2003 زمن العواصف غير المثالية

2003... زمن العواصف غير المثالية

2003... زمن العواصف غير المثالية

 العرب اليوم -

2003 زمن العواصف غير المثالية

بقلم:إميل أمين

هل من باب التشاؤم القول، إن 2023 قد يكون زمن العواصف غير المثالية؟
لا تعرف حركة التاريخ التفاؤل أو التشاؤم، وإنما تتبين من خلال قراءة الأحداث وتفكيكها، وتوقع قادم الأيام وتركيبها، ضمن مسارات ومساقات حياتية، سيما أن المستقبل، هو الماضي حين كان يتخلق في الرحم.
يمكن القطع أن 2022، هو أحد المفاصل التاريخية التي يصدق فيها قول القائد البلشفي فلاديمير لينين «هناك عقود لا يحدث فيها شيء، وأسابيع تحدث فيها عقود».
ما حفلت به 2022، كفيل بأن يلقي بأثره على العام الجديد، كنقطة مفصلية، في حالة التدهور التي تحيق بالنظام العالمي الحالي.
لكن عن أي عواصف تحديداً يتهامس السائرون في الساعات القليلة المتبقية، قبيل انبلاج فجر العام الجديد؟
قد يبدو عام 2023، بداية حقيقية لما أطلق عليه المستشار الألماني، أولاف شولتز، Zeitenwende أو «التحول الجذري التاريخي»، من زمن الثنائية القطبية، ثم الأحادية المنفردة، إلى نظام دولي متعدد الأطراف، بمعنى تجمعات دولية شرقية وغربية متباينة، إنما ضمن سياقات عالم متعدد الاستقطابات الدولية.
تبدأ العواصف من عند حالة المناخ العالمي، كما تتضح في الأيام الأخيرة، فبعد صيف قائظ ملتهب، بحرائقه وفيضاناته، ها هي الطبيعة تقلب للعالم ترس المجن، لتظهر عواصف ثلجية وصقيع قارس؛ ما يجعل المرء حائراً فيما ينتظر الكوكب الأزرق، وهل نحن في الطريق لعصر الجليد، أم زمن الاحتباس الحراري؟
وفي كل الأحوال، تبقى قضية التغيرات المناخية، مدخلاً لأزمات تزعزع استقرار عالمنا، فمن إشكاليات سلاسل التوريد ومخاطر نقص الغذاء، مروراً بكوارث نقص المياه، ثم النزوح والهجرات غير الشرعية، تفقد البشرية اطمئنانها في الحاضر، وسلامها في المستقبل.
هل سيعرف السلام طريقه للعالم في العام الجديد؟
يبدو المطلب عزيزاً في ظل تفاقم الخلافات بين روسيا وأوكرانيا، والدور الأميركي المثير لعلامات الاستفهام، ناهيك عما تمثله قضايا الصراعات الإقليمية، كأزمة إيران في الخليج العربي، وتايوان وبحر الصين الجنوبي شرق آسيا، وتهديدات كوريا الشمالية الصاروخية النووية، والقائمة تطول؛ ما يجعل الراوي يقطع بأنه شاهد «مارس» إله الحرب يتسلل من باب 2022 فجراً، ويلج 2023، بابتسامة خبيثة على محياه.
نقبِل على العام الجديد، وحالة القطبية الدولية مهترئة، فلا الولايات المتحدة باتت المهيمنة بالمطلق، ولا الصين قادرة على أن تملأ مربعات نفوذ العم سام، في حين روسيا منهمكة في نزاع أوكرانيا.
يقرّ المنظّر الأميركي الأشهر، ريتشارد هاس، بأن أميركا الممزقة داخلياً، باتت أقل استعداداً وقدرة على القيادة الدولية، كما أضحت المنافسة الجيوسياسية المحتدمة، سبباً في زيادة صعوبة التعاون الذي تتطلبه المشكلات العالمية الجديدة.
ما قاله هاس، ينطبق على سبيل المثال على الحالة الإيرانية، وكيف أن الغزل على المتناقضات، بين أطراف متصارعة، يكاد يسمح لها بأن تتحول إلى دولة نووية.
تبدو إيران مُهدّداً إقليمياً وأممياً، بلا أدنى شك، وها هي تقترب من مستوى تخصيب 90 في المائة، ومع ذلك لا تبدو الولايات المتحدة راغبة في الدخول معها في صدام عسكري، ولا قابلة لتحولها لقوة نووية.
وفي حين التردد الأميركي مستمر ومستقر، تتعزز الشراكات الروسية - الإيرانية عسكرياً من جهة، والصينية - الإيرانية اقتصادياً من ناحية أخرى.
التحول الجذري الذي يتناوله المستشار الألماني شولتز بتفصيل موسع، عبر مجلة «الفورين بوليسي» مؤخراً، لا يوفر قضايا اقتصادية تكاد تصيب القارئ بالهلع، ومن بينها قضية الديون العالمية للدول والشركات والأسر، والتي تجاوزت 290 تريليون دولار بحلول الربع الثالث من عام 2022.
وهنا ينبغي الإشارة إلى أن الكونغرس الأميركي بثوبه الجديد القشيب، وفي ظل الأزمات الاقتصادية الداخلية للأميركيين، لا يبدو أنه ماضٍ في السماح بعملية توسيع موارد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللازمة لمنع حالات التخلف عن السداد وإعادة جدولة الديون، لا سيما في البلدان النامية.
على عتبات العام الجديد، هناك من يحاول تصوير المشهد على أنه عودة إلى زمن الحرب الباردة، حيث الصراع بين الأنظمة الديمقراطية ومنافستها الشمولية.
أصحاب هذا التوجه يرون في التحالف الروسي - الصيني، وجهاً من أوجه صعود الديكتاتوريات المحدثة من جديد، تلك التي تمضي في توسيع دائرة نفوذها، من خلال نشوء وارتقاء تجمعات جغرافية وديموغرافية جديدة.
وفي هذه الأوقات الصعبة، تبدو الديمقراطيات التقليدية الغربية، في مواجهة اختبارات صعبة للصمود والتحدي، في مقابل عالم آخر يصعد، ومراكز قوة تتحول، مخلفة وراءها العالم القديم بمركزيته التاريخية.
يوماً وراء الآخر، تبدو مساحات الحركة للدولة القومية ذات الطابع الويستفالي تتقلص، وينفتح المجال لطروحات وشروحات الحكومات العالمية، تلك التي تعكس جانباً من وجهها الشركات عابرة القارات، والمنظمات الدولية، وجميعها باتت تشكل أدوات نهبوية لا نخبوية، شاغلها الأعظم مراكمة الثروات؛ ما يلقي بعلامات قلق وأرق حول مشهد العلاقات الدولية، ويمهد الطريق لفراق لا وفاق، ولارتفاع الجدران عوضاً عن بناء الجسور؛ ما يقود في نهاية المشهد للمزيد من الحروب.
ندخل العام الجديد، وصراع الهويات القاتلة آخذ في المد لا الجزر، وآية ذلك ما رأيناه في أوروبا في العام المنصرم، أما عن الولايات المتحدة، فحدث ولا حرج عن القراءات الاستشرافية الخاصة بالحرب الأهلية، والصراع العرقي القائم والقادم معاً، وليس أدل على خطورة المشهد هناك، من الأنباء المتعلقة بقيام جماعات يمينية بقطع التيار الكهربائي، وتخريب محطات توليد الطاقة في عدد من المدن الكبيرة وإصابتها بالشلل، وهو حديث لنا معه عودة.
أي عالم مقبلون عليه في زمن خطابات الكراهية المنتشرة عبر وسائط اتصال اجتماعي، غيرت الأوضاع وبدّلت الطباع، وباتت منفلتة من غير محددات أو معايير، ومن دون بروتوكولات أخلاقية أو لوائح قانونية تضبط خطوط طولها وعرضها؟
هل هي تحولات جذرية تختصم من جديد من كرامة النوع الإنساني؟
ربما المطلوب شراكات إنسانية، من دون غموض آيديولوجي، وهذا لن يتحقق إلا من خلال عقول وأدوات مغايرة، ترى البشرية في قارب واحد، تنجو معاً أو تواجه مصير الفناء سوياً.

arabstoday

GMT 05:42 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

الصفحات الصفراء

GMT 08:57 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

حرية الصحافة!

GMT 08:54 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أشغال شقة (الكوميديا) الطازجة!

GMT 08:51 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

أظرف ما فى الموضوع

GMT 08:47 2024 الإثنين ,18 آذار/ مارس

سجال فتح وحماس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2003 زمن العواصف غير المثالية 2003 زمن العواصف غير المثالية



الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - العرب اليوم

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21

GMT 12:44 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العقرب 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 22

GMT 03:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:37 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 18:19 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

بيروت - جاكلين عقيقي

GMT 05:57 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:27 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:32 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور السبت 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:22 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:44 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 03:17 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 05:51 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 06:01 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 15 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 22:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

مبابي يُفاجئ باريس سان جيرمان بخطوة جريئة

GMT 04:33 2023 الثلاثاء ,18 إبريل / نيسان

توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 18 أبريل / نيسان 2023
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab