السعودية وسلاسل الإمداد العالمية

السعودية وسلاسل الإمداد العالمية

السعودية وسلاسل الإمداد العالمية

 العرب اليوم -

السعودية وسلاسل الإمداد العالمية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

هل جاء إعلان سمو ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، عن المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، لتسهم المملكة في حل واحدة من أعقد وأخطر الأزمات، والتي باتت محدقة بالعالم، مهددة بأزمات في مسارات توريد الأغذية للأمم والشعوب، لا سيما النامية منها، ولتعزيز موقع المملكة كمركز رئيسي وحلقة وصل حيوية، من منطلق موقع السعودية الجغرافي، ودورها الإنساني حول العالم؟

تعود جذور الأزمة إلى أوائل العام 2020، وذلك حين أبطا فيروس كوفيد-19، حركة التوريدات العالمية، المعروفة باسم، سلاسل الإمداد، حيث علقت الشركات المصنعة العمل، حتى يتم مراعاة اعتبارات السلامة.

والثابت أن حركة التجارة العالمية استمرت بقدرات منخفضة، ولم تتعاف تماما، وأدت التحديات الجديدة في عام 2021، بما في ذلك ما يعرف بمتغير دلتا، وانخفاض الوصول إلى لقاح كوفيد -19 في البلدان النامية، إلى تفاقم تعافي الإنتاج العالمي، حتى مع استئناف الاقتصادات الأكثر ثراء وتحصينا، مثل الولايات المتحدة وأوربا، أنماطها الاستهلاكية.

والشاهد أن الأقدار شاءت أن تتلقى البشرية لطمة كبرى، حتى قبل أن يتم التعافي بشكل كاف من الجائحة، فجاءت الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعياتها لتجعل من الأمن الغذائي العالمي، سيف ديموقليس المعلق على رقاب الجميع، لاسيما بعد التداعيات الكارثية المتعلقة بحركة النفط العالمي من جهة، وارتفاع أسعار المحاصيل والسلع والخدمات من جهة ثانية، وليس سرا القول إن هذا الوضع قد خلق تهديدات حقيقية بحدوث مجاعات، لا سيما في الدول النامية، وجماعات العالم الثالث، وفي العالم العربي بنحو خاص، لم تسلم دولة عربية من العاصفة الاقتصادية هذه، الأمر الذي دفع بكبار العقليات الاقتصادية لدق ناقوس الخطر بشأن تهديدات متوقعة للأمن الغذائي، ومخاوف من قلاقل وتبعات لاحقة.

لماذا مبادرة ولي العهد في هذا السياق؟

المؤكد أن هناك فلسفة ما وراء هذا الطرح، تتسق ورؤية السعودية للمستقبل، ضمن خطوط 2030 التي يقودها سمو ولي العهد، وفيها تبدو القضايا المصيرية طرحا ذاتيا، وليس سعيا للحضارة بالاستعارة، إن جاز التعبير.

المبادرة التي طرحها الأمير محمد بن سلمان، سوف تسهم قولا وفعلا، مع بقية المبادرات التنموية الشبيهة، في جعل المملكة موقعا وموضعا عالميا للوصل والتواصل، الإنساني والاقتصادي، ومجالا محبوبا ومرغوبا لاستقطاب الاستثمارات من كافة بقاع وأصقاع العالم، وفتح مسارات متعددة في مختلف أراضي المملكة للاستفادة من مواردها، وقدراتها لدعم وتنمية تلك السلاسل.

تأتي هذه في سياق ما بات يعرف بأفكار اقتصاد الابتكار، أي تلك الرؤى الإبداعية، الخارجية عن صفوف المعروف والمألوف والموصوف، أفكار تتساوق وحال الاقتصاد العالمي، ذاك الذي بات يئن تحت وقع ضربات كلاسيكية، لا تصلح معها الحلول التقليدية، والناظر لمشهد إقتصاد المملكة، يدرك كم نجحت في بلورة طروحات خلاقة، تتجاوز ما عاشته منذ منتصف أربعينات القرن العشرين، أي حين تم إكتشاف النفط، وسارت الرؤى طوال نحو ثمانية عقود في إطار، الاقتصاد الريعي، فيما الآن تبدو بدائل البحث عن الطاقة النظيفة كالهيدروجين الأخضر، وفتح مساحات واسعة لعالم السياحة، وارتياد جغرافية المملكة الواسعة الشاسعة، وبما فيها من آثار تاريخية، وامتيازات بيئية طبيعية، لتكتب سطورا من نور لاقتصاد قادم.

تستهدف خطة سمو ولي العهد لسلاسل الإمداد العالمية جذب نحو 40 مليار ريال، من الاستثمارات النوعية والصناعية والخدمية في سلاسل التوريد العالمية، وذلك خلال العامين الأولين من إطلاق المبادرة.

ولعل الأمر الإيجابي في التفكير النوعي الخاص بتلك المبادرة، هو تقديم المملكة حوافز تقدر بنحو 10 ريالات في شكل حوافر مالية وغير مالية لمستثمري سلاسل التوريد، الأمر الذي يعني وقوف الحكومة بقوة وفاعلية، بجوار أصحاب النوايا الاستثمارية الإيجابية والخلاقة.

هل تجيء مبادرة سلاسل الإمداد الغذائي السعودية لتساهم في حل أزمة عالمية، لا أحد يعلم متى سيحين موعد نهايتها، وبخاصة في ظل التوتر الذي يضرب العالم من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، ولم يتبق سوى الحرب الكونية، لا قدر الله؟

وفقا لـ"المعهد الدولي لبحوث السياسات الزراعية"، فإن أوكرانيا وروسيا تنتجان حوالي ثلث القمح المتداول في الأسواق العالمية، وحوالي ربع الشعير في العالم.

قبل بضعة أيام، بدا وكأن العالم على عتبة حقيقية لمجاعات قادمة، والسبب تصاعد أزمة الخلاف حول توريد الحبوب ما بين موسكو وكييف، والتهديدات المتبادلة بإحراق وإغراق السفن التي تحمل الحبوب للعالم.

وليأخذ القارئ دولة مثل الصومال على سبيل المثال، والتي تعتمد على روسيا وأوكرانيا في أكثر من 90% من وارداتها من القمح، فبحسب مؤشر الأمن الغذائي، يتعرض أكثر من 460 ألف شخص في الصومال واليمن وجنوب السودان لظروف المجاعة، وهذه مرحلة ما قبل الإعلان عن حدوث مجاعة في منطقة ما.

مبادرة المملكة لا تنتظر المستثمرين، لكنها تسعى في إطار الترويج الاقتصادي المبدع لما يتوافر في المملكة بسواحلها وشواطئها، بصحرائها وهضابها ووديانها، من فرص استثمارية وعرضها على المستثمرين، وإنشاء عدد من المناطق الاقتصادية الخاصة، والتي يمكن من خلالها إيجاد بيئة جاذبة للمستثمرين، بالإضافة إلى جذب المقررات الإقليمية للشركات العالمية إلى البلاد.

إعلان سمو العهد الأخير، حلقة مضافة، ضمن عقد فريد، من المبادرات التي تحسن أحوال العالم، والتي تفتح المجال لحياة أرحب للأجيال السعودية الشابة، حلقة تعزز مكانة المملكة الاقتصادية، لتصبح ضمن أكبر 15 اقتصادا عالميا بحلول 2030.

والمعروف أنه خلال أيام قليلة سوف تشهد مدينة شرم الشيخ المصرية، مبادرات عدة تقودها المملكة بهدف تحسين أوضاع المناخ البيئي العالمي، مثل "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر".

هل من خلاصة؟
تمضي المملكة في سياقات استنهاض قوى البشرية، في وقت تحتاج الكرة الأرضية لتضافر جهود أبنائها، وللحفاظ على مقدرات الكوكب الأزرق، من الحرق والغرق.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السعودية وسلاسل الإمداد العالمية السعودية وسلاسل الإمداد العالمية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab