سقف الدين الأمريكي منعطف مثير وخطير

سقف الدين الأمريكي.. منعطف مثير وخطير

سقف الدين الأمريكي.. منعطف مثير وخطير

 العرب اليوم -

سقف الدين الأمريكي منعطف مثير وخطير

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

سريعا بدأ موسم معارك الكونغرس، وبخاصة في ظل الصراعات الخفية والظاهرة، بين الحزبين الكبيرين، والكثير من الثأرات القديمة، التي يتطلع أصحابها للإنتقام كل من غريمه.

بدأ الموسم إفتتاحيته من خلال أزمة وثائق بايدن السرية، والتي تكاد تشبه كرة الثلج، ذلك أنها تكبر وتتعاظم يوما تلو الآخر، وهي ليست حديثنا، بل لنا معها عودة عما قريب، وفي ضوء ما يستجد من أحداث.

حديث الساعة هو قضية سقف الدين الأمريكي، ذلك أنه وخلال الساعات القادمة، حتى نهار الخميس، يمكن أن تدخل الولايات المتحدة في حالة شلل أو إغلاق حكومي.

قصة سقف الدين الأمريكي باتت تتكرر بصورة شبه تقليدية، غير أنها هذه المرة، تكتسب مخاطر مجتمعية وسياسية، قبل أن تعكس وجها فراقيا وشقاقيا سياسيا.

جرت العادة أن تغطي حكومات الولايات المتحدة العجز بين الإيرادات والنفقات، من خلال الإقتراض، سواء من الأسواق الخارجية، وغالبها دول وحكومات، أو من الداخل المتمثل في البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية الكبرى.

غالبا ما يكون الإقتراض في صورة أوراق مالية قابلة للتداول، وأذونات خزانة، وأحيانا سندات تضمنها الحكومة الفدرالية، ولا تتاثر بالتضخم، حيث تستثمر فيها دول وحكومات وصناديق كبرى.

يبلغ الحد الأقصى للدين المسموح به للولايات المتحدة 31.4 تريليون دولار ، وحتى السبت الماضي ، بلغ 31.38 تريليون دولار، بحسب أخر البيانات على موقع وزارة الخزانة الأمريكية.

يبدو الرقم المتقدم حقا مخيفا، ذلك أنه يعني أن الدين العام يقارب 130% من الناتج الإجمالي لأمريكا، وبتوزيعه على تعداد أمريكا، يخلص المرء إلى أن كل مواطن أمريكي كبير أم صغير، رجل أم سيدة، بات محملا بإعباء هذا الدين.

هل يمثل المشهد مخاطر حقيقية على سمعة أمريكا مالئة الدنيا وشاغلة الناس؟

ذلك كذلك قولا وفعلا، وهو ما نبهت إليه وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت بلين، حيث أعتبرت أنه ما لم يقوم الكونغرس برفع سقف الدين ، ليتجاوز مبلغ 31.4 ، فإن البلاد ستدخل في إجراءات إستثنائية ، ستكون لها نتائج مريرة على الأمريكيين في الداخل ، كما ستنعكس على مقدرة أمريكا على سداد ديونها .

في الداخل، سوف يتم تعليق المساهمات في صناديق التقاعد ، والصناديق السيادية ، وهو أمر لا يمكن بحال من الأحوال أن يستمر لأكثر من ستة أشهر .

وبتفكيك أكثر ، سوف تتأثر عمليات الرعاية الصحية ، والعديد من الخدمات الطبية التي تقدمها الحكومة الإتحادية لمواطنيها ، مثل الميدكيد ، والميدكير ،وغيرهما .

كما ستعاني العديد من الأعمال الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على قروض فيدرالية ، وسيتوقف دفع رواتب الموظفين الفيدراليين ، وبالنتيجة سوف تغلق الكثير من الشركات أبوابها.

يعني ما تقدم أن الإقتصاد الأمريكي الداخلي ، والذي يعاني حتى الساعة من أثار جائحة كوفيد – 19 من جهة ، ومن تبعات الحرب الروسية – الأوكرانية من جهة ثانية ، سوف يتجرع المزيد من الركود والتضخم والكساد ، عطفا على زيادة الأسعار ، ما يعني عدم قدرة المواطن الأمريكي على تلبية إحتياجاته اليومية بالشكل الذي أعتاده .

على أن الطامة الكبرى التي ستحدث حال عدم رفع سقف الدين ، وإستمراء الحزبين لحالة العناد ، تتمثل في التخلف عن سداد الديون الخارجية ، الأمر الذي لا يمكن إصلاحه بإعتراف بيلين نفسها ، وهو ما قد يدفع بتخفيض التصنيف الإئتماني السيادي لأمريكا ، وبالتالي لن يتم النظر إليها بوصفها أفضل مكان للإستثمار حول العالم ، وللقارئ أن يتخيل ردات الفعل الدولية، حال طالبت دول العالم والمستثمرين الأممين ، بودائعهم ،أو محاولة تسييل أذونات الخزانة التي يحوزونها .

لماذا تبدو المعركة قاسية بين الجمهوريين والديمقراطيين ؟

بإختصار غير مخل ، يرى الجمهوريون ، أن الديمقراطيين قد أسرفوا بغير حد أو مد ، خلال العامين الماضيين ، لاسيما أنه كانت لهم اليد الطولى في مجلس النواب .

في أكتوبر الماضي ، وفي خضم أزمة مشابهة ، قال مكتب الميزانية في الكونغرس ، إن عبء الدين الإتحادي سيتضاعف على مدى الثلاثين عاما القادمة ، ليبلغ 202% من الناتج الإقتصادي بحلول عام 2051، مع نمو العجز وإرتفاع أسعار الفائدة في نهاية المطاف .

لم يعد هناك أدنى شك ، في أن الولايات المتحدة الأمريكية ، لا تعاني من حالة تشظي سياسي ، تعمل على تفتيت نسيجها المجتمعي فحسب ، بل أضحت على عتبات أزمة إقتصادية واضحة تدل عليها معدلات الفائدة غير المسبوقة ، والتي بلغت نحو 5% ، ما ينذر بالمزيد من الإنكماش والكساد ، ويحذر من إمكانية إنهيار سوق العقارات على سبيل المثال ، ما يعيد أشباح أزمة التوريق البنكية العقارية للعام 2008.

ما المطلوب من الديمقراطيين المسيطرين على مجلس الشيوخ؟

يرى الجمهوريون أنه لابد من تخفيض الإنفاق ، وإنهاء نهج بايدن الخاص بسياسات الإستدانة الأمر الذي يجعل الطفل الأمريكي بمجرد ولادته ، مطالبا ب 150 ألف دولار من ديون بلاده ، والعهدة هنا على الكاتب الأمريكي ستيفن مور ، عبر صحيفة "ذا هيل " الأمريكية.

حكما لن يقبل الديمقراطيون ذلك ، ومرد الأمر أن البديل مر ، ويتمثل في تخفيض النفقات أو زيادة الضرائب ، وكلاهما يقود إلى فقدان الديمقراطيين حضورهم وشعبيتهم بين مؤيديهم ، لصالح الجمهوريين .

الأمر المثير الأخر هو أن تخفيض النفقات ، سيؤثر على واحدة من أهم القضايا مثار الشد والجذب في الكونغرس ، ونعني بها قضية تمويل الحرب في أوكرانيا .

يتساءل الجمهوريون ، وربما معهم ملايين الأمريكيين :" هل مائة مليار دولار دعما لكييف – زيلنسكي ، خدمت الأمن القومي الأمريكي ، أم يتوجب التوقف والبحث في الحلول السلمية ؟.

مهما يكن من أمر ، تبدو واشنطن في الساعات القليلة القادمة أمام منعطف مثير وخطير ، لكنه طبيعي للذين عندهم علم من كتاب دورات الحضارات الكبرى، نشوءها وإرتقاءها، ثم إضمحلالها، من فرط إمتدادها الإمبراطوري.

 

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سقف الدين الأمريكي منعطف مثير وخطير سقف الدين الأمريكي منعطف مثير وخطير



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام
 العرب اليوم - أحمد حلمي يكشف تفاصيل لقائه بتركي آل الشيخ وجيسون ستاثام

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس

GMT 07:06 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 6 في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين بغزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab