قمة العشرين صدام الخطوط الحمر

قمة العشرين... صدام الخطوط الحمر

قمة العشرين... صدام الخطوط الحمر

 العرب اليوم -

قمة العشرين صدام الخطوط الحمر

إميل أمين
بقلم:إميل أمين

انطلقت أمس في جزيرة بالي بإندونيسيا، أعمال قمة مجموعة العشرين، هذا اللقاء الذي يجمع شمل أكبر الدول الفاعلة على مستوى المسكونة جغرافياً وديموغرافياً، وحيث يوجد أكثر من ثلث سكان العالم، بحجم تجارة تصل إلى 75 في المائة من الحركة العالمية، وبناتج 80 في المائة من الإجمالي العالمي، ولهذا يرى البعض أننا أمام ما يشبه مجلس إدارة العالم.
غير أن علامة الاستفهام التي تواكب هذا اللقاء، هذه المرة وبنوع خاص؛ هل مجموعة العشرين منتدى سياسي، للمقاصة الجيوسياسية الأممية، أم محفل لمشاركة أزمات العالم المتباينة، من الاقتصاد إلى التنمية، مروراً بالمناخ، والخوف من حدوث الأوبئة، وبخاصة في أزمنة، نهارها قلق، وليلها أرق، كما الحال في حاضرات أيامنا؟
تجيء هذه القمة بعد أن ضربت جائحة «كوفيد 19» البشرية، وحطمت كثيراً من غرور البشر، وأعقبت كذلك واحدة من أخطر العمليات العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية، أي الاجتياح الروسي لأوكرانيا، عطفاً على أنها تأتي على مقربة من تكريس الصينيين لرئيسهم فيما يشبه الرئاسة مدى الحياة، والتأكيد على مشاركة الصين عالم القطبية، بينما القارة الأوروبية العجوز تجاهد للخروج من محنتها الطاقية، وفي مواجهة الجنرال الأبيض بنوع خاص.
قبل الموعد الرسمي للقمة بنهار واحد، أي يوم الاثنين، كان لقاء السحاب بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الصيني شي جينبينغ، الذي يمكننا اعتباره، يالطا الجديدة؛ حيث السباق بهدف تقسيم العالم، كما حدث في أعقاب الحرب الكونية الثانية.
في مقدمة اهتمامات واشنطن وبكين، التوصل إلى صيغة للتعايش، ومن غير انجرار للحرب، على حد تعبير سيد البيت الأبيض، ولا سيما أن هناك ملفات عدة يمكن أن تقود إلى مواجهة عسكرية بين البلدين، في مقدمها جزيرة تايوان، ونوايا الصين جهتها، ربما تمثلت في مظهر الرئيس شي بالزي العسكري، لأول مرة خلال رئاسته، بما يشي بالهول القادم.
لا تزال الصين في عيون الأميركيين عقبة كؤود، فيما استراتيجية الاستدارة من حول آسيا، تحتم قطع الطريق على نشوء وارتقاء قوة قطبية في المحيط الهادي.
يقابــل بايدن شي، وهو أكثر قوة وصـــــــلابة، وذلك بعد فوز الديمقراطيين بأغلبيــــــة مجلس الشيوخ، حتى إذا خسروا الأغلبيـــــــة في مجلس النواب ســـــــيكون الفارق ضئيلاً جداً.
على طاولة المجتمعين في بالي، ملف يمكن أن نطلق عليه «العقدة الروسية»؛ حيث القلوب والعقول الغربية من أميركا وأوروبا وأستراليا، عطفاً على اليابان الحليف الآسيوي الكبير، تحمل غضباً كبيراً جداً من «القيصر» بوتين.
ليس سراً أن تلك القوى الغربية، قد مارست ضغوطاً كبيرة على المضيف الإندونيسي بهدف سحب الدعوة الموجهة إلى بوتين، وعدم إشراك روسيا في أعمال القمة، ومضى التفكير في استبعاد روسيا من المجموعة دفعة واحدة.
غير أنه يحسب للرئيس الإندونيسي، جوكو ويدوود، وعدد كبير من الساسة الإندونيسيين، رفضهم للسياسات الفوقية الغربية التقليدية، بل وصل الحد بالمضيف أن يطلب من القادة الغربيين خفض حدة خطاباتهم المعادية لروسيا، وإظهار المرونة في التفكير، لضمان موافقة موسكو على بيان بعد الاجتماع.
كثيرة هي الملفات الملقاة على عاتق الدول المشاركة، ومصائر ملايين البشر، معلقة بها، وفي قمة القائمة تأتي أزمة الغذاء العالمي وسلاسل الإمداد، فعلى القرب من القمة، وبالتحديد يوم السبت المقبل، 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يحين موعد تجديد اتفاقية «نقل الحبوب الأوكرانية» من موانئ البلاد، فهل سينسحب بوتين منها، إذا تم الضغط عليه من قبل دول المجموعة؟
مثير أمر الكبار العشرين، الذين يتحاشى بعضهم أن يقابل البعض الآخر، ولو على سبيل الخطأ في الممر، على حد تعبير شبكة «بلومبرغ»، ما يطرح تساؤلاً جوهرياً؛ كيف لهؤلاء «الأعدقاء» أن يقوموا على إصلاح الأوضاع العالمية المهترئة، ويستنقذوا البشرية من فخاخ الشر في الحال والاستقبال؟
لعل الجانب الوحيد الإيجابي في أعمال هذه القمة، رغم الخلافات الجيوسياسية بين المشاركين، يتمثل في الإجماع على فكرة إنشاء صندوق لمكافحة الأوبئة، على غرار صندوق النقد الدولي، يهدف إلى مساعدة الشركات الصغيرة، والدول المتوسطة والنامية، على شراء اللقاحات والأدوية أثناء تفشي الأمراض المعدية.

ما هو مستقبل مجموعة العشرين؟

ربما يطرح هذا التساؤل للمرة الأولى منذ تأسيسها عام 1990، ومرد ذلك حالة التشظي الآيديولوجي بين أعضائها، فمن الواضح للغاية أن واشنطن وبروكسل وطوكيو يجمعها عداء واضح لموسكو أول الأمر، وبكين تالياً، فيما الهدف القريب هو إدانة الأولى، والتضييق على الثانية.
هنا يبدو من الواضح أن دولاً ذات ثقل دولي مثل الهند والبرازيل لا تعتزم إدانة الروس، ولا محاصرة الصينيين، الأمر الذي يدعو للتفكير فيما إذا كانت ستنشأ من رحم المجموعة العملاقة تحالفات أخرى تشق صفها، وتختصم من رصيدها.
والشاهد أن هذا التجمع يضحى قيمة مضافة لاستقرار العالم، حال تم التخلي عن الفكر الأحادي، وترك البراغماتية غير المستنيرة وراءه، وما عدا ذلك سيقود إلى نهاية المجموعة، وفتح الطريق لتجمعات أخرى، وهذا يبدو احتمالاً وارداً بقوة.
هل سينجح مجلس إدارة العالم في الخروج ببيان موحد نهاية اليوم، يعطي بصيصاً من الأمل في انفراجة أممية، متجنباً صدام الخطوط الحمر، قبل أن تتحول الخلافات إلى شروخ في جسد المجموعة وهيكلها التكتوني؟
في مواجهة تشاؤم العقل، يبقى تفاؤل الإرادة.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة العشرين صدام الخطوط الحمر قمة العشرين صدام الخطوط الحمر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة

GMT 08:39 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل السراويل الرائجة هذا الموسم مع الحجاب

GMT 16:52 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يرد على قرار المحكمة الجنائية الدولية

GMT 17:12 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 07:01 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab