8 مليارات استيقظ يا روبرت مالتوس

8 مليارات.. استيقظ يا روبرت مالتوس

8 مليارات.. استيقظ يا روبرت مالتوس

 العرب اليوم -

8 مليارات استيقظ يا روبرت مالتوس

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

نهار الخامس عشر من نوفمبر تشرين الثاني الجاري، بلغت البشرية نقطة غير مسبوقة، فيما يخص تعداد السكان على وجه الكرة الأرضية، وذلك بعد أن بلغ عدد قاطني المسكونة نحو 8 مليارات نسمة، الأمر الذي اعتبر نقطة فاصلة في تاريخ التطور البشري.

حتى أوائل القرن التاسع عشر، كان سكان الأرض لا يزيدون عن مليار نسمة، وفي أقل من قرن واحد تضاعف العدد ثماني مرات، الأمر الذي يفتح الباب واسعا للعديد من الأسئلة، وهل يتوجب علينا أن نتذكر بنوع خاص روبرت مالتوس، الباحث السكاني والاقتصادي الإنجليزي الشهير، من أعمال القرن التاسع عشر، وصاحب النظرية الخاصة بالعلاقة بين زيادة السكان وزيادة الموارد الطبيعية اللازمة لحياة البشر؟

ما قاله مالتوس هو أن البشر يتزايدون بمتوالية هندسية، أي 2، 4، 8، 16، وهكذا، فيما الموارد الطبيعية التي تتيحها الكرة الأرضية تمضي بمتوالية عددية، أي 2،4،6،8، وهكذا، ما يعني أن هناك فجوة كبيرة لابد لها أن تحدث يوما ما بين قدرة الكوكب على إطعام أبنائه، ومعدل الزيادة السكانية للبشرية.

ما هو السبب الرئيس في هذا النمو السريع والمخيف؟ وهل ستمضي هذه الزيادة على هذا النحو في قادم العقود؟

بحسب بيانات الأمم المتحدة، يعزى هذا النمو غير المسبوق إلى الزيادة التدريجية في عمر الإنسان بسبب تحسينات أجريت على الصحة العامة والتغذية والنظافة الشخصية والطب، كما أنها نتيجة مستويات عالية من الخصوبة في بعض الدول.

والشاهد أن الأمم المتحدة تقدر أن يصل عدد سكان كوكبنا إلى 9 مليارات نسمة بحلول 2037، ثم يبلغ ذروته عند 10.4 مليار نسمة بين عامي 2080 و2100.

هنا يلاحظ أن معدل زيادة السكان يتباطأ بشكل واضح، الأمر الذي يرد إلى ضعف خصوبة البشرية في المائة عام القادمة من جهة، وارتفاع معدلات الوفيات، في مقابل معدلات المواليد، هذا إذا خلينا جانبا، الاحتمالات الخاصة بحدوث حرب عالمية نووية مهلكة للزرع والضرع، يمكن أن تؤدي إلى كارثة بشرية وفناء مئات الملايين في ضربات صاروخية سريعة لا تصد ولا ترد.

ولعل رؤية تحليلية أعمق للأرقام، تعطينا مؤشرات أكثر أهمية عن قادم الأيام، فعلى سبيل المثال، ستكون الزيادة السكانية في المائة عام القادمة، مركزة بنوع خاص في القارة الإفريقية، وهو أمر يتسق وطبيعة نسب الخصوبة، بالإضافة إلى أن القارة السمراء لا تزال قادرة على استيعاب المزيد من السكان، إن أحسنت استغلال مواردها الطبيعية من جهة، والوصول إلى معدلات تنمية مستدامة متميزة، ما يخرجها من دائرة الفقر، ويخفض من أعداد الفقراء.

الأمر الآخر المرجح هو تغير في التركيبة الديموغرافية للكثير من الدول الكبرى، فعلى سبيل المثال، من المحتمل أن تتفوق الهند على الصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان في الأعوام القليلة القادمة.

هناك علاقة أخرى قائمة بين التغيرات المناخية، وزيادة عدد السكان، ذلك أن حوالي 90% من النمو السكاني خلال العقد المقبل سيأتي من البلدان الأقل تلويثا، فسكان الهند وإفريقيا أقل بكثير من نظرائهم في أميركا وأوروبا والصين، ووفقا للأمم المتحدة، فإن البلدان الفقيرة وذات الدخل المتوسط الأدنى مسؤولة فقط عن سُبع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.

البيانات الخاصة بتعداد سكان القارات منفصلة، تضع القارئ أمام عدة حقائق، بعضها موصول بنوع خاص بالقارة الأوروبية، تلك التي تصل معدلات النمو السكاني في بعضها إلى صفر في المائة، الأمر الذي يرسم علامات مخيفة حول مستقبل تلك الدول، وما إذا كانت قادرة على الحفاظ على الأصول والجذور التاريخية لها، أم أنه سيتم إحلالها وإبدالها بشعوب أخرى أقرب جغرافيا، ومن خلال الهجرات المختلفة شرعية كانت أو غير شرعية.

عطفا على ذلك، فإن تناقص عدد السكان في دولة ما، في مواجهة ارتفاع أعداد الوفيات، يقود حتما إلى تحولها من مجتمعات شابة منتجة، إلى جماعات بشرية مصابة بالشيخوخة غير قادرة على الإنتاج مع عدد أقل نسبيا من الأشخاص في سن العمل لإعالة المتقاعدين، مما يعني ضرائب أعلى أو إنفاق أقل على كبار السن.
هل هذه لحظة يتوجب على العالم الاحتفال بها، أم التوجس منها، والقلق بشأنها، والتحسب مستقبلا لتبعاتها والتي قد تبدو كارثية، وبالتحديد إذا أخذنا في اعتبارنا رؤية روبرت مالتوس المتقدمة؟

تبدو العلاقة بين زيادة السكان ومصادر الغذاء لأجيال المستقبل مثيرة للقلق، فقد عاش أكثر من 60% من البشر منذ 35 عاما في المناطق الريفية، أما اليوم فيعيش أكثر من نصف سكان العالم (54%) في المناطق الحضرية وتواصل هذه النسبة ارتفاعها.

وفي العام 2050 سيعيش أكثر من ثلثي البشر في المدن ما سيؤدي إلى إضافة صافية تبلغ 2.4 مليار نسمة في البلدان والمدن، وعليه فإن زيادة تعداد سكان المدن تؤثر على أنماط استهلاك الغذاء، إذ يتسبب ارتفاع مستويات الدخل في المناطق الحضرية إلى زيادة الطلب على المواد الغذائية.

ما الذي يتوجب على البشرية فعله لملاقاة مثل هذه الزيادة في قادم الأيام؟

المؤكد أنه من غير خطة منهجية مدروسة، سوف تصبح البشرية في مواجهة أزمات متصاعدة، ومن هذا المنطلق فإنه لابد من تبني سياسات قائمة على تنويع مصادر الغذاء، ودعم المنظمات المعنية على تبني ممارسات غذائية جديدة تواكب المتغيرات، وكذا تشجيع الحلول والطرق الزراعية الحديثة خاصة في القارة السمراء.

من جهة أخرى يعن لنا التساؤل: "ماذا عن العالم العربي والشرق الأوسط؟".

من الواضح للغاية أن نسبة الشباب في تلك الرقعة الجغرافية تتجاوز الشيوخ، ومعدلات الولادة أكبر من معدلات الوفاة، الأمر الذي يمكن أن يترجم بردا وسلاما على عملية التنمية المستدامة، وإن تطلب الأمر رؤية جماعية مستقبلية بين الدول العربية وبعضها بعضا.

هل يتوجب على مالتوس الاستيقاظ ومتابعة نجاعة نظريته في حاضرات أيامنا؟

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

8 مليارات استيقظ يا روبرت مالتوس 8 مليارات استيقظ يا روبرت مالتوس



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab