السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر

السعودية والمستقبل... طريق الهيدروجين الأخضر

السعودية والمستقبل... طريق الهيدروجين الأخضر

 العرب اليوم -

السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر

بقلم - إميل أمين

ضمن السباق العالمي في مضمار الطاقة، والبحث عن بدائل مغايرة للتقليدية منها، عرفت تسعينات القرن المنصرم طاقة الرياح، بينما بدا التركيز واضحاً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين على الطاقة الشمسية، والعقد الذي يليه تركزت الجهود حول البطاريات الجافة.

هل عقدنا الحالي، وربما عقود أخرى تليه، هو عقد الهيدروجين الأخضر، طريق الأمم الناهضة لطاقة خلاقة، صديقة للبيئة، تجابه مع العنصر البشري التحديات الإيكولوجية المتسارعة الخطى، والتي تكاد تهدد بقاء النوع البشري وكثير من الكائنات الحية؟

في تقرير لها عام 2021، تحدثت منظمة الـ«إسكوا» عن أهمية الهيدروجين الأخضر المنخفض الكربون، وكيف بات جزءاً مهماً من الجهود التي تبذلها الحكومات لمعالجة المخاطر البيئية والاقتصادية، كما يساهم في تخفيف الاعتماد على الوقود الأحفوري، سواء باعتباره مصدراً للدخل من الصادرات، أو في كل القطاعات التي تستهلك الطاقة.

بإعلانها بدء بناء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، خلال 4 أشهر، تستعلن المملكة العربية السعودية طريقاً جديدة للمستقبل، ضمن مخططات «رؤية 2030» التي يرعاها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

خلال عام من الآن، وحسب الرئيس التنفيذي لشركة «نيوم للهيدروجين الأخضر»، ديفيد إدموندسون، سوف يبدأ العمل في إنتاج الهيدروجين الأخضر، في مدينة «أوكساغون» بمنطقة نيوم.

الأرقام الأولية تشير إلى إنتاج يومي يصل إلى نحو 600 طن متري من الهيدروجين الخالي من الكربون، وذلك مع نهاية عام 2026، على شكل أمونيا خضراء.

قصة نجاح «أوكساغون» القائمة والقادمة، تتمثل في أن إنتاج المصنع سوف يلبي الطلب المحلي وتحديداً في قطاع النقل، عطفاً على وجود اتفاق حصري مع شركة «إيربرودكتس» لشراء كامل إنتاج المصنع لمدة 30 عاماً مقبلة، وستقوم الشركة بنقل كل المنتجات إلى أوروبا وآسيا وأميركا.

نيوم عنوان لمستقبل شرق أوسطي، وشركتها «نيوم للهيدروجين الأخضر» تمضي قدماً في طريق طاقة المستقبل، من خلال دعم الحكومة السعودية، والتي يسرت حصولها على أول ترخيص صناعي لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

هل السعودية أمام محطة مهمة وحاسمة في طريقين استراتيجيتين معاً؟ ذلك كذلك قولاً وفعلاً، أما الأولى فتتمثل في درب يتساوق والحاجة الكونية لاستنقاذ الكوكب الأزرق من أزمته الإيكولوجية التي تكاد تذهب به وبمن عليه من الكائنات الحية، بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري الناجمة عن زيادة ثاني أكسيد الكربون المتولد عن الوقود الأحفوري، بمختلف صنوفه وصفوفه.

بينما الطريق الثانية تشكل مصدراً من مصادر تنويع الدخل للمملكة، لتتجاوز مرحلة العائد الريعي للنفط؛ حيث اقتصاد الابتكار القادر على مغازلة الطبيعة الجغرافية، بعناصرها المتميزة من مصادر مياه وشمس ساطعة، وعقول قادرة، لا على أن تستنطق الحجر فحسب؛ بل تسخّره لخدمة البشر.

يأتي مشروع نيوم للطاقة الخضراء ليضع لبنة جديدة ضمن لبنات البناء الهيكلي الجديد للسعودية، وفي إطار دورها العالمي لتحسين أحوال المناخ العالمي، عبر التحول إلى أنواع الطاقة الجديدة، وكذا تلبية الطلب المتزايد على الطاقة عالمياً، وانطلاقاً من دورها الريادي في تطوير مصادر طاقة جديدة وبديلة.

هل باتت الحاجة إلى الهيدروجين الأخضر أمراً ضرورياً وملحاً؟ الشاهد أنه في عام 2021 أطلقت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيير المناخ (IPCC)، تحذيرات بشأن العوز المُلح للانتقال من الاعتماد على استخدام الوقود الأحفوري الملوث للهواء مصدراً للطاقة، إلى مصادر طاقة أخرى خالية من الانبعاثات الضارة بالمناخ، لدرء آثار أسوأ أزمة مناخية قد يشهدها العالم في عصر ما بعد الصناعة.

قبل ذلك بنحو عامين، وفي تقرير لها أصدرته عام 2019، شجعت «الوكالة الدولية للطاقة»، كافة بلدان العالم، على الاستثمار في الهيدروجين بوصفه أحد الحلول المتعددة الاستخدامات، بحيث يمكن استخدامه كوقود نظيف يوازن بين مصادر الطاقة المتجددة الأخرى في توليد الكهرباء، وتوفير الطاقة المنخفضة الكربون لمسافات طويلة جداً، وتخزين الكهرباء لمواجهة الاختلالات الأسبوعية أو الشهرية في العرض والطلب.

يمكن القطع بأن هذا النوع من الطاقة المتجددة بات مفتاح الاقتصاد المحايد للكربون، وفي مقدمة الحلول المقترحة للاستخدام في القطاعات الأكثر استهلاكاً للطاقة، مثل قطاعات الطيران والشحن البحري، والصناعات الثقيلة، وحتى في تدفئة المنازل.

ثورة نيوم تجاه الهيدروجين الأخضر في واقع الحال هي امتداد لسنوات طوال من العمل الجاد، ذاك الذي قامت به شركة «أرامكو السعودية»، لاستكشاف الطرق المحتملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وربما الأزرق العالي النقاء، من المواد الهيدروكربونية، ما يفيد بطفرة علمية معملية ضمن صفوف شباب علماء السعودية في مجال الطاقة.

قصة الهيدروجين قصة غير اعتيادية، ومستقبلها ثري على كافة الصعد الاقتصادية والجيوسياسية، دفعة واحدة.

بداية يمكن للهيدروجين الأخضر تلبية ربع احتياجات العالم من الطاقة بحلول عام 2050، وبحجم مبيعات سنوية يصل إلى 770 مليار دولار.

من جهة أخرى، يتوقع مجلس الطاقة العالمي أنه بحلول عام 2025، يمكن أن تغطي استراتيجيات الهيدروجين الوطنية البلدان التي تمثل أكثر من 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي منه.

يبدو السباق العالمي على إنتاج الهيدروجين الأخضر أحد مسارات التنافس بين القوى الدولية الكبرى، فقد وضعت أوروبا والولايات المتحدة الأميركية خططاً كبيرة لبناء مزيد من أجهزة التحليل الكهربائي، أي الآلات التي تستخدم الكهرباء لفصل وسحب ذرات الهيدروجين من الماء.

هنا -وحسب التقارير الدولية المعنية بهذا النوع من الطاقة الجديدة- فإن الصين قد سبقت الجميع في هذه التقنية.

هل سيخلق التنافس على إنتاج الهيدروجين الأخضر واقعاً جغرافياً سياسياً جديداً للطاقة حول العالم؟ حكماً نعم، لا سيما في البلدان التي تنعم بوفرة الشمس والرياح، والطامحة للقيادة في العالم الجديد.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر السعودية والمستقبل طريق الهيدروجين الأخضر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab