الأهم في قمة جدة

الأهم في قمة جدة

الأهم في قمة جدة

 العرب اليوم -

الأهم في قمة جدة

نديم قطيش

العادات القديمة تموت بصعوبة، مثلها أيضاً الأفكار والتصورات. بدا ذلك واضحاً في جوانب مهمة من الموقف الأميركي في قمة جدة. تفرد الرئيس الأميركي الزائر جو بايدن، بالحديث عن الدور الأميركي في المنطقة والعلاقات الأميركية الخليجية من زاوية أن واشنطن لن تترك «فراغاً تملؤه الصين أو روسيا أو إيران»! كان قد سبق لبايدن أن كتب في مقالته الممهدة للزيارة في صحيفة «واشنطن بوست» أن تحسين العلاقات الأميركية - السعودية ضروري «لوضع الولايات المتحدة في أفضل موقع ممكن للتغلب على الصين».
لا تعبر فكرة سياسية كهذه عن فهم أميركي دقيق لما تغير في العالم، على مستوى العلاقات الدولية والاقتصادية وتوسع شبكة المصالح المتبادلة، لا سيما بين الصين ودول المجموعة الخليجية.
لم تتوقف العلاقات الصينية - السعودية عند حدود الاعتماد الصيني المتنامي على النفط؛ فبعد توقيع الاتفاق الاستراتيجي بين البلدين عام 2016 تجاوز حجم التبادل التجاري بينهما عام 2020 سقف 65 مليار دولار بالمقارنة مع نحو 20 مليار دولار بين السعودية وأميركا في العام نفسه.
وتغطي العلاقات السعودية - الصينية مساحات لا حصر لها من التعاون التكنولوجي، لا سيما في تقنية اتصالات الجيل الخامس عبر شركة «هواوي»، بالإضافة إلى التعاون في مجال صناعة الصواريخ الباليستية وتطوير استثمار الموارد الطبيعية غير النفطية.
من هنا بدا مثلاً تركيز الرئيس الأميركي على الاستثمارات السعودية - الأميركية المستقبلية في تكنولوجيا اتصالات الجيلين الخامس والسادس وكأنه غارق في سياقات حرب باردة جديدة أو منطق «تنافس الدول العظمى»، في الوقت الذي تتحدث فيه الرياض علناً عن تنويع علاقاتها الاستراتيجية بمنطق تكاملي لا تلغي فيه أي علاقة أخرى أو تهمشها.
ولا يخفى أيضاً أن الرياض وحلفاءها في المنطقة يرون في الصين حليفاً مهماً يمتلك مزيجاً استراتيجياً من العلاقات الإيجابية مع إيران كما من أوراق الضغط عليها، ما يضع بكين في مكان يبدو أقدر من واشنطن على التوسط بين الأطراف المتنازعة في الخليج، وصيانة المصالح الخليجية. وإذا كانت السياسة انطباعات قبل أي شيء، فإن الانطباع أن بكين أكثر موثوقية في لعبة إدارة المصالح الخليجية الإقليمية، لا سيما بعد أن غلب الظن أن بعض الإدارات الأميركية مستعدة لأن تضحي بمصالح حلفائها لصالح نقلات سياسية تجريبية في الشرق الأوسط كدعم إدارة باراك أوباما لـ«الإخوان المسلمين» وانفتاحها غير المضبوط على إيران.
النقطة الأهم التي تفوت الإدارة الأميركية والجناح «التقدمي المثالي» في الحزب الديمقراطي، أن ما كان يؤخذ على الصين أنها لا تمتلك نموذجاً للتصدير هو في الواقع نقطة القوة الأهم في العلاقات الصينية - السعودية، لا سيما في لحظة تعثر النموذج الليبرالي عن تقديم نفسه كبديل ملهم لأمم العالم.
من حيث المبدأ، لا تريد السعودية من يصدر إليها قيماً وأفكاراً ونظماً سياسية لا تراها تتماشى مع طبيعتها وتاريخها وتكون السلطة والدولة فيها، وهي نقطة حرص المسؤولون السعوديون على التصريح بها على أعلى مستوى.
ومن حيث تنافس الأفكار، لا تبدو المعركة محسومة بين النظام الديمقراطي وبين الأنساق السياسية الأخرى لصالح الأول، أقله لناحية تأمين الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية. فقد نجحت الصين في القول إن رفع مئات ملايين البشر من الفقر إلى الطبقات الوسطى ليس مشروطاً بآليات الحكم في نظام ديمقراطي. دعك عن تعثر النظم الديمقراطية في إيجاد حلول مستدامة لمشكلات الاقتصاد والبيئة والأمن الغذائي والأمن الاجتماعي وإدارة صراعات الهوية بكافة أشكالها.
أما في العالم العربي وبعد عقد مما سمي «الربيع العربي» تبدو سمعة الديمقراطية في أدنى مراتبها. فقد كشف استطلاع، أجرته شبكة «الباروميتر العربي»، في جامعة برينستون الأميركية عن أن المواطنين العرب في تسع دول عربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إضافة إلى الأراضي الفلسطينية، فقدوا ثقتهم بتحسن أوضاعهم الاقتصادية في ظل نظام سياسي ديمقراطي.
وعن سؤال للمشاركين في الاستطلاع حول ما إذا كانوا يفضلون حكومة فعالة أياً كان شكل نظامها السياسي، قال أكثر من 60 في المائة عبر الدول التسع إنهم لا يعترضون على شكل الحكم ما دامت السياسات الحكومية تتسم بالفاعلية.
تؤكد هذه الأمزجة أن شعبية وشرعية الحكم الرشيد تتوسع على حساب أفكار تصدير الديمقراطية، في أماكن مختلفة من العالم، وهو ما يعد انتصاراً للأنظمة التي تتمسك بخصوصيات سياسية واجتماعية وثقافية في مواجهة «التبشير» الديمقراطي الأميركي.
ببساطة شديدة، لا يوجد في الرياض اتجاه للمغامرة بكل الترسانة السياسية الاقتصادية التي نمت مع الصين من أجل العودة إلى تجريب المجرب، أو أن يحشر مصالح المملكة في لعبة الانحياز إلى قطب مقابل قطب في لعبة حرب باردة جديدة.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأهم في قمة جدة الأهم في قمة جدة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab