2024 الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق

2024... الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق

2024... الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق

 العرب اليوم -

2024 الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق

بقلم:إميل أمين

في أوائل شهر مايو (أيار) الجاري، أعلن الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، جيفري هنتون، استقالته من شركة «غوغل»، وانقلابه على اختراعه الذي غيَّر الأوضاع وبدَّل الطباع.

عظمة هذا الرجل، وربما كارثته، تتمثل في أن عمله على تطوير الشبكات العصبية الصناعية، أحدث ثورة في عالم التكنولوجيا الحديثة، وتعتبر أعماله حجر أساس لتطوير آلات شبيهة بالدماغ البشري، وتتميز باستقلالية عن مبرمجيها في المستقبل.

في خطاب رحيله، عبَّر هنتون عن ندمه جزئياً على العمل في مجال الذكاء الصناعي، محذراً من مخاطره التي قد تصبح فيما بعد خارج نطاق السيطرة.

هل نحن أمام تكرار الأزمة النفسية والأخلاقية عند ألفريد نوبل مرة أخرى؟

مهما يكن من أمر الجواب، فإن الرجل حذَّر من مشاكل الذكاء الصناعي، وشدد على أنه قد يتجاوز قريباً القدرة المعلوماتية للدماغ البشري.

تبدو المخاوف الآنية في الأشهر القليلة المنصرمة، من جراء تصاعد مد روبوتات المحادثة، والتي باتت لديها القدرة على التعلم بشكل مستقل، ومشاركة المعرفة، ما يعني أنه كلما حصلت نسخة واحدة على معلومات جديدة، يتم نشرها تلقائياً على المجموعة كلها.

كارثة الشبكات العصبية تتمثل في أنها قادرة على تحويل الخيال إلى واقع، فعلى سبيل المثال: في عام 2017، صُدم العالم بما فعلته إحدى شركات «تركيب الكلام»، وتدعى «ليريبيرد»، حيث أصدرت تسجيلات لمحادثة مزيفة مذهلة في مطابقتها للأصل، بين باراك أوباما وهيلاري كلينتون ودونالد ترمب.

شركة أخرى كشفت النقاب عن أداة لتحرير الأصوات سمَّتها «فوتوشفور أوديو»، تظهر كيف يستطيع المستخدم تعديل حديث أو الإضافة إليه في ملف صوتي، بالسهولة نفسها التي يمكننا بها تعديل صورة ببضع لمسات ونقرات، ما يعني أن الشبكات العصبية باتت قادرة على توليف ما نقرأه ونسمعه، والأخطر من ذلك ما نراه.

هل لهذا جاء تقرير وكالة الأخبار الشهيرة «أسوشييتد برس»، قبل بضعة أيام، ينذر ويحذر من مخاطر الذكاء الصناعي على الانتخابات الرئاسية الأميركية في 2024؟

باختصار مفيد، يلفت مهندسون للكمبيوتر وعلماء السياسة المهووسون بالتكنولوجيا الانتباه لما قد تفعله تلك الأدوات التكنولوجية العصرانية، في واقعنا الحالي؛ إذ يمكنها تزييف الحقائق تزييفاً عميقاً، وبما يكفي لخداع الناخبين وتالياً التأثير على توجهات العملية الانتخابية.

وبمزيد من التوضيح، سوف تتمكن تلك الآليات المستحدثة، من التلاعب بالخوارزميات القوية، وربطها بشبكات التواصل الاجتماعي الحديثة، وبث مواد مكتوبة ومعدَّة بصورة لا يسهل فرزها وتمييزها، سواء كان الأمر صوراً أو فيديوهات، أصواتاً أو وجوهاً، ما يمكنها من الانتشار بشكل واسع وبسرعة فائقة، للوصول إلى جماهير محددة للغاية، مما قد يعزز الحيل والأهداف غير الأخلاقية للحملات الانتخابية.

أضحت مخرجات الذكاء الاصطناعي اليوم قادرة على إنتاج رسائل إلكترونية، تبدو كأنها حقيقية من شخوص بعينهم، لكنها منحولة، وتستطيع تلك الآليات غير المسبوقة أن تقدم للعالم نصوص وتقارير عالية الجودة وبشكل سريع، ما يعني تضليل الناخبين، عبر انتحال شخصيات مرشحين، وتقويض الانتخابات على شكل واسع.

يكاد المطالع لتقرير الوكالة الإخبارية الأميركية الشهيرة، أن يؤمن بأن الأمر بمثابة، «تنبؤات ذاتية التحقق»، تستبق الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، المثيرة في أصلها، والتي تصاحبها توقعات مخيفة.

من تلك التوقعات، أو التنبؤات، أن يصحو بعض من الأميركيين ليجدوا رسائل صوتية من عمال الحملات الانتخابية، ترشدهم إلى الوقت الخطأ للعملية الانتخابية، وقد تصل البعض الآخر تسجيلات صوتية لمرشح يفترض أنه نادم على خطأ اقترفه، أو جريمة فعلها من قبل، الأمر الكفيل بتشويه صورته في أعين مريديه، عطفاً على إمكانية مشاهدة لقطات مصورة لمرشح بعينه يلقي خطاباً من خطابات الكراهية، فتنفر الجماهير وتنفض من حوله.

السؤال الصعب الذي بات يخيف القائمين على قطاع الأمن القومي الأميركي في الداخل والخارج: «هل يمكن عبر الذكاء الاصطناعي أن يتم التلاعب بالانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة من قبل أعداء أميركا؟».

التساؤل المتقدم يبدو كأنه رجع صدى لما جرت به المقادير، خلال الانتخابات الرئاسية 2016، ولا تزال الاتهامات للروس قائمة في أذهان كثير من الأميركيين، حول تدخلهم لصالح ترمب من جانب، ومعاقبة هيلاري كلينتون من جانب آخر.

وإلى أبعد من ذلك، يشوب القلق كثيراً من الأوساط الليبرالية الأميركية، من جراء احتمالات تعرض العملية الديمقراطية في الداخل الأميركي برمتها لهجومات الذكاء الاصطناعي، والتي تسعى لتقويض ثقة الأميركيين في نظام حكمهم وعملية انتخاباتهم.

المتابعون لقضايا الذكاء الاصطناعي من الأميركيين، بنوع خاص، يتساءلون عن الخوف الأعظم الذي يدور حول إذكاء موجات العنف المتوقعة خلال العملية الانتخابية، سيما في ظل الصراع المجتمعي والاستقطاب القائم والقادم ما بين ترمب وبايدن، بين الجمهوريين والديمقراطيين.

هل الولايات المتحدة في مواجهة تجييش الذكاء الاصطناعي عبر موسم سياسي يمكن أن يكون مدمراً للغاية؟

علامة الاستفهام المتقدمة، طرحتها ضمن مداخلة طويلة لها النائبة الديمقراطية عن نيويورك، إيفيت كلارك، وتناولت أزمة المعادلة الصعبة في المواءمة بين مواكبة التكنولوجيا من جهة، مع إقامة بعض الحواجز بهدف الحماية من جهة ثانية، وخصوصاً في ضوء ما توفر من إمكانات التلاعب وخداع الناس.

وفي كل الأحوال، يمكننا القول إن الذكاء الاصطناعي، بكل تبعاته وبصماته، الإيجابية أو السلبية، قد بات لاعباً جديداً في عالم السياسة الدولية، كما بات السياسيون منقسمين من حوله، وعلى من يريد الاستزادة النظر إلى الجدل القائم بين الناشطين اليمينيين الغربيين الذين يحذرون من الإمكانات التي يوفرها -على سبيل المثال- روبوت المحادثة «تشات جي بي تي»، بسبب انحيازاته الليبرالية والتقدمية.

أيكون عصر الذكاء الاصطناعي هو زمن الصعود إلى الهاوية والتقدم إلى الخلف؟

في يونيو (حزيران) من عام 2018، صدر تقرير مهم عن مؤسسة «تشاتام هاوس» (المعهد الملكي للشؤون الدولية)، شارك في إعداده خمسة من كبار المتخصصين، عنوانه: «الذكاء الاصطناعي والشؤون الدولية: الاضطراب المنتظر».

قراءة ومناقشة التقرير تحتاج لحديث مفصل لاحق، بينما الحقيقة المؤكدة أن العالم بات رهن الذكاء الاصطناعي وتطوراته ومخاوفه.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2024 الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق 2024 الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab