فلوريدا؟

التساؤل لا يخلو من سوء نية، لاسيما أن هناك من القوى الأمريكية الظاهرة والخفية، من يود قطع الطريق على ترمب، ومن ثم منعه من العودة إلى البيت الأبيض مرة جديدة.

الذين تابعوا كلمة الرئيس السابق ترمب، في مدينة كولومبيا، والتي تعد عاصمة ولاية كارولينا الجنوبية، أدركوا قدر الأزمة التي تعيشها البلاد، فقد وصف النخبة الديمقراطية الحاكمة بأنها، أنانية، وفاسدة، وراديكالية، ولم ينفك يتحدث عمن سرق منه إنتخابات الرئاسة 2020.

المثير في حديث ترمب، هو إشارته إلى أن هناك من الجمهوريين أنفسهم، من يعمل ضد صالحه ومصالحه، ويرفض عودته إلى البيت الأبيض من جديد.

حديث ترمب لا يدهشنا، ذلك أن تاريخ الرجل يخلو من أي نضال سياسي سابق، فلم يعرف أنه كان يوما رمزا لحزب أو قائدا لحركة، وإنما،" صانع صفقات عقارية "، ومقدم لبرامج تلفزيونية تثير الأعصاب.

في هذا السياق يبقى من المفهوم أن هناك من يدفعه دفعا، خارج المؤسسة السياسية الأمريكية.

ولعل الأكثر إثارة أن يتم اكتشاف أوراق ووثائق أخرى على درجة عالية من السرية، لدى نائبه مايك بنس، الرجل المنضبط، والذي بدت من خلال سطور كتابه الأخيرة، أن شهوة الرئاسة القادمة تغازله، والتساؤل من أرشد عن وثائق بنس بدوره، وشارك بذلك في قطع الطريق عليه للترشح والفوز بمنصب المرشح الجمهوري للإنتخابات الرئاسية القادمة.

حتى هنا، السياقات تبدو طبيعية، والمسارات اعتيادية، وحرب الديمقراطيين مفهومة، في شعوائها ضد ترمب، غير أن اللامفهوم، والأكثر إثارة، هو اكتشاف وثائق بايدن، والتي تدينه غالب الأمر، بأكثر مما يمكن أن تدين الوثائق عنها ترامب..كيف ذلك؟

باختصار غير مخل، وبعيدا عن التعقيدات البيروقراطية الأمريكية نقول، إن ترمب كان رئيس للبلاد، وهذا المنصب يخوله أن يرفع السرية عن وثائق بعينها، ليجعلها مصنفة على نحو غير سري، وبالتالي لا تبدو القضية جنائية حاول وجود أي منها لديه.

أما الوثائق التي تم اكتشافها في أكثر من موقع وموضع للرئيس بايدن، فهي إشكالية على نحو كبير، ذلك أنه تحصل عليها وهو نائب لأوباما، أي حين لم تكن له سلطة دستورية أو قانونية للحصول على تلك الوثائق الأمر الذي يجرمه، بل ويدينه.

في حال ترمب، يحاجج بأن الأمر ليس سوى فصل جديد من فصول المؤامرة المحاكة ضده، ويعتبر أن المحاكمة الدائرة بشأن أحداث السادس من يناير 2021، أي الاعتداء على الكونغرس، ومحاولة وقف التصويت على بايدن كرئيس، مجرد طريق ملتو، بهدف إزاحته من الوصول إلى البيت الأبيض والثأر من الديمقراطيين.

أما بايدن فالمشهد أكثر مدعاة للتفكر، إذ يعتبر أن القضية مجرد مسرحية من الجمهوريين، وقد حاول التخفيف من شأن الأمر، والتقليل من أهمية المشهد بقوله: "اسمعوا لقد وجدنا بعض الوثائق.. التي كانت قد خزنت في المكان الخطا وسلمناها على الفور إلى قسم المحفوظات ووزارة العدل. نحن نتعاون بالكامل ونتطلع إلى حل هذا بسرعة".

حديث بايدن غير مستساغ عقلا أو عدلا، إذ إنه لا يتحدث عن أوراق بحثية لمركز دراسات، يمكن أن تنتقل من هنا إلى هناك بشكل تلقائي، بل الحديث عن أوراق ذات قيمة سياسية واستخباراتية.

أكثر من ذلك، فإن المركز الدراسي الذي وجدت به بعض من تلك الوثائق، كان يتلقى تمويلا من مؤسسات صينية، ما يفتح الباب واسعا عما إذا كانت هناك أياد خارجية، لا سيما من قبل الصينيين، الذين يجيدون فنون التجسس على الأمريكيين صباح مساء كل يوم.

هنا يأتي السؤال جوهر القضية: "هل هناك في الداخل الأمريكي، من يتطلع لإزاحة ترمب وبايدن دفعة واحدة، وإفساح الطريق أمام نخبة سياسية أمريكية جديدة، جمهورية كانت أو ديمقراطية؟

يأخذنا الحديث إلى دائرة ما يعرف بالدولة الأمريكية العميقة حيث تتعدد التعريفات والتفسيرات لتلك الدولة المجازية، وتبقى الحقيقة بسيطة على الرغم من تعقيدات الظاهرة، وهي أنها مصالح تحتية مختئبة بين ثنايا النظام المؤسساتي السياسي، يديرها منتفعون لهم شغل شاغل في بقاء أهدافهم بعيدة عن الأعين، وفي الوقت عينه لديهم من القدرة والمنعة، ما يمكنهم من تسخير الحكومة الظاهرة لخدمة وإدراك ما يتطلعون إليه، عبر التواطؤ والمحسوبية، وغالباً تعطي الدولة الأمريكية العميقة، المثل الواضح لكل تلك الجماعات حول العالم.

والشاهد أن هناك أكثر من قراءة لتلك الدولة، واحدة تعود إلى زمن تأسيس الولايات المتحدة، وزمن الآباء المؤسسين، وأخرى معاصرة ترتبط بمجمعات ولوبيات حديثة، بزغت في النصف الثاني من القرن العشرين.
نحن هنا لسنا في مقام تفصيل الكلام عن تلك الدولة، ومع ذلك تبدو في الأفق علامات على سعي الحزبين لاختيار رموز عصرانية للانتخابات الرئاسية القادمة بعد أقل من عامين.

على الصعيد الجمهوري، يطفو على السطح وبقوة، رون دي سانتوس، حاكم ولاية فلوريدا، النجم الجمهوري اللامع.

وفي مجلس النواب تشرق من جديد شمس شباب الديمقراطيين، عبر رئيس الأقلية الديمقراطية، حكيم جيفريز.

ومن دي سانتوس إلى جيفريز، يبقى التساؤل الذي ستثبر الأيام أغواره: "هل من أياد للدولة الأمريكية العميقة، استغلت قصة الوثائق المسربة لتطيح ببايدن وترمب، وتفتح المسارات أمام أجيال أمريكية شابة لتجدد شباب الأمة؟

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوثائق المسربة والدولة الأمريكية العميقة الوثائق المسربة والدولة الأمريكية العميقة



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 17:11 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا
 العرب اليوم - عبدالله بن زايد يبحث آخر التطورات مع وزير خارجية سوريا

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025
 العرب اليوم - زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 العرب اليوم - الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:35 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعليق الرحلات من وإلى مطار دمشق حتى الأول من يناير

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:44 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:53 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab