روسيا – أوكرانيا ما بعد اغتيال دوغينا

روسيا – أوكرانيا.. ما بعد اغتيال دوغينا

روسيا – أوكرانيا.. ما بعد اغتيال دوغينا

 العرب اليوم -

روسيا – أوكرانيا ما بعد اغتيال دوغينا

بقلم - إميل أمين

إلى أين ستمضي المواجهة الروسية - الأوكرانية بعد إغتيال داريا دوغينا، إبنة الفيلسوف الروسي المعاصر الكسندر دوغين قبل بضعة أيام؟

ربما يعن لنا، ومن باب التذكير بمن هو الكسندر دوغين، الرجل الذي يوسوس في أذن القيصر، الإشارة إلى أن والد الضحية، هو في نظر الكثيرين، عقل بوتين وملهمه، وما جرى في موسكو في تلك الليلة المؤلمة، حمل ملامح قدرية غريبة وعجيبة، فقد تبادل دوغين سيارته مع ابنته داريا دوغينا، في اللحظات الأخيرة قبل الإنفجار، الأمر الذي يعني أنه هو كان الهدف المقصود وليس ابنته، عقابا له على ما يروج من دور لدعمه السياسي والفكري لغزو أوكرانيا.

يعد دوغين مفكرا سياسيا، ومنظرا إستراتيجيا، وكذا متصوف سلافي، ومؤخرا قدم للعالم كتابه الجديد المعنون :"الخلاص من الغرب..الأوراسية.. الحضارات الأرضية في مقابل الحضارات البحرية والأطلسية"، وفيه رؤية ناقدة، أقرب ما تكون إلى الناقمة على الليبرالية الغربية المنفلتة إن جاز التعبير.

تبدو جذور دوغين الروسية الأرثوذكسية واضحة للعيان، الأمر الذي لا يبذل مجهودا كبيرا في مواراته أو مداراته، بل يجاهر ويفاخر به عبر كتبه وتحليلاته العميقة، وحتى يكاد المتابع له أن يظن أنه من أنصار "مدينة الله"، في مواجهة "مدينة العالم"، بحسب التقسيم الذي أرسى جذوره سان أوغستين، في رائعته الموسوعية "مدينة الله".

هذا إذن هو الرجل الذي حاول أعداء روسيا تغييبه، لكن القدر وضع إبنته ذات الثلاثة عقود محله، لتمضي ضحية عملية غادرة .

ما الذي جرى على وجه الدقة، وما هي تبعاته، وهل المشهد مجرد عملية إغتيال، أم أن الروس تلقوا لطمة قاسية، سيكون الرد عليها في نفس الإتجاه، بقوة وقساوة أشد، ما تبين من تصريح وزير الخارجية سيرغي لافروف، والذي قال فيه :"لن نرحم المسؤولين عن مقتل داريا دوغينا، فقد كانت جريمة بربرية، ولا ينبغي التسامح معها".

يمكن القطع بداية بأن ما جرى أمر يمثل إنتكاسة لأجهزة الأمن الروسية الداخلية، فالوصول إلى هدف ثمين وغالي مثل دوغين، يقطع بأن هناك أجهزة إستخبارية مضادة، تستبيح الداخل الروسي، ما يعني ضعف في الجبهة الداخلية الروسية ، دون أدنى شك.

لم يكن إغتيال داريا دوغينا هو الأخير والخطير هذا الأسبوع، فصباح الأربعاء الرابع والعشرين من شهر أغسطس الجاري، تم كذلك إغتيال رئيس الإدارة الروسية لمنطقة ميخائيلوفاكا شرق أوكرانيا.

على أن عمليات الإغتيال قائمة منذ زمن بين الروس والأوكران، وربما لن تكون داريا دوغين، آخر ضحاياها، غير أن التساؤل المثير للتوقف أمامه، يرتبط من جهة ثانية بمدى قوة وصلابة الجبهة الداخلية الروسية الرسمية ..ماذا يعني هذا الكلام ؟

بإختصار غير مخل، تتصاعد المخاوف من أن يفقد بوتين قبضته الحديدية على جماعة السليوفيكي، أي النخبة الحاكمة القائمة من حوله، والتي تدير شؤون البلاد، وما إذا كان من الممكن أن يحدث لأحدها إختراق ما يعيد التذكير بقصة آخر سكرتير للحزب الشيوعي في زمن الإتحاد السوفيتي، ميخائيل غورباتشوف، رجل الجلاسنوست والبريسترويكا، أي المكاشفة أو المصارحة وإعادة البناء، والتي أدت إلى إنهيار وتفكيك الإتحاد السوفييتي في أواخر ثمانينات القرن المنصرم.

المدخل الأخير يقودنا إلى فكرة أكثر إثارة مرتبطة بالصراع الأمريكي – الروسي، وما تبذله الولايات المتحدة الأميركية من جهود مضنية لوقف الصحوة السياسية والعسكرية للدب الروسي، أي فكرة محاولة تفكيك روسيا الإتحادية من الداخل، بالضبط كما جرى الأمر مع الإتحاد السوفيتي، ومن غير أن تتكبد الولايات المتحدة الأميركية عناء إطلاق رصاصة واحدة من قواتها المسلحة ضد الروس.

يميل بعض المحللين إلى القول أن الدعم الأميركي والأوربي لما يعرف بـ "منتدى شعوب روسيا الحرة"، والذي يحاجج بحرية الشعوب في تقرير مصيرها، يهدف مباشرة لتبرير تفكيك روسيا، ولكي تنشأ في قلبها نحو عشرين دولة مستقلة، والأمر لا يتعلق بإنشاء دول جديدة في القوقاز فحسب، بل بتعديل عميق لخارطة سيبيريا أيضاً، أي على أعتاب الصين، وربما لهذا السبب أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 15 أغسطس آب الجاري، والذي يعي بشدة هذه الإستراتيجية الغربية، عن دعوته لعقد مؤتمر عالمي ضد النازية في موسكو.

جزئية أخرى تتضح يوما تلو الآخر، وتوضح إلى أي مدى يمكن أن يشتعل الملف الروسي- الأوكراني ، ليتسبب في أزمة نووية عالمية، وإن بطريق مغاير عن تبادل الصواريخ النووية أو إلقاء القنابل الذرية.

الأمر يتعلق بأكبر محطة للطاقة النووية في أوربا ، زابورجيا، والواقعة جنوب شرق أوكرانيا، هناك حيث لم يعد الأمر سرا لجهة دعم واشنطن كييف بأسلحة حديثة، يمكن أن تتسبب في الإضرار بالوقود النووي المستهلك في المحطة، الأمر الذي يؤدي إلى عواقب أشد هولا مما جرى في مفاعل تشرنوبيل الأوكراني أيضا العام 1986.

هل تسعى واشنطن لتوسيع دائرة الصراع، حتى لو أدى المشهد إلى استهداف المحطة النووية، وتكرار تسرب إشعاعي قاتل يقود إلى الإضرار بروسيا وأوكرانيا وربما عموم أوروبا؟

الأوراق المثيرة للقلق والتي تبعث على الشكوك بأن هناك تصعيدا ما يجري على الجبهة الروسية – الأوكرانية، موصول كذلك بتصريحات الرئيس الأوكراني زيلنسكي، والتي يتحدث فيها عن حتمية تحرير القرم من السيطرة الروسية، وهو حكما يعلم، إستعدادات روسيا الفائقة للدفاع عن تلك الجزيرة، سيما وأنها منفذها الوحيد للمياه الدولية، وحتى لو كلف الأمر إستخدام أسلحة دمار شامل، للدفاع عنها، وهو ما هددت به القيادة الروسية من قبل أكثر من مرة، تحت مشروطية الدفاع عن الأمن القومي الروسي.

وفي كل الأحوال ومع بدء أوكرانيا إحتفالاتها بعيد الإستقلال، يتساءل الجميع هل ستتحقق التوقعات الإستخبارية الغربية والتي تؤشر في مجملها لضربات إنتقامية من القيصر، ربما تحمل رسائل لمن يقف وراء زيلينسكي؟

الصراع محتدم، والرؤوس ساخنة، والإحتمالات مفتوحة، وربما الأسوأ ومن أسف لم يأت بعد.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

روسيا – أوكرانيا ما بعد اغتيال دوغينا روسيا – أوكرانيا ما بعد اغتيال دوغينا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 15:50 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل
 العرب اليوم - مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة للجدل

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
 العرب اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab