هل انتصرت سردية الرياض ـ أبوظبي

هل انتصرت سردية الرياض ـ أبوظبي؟

هل انتصرت سردية الرياض ـ أبوظبي؟

 العرب اليوم -

هل انتصرت سردية الرياض ـ أبوظبي

نديم قطيش
بقلم نديم قطيش

حسناً فعلت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بإقرارها أن الغرب أطال قبل أن يفهم «حقيقة بسيطة للغاية، هي أنه عندما كنا نعمل على منع إيران من تطوير أسلحة نووية، كان علينا أيضاً أن نركز على أشكال أخرى من الطائرات المسيّرة إلى الصواريخ الباليستية». فهذا الاعتراف يعد انتصاراً دبلوماسياً وسياسياً واستراتيجياً لمنطق دول الاعتدال العربي، لا سيما السعودية والإمارات، اللتين ثابرتا على مدى سنوات وأكثر، منذ تولي الرئيس جو بايدن الرئاسة الأميركية، على الدفع باتجاه هذا المنطق، بغية الربط بين سياسات إيران التخريبية في المنطقة وبرنامجها النووي، باعتبارهما نسقاً واحداً للسلوك الإيراني المدمر في الشرق الأوسط.
ببساطة شديدة، قالت فون دير لاين في كلمتها، خلال أعمال مؤتمر «حوار المنامة» بنسخته الثامنة عشرة، إن «الطائرات المسيّرة الإيرانية التي استُخدمت في الهجوم على سفينة نفط بخليج عُمان، الأربعاء الماضي، سبق استخدامها في هجوم شنته ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران على أبوظبي في يناير (كانون الثاني) الفائت». وأضافت، أن روسيا «أطلقت هذه الطائرات الإيرانية دون طيار ذاتها مراراً، ضد أهداف مدنية في مدن أوكرانية»، واصفة ذلك بأنه «انتهاكات صارخة للقانون، وجرائم حرب».
لم تكن هذه نقطة التحول الوحيدة في الموقف الغربي، بعد نحو ثلاث سنوات من أسوأ فترات التوتر بين دول الخليج وعواصم غربية، على خلفية اهتزاز عميق للثقة بينها وبين عواصم الخليج الرئيسية؛
ففي السياق نفسه، ومن على منبر «حوار المنامة» أيضاً، كشف منسق مجلس الأمن القومي الأميركي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بريت ماكغورك، عن «تشييد الولايات المتحدة بنية تحتية دفاعية متكاملة لردع التهديدات الوشيكة في منطقة الشرق الأوسط»، مؤكداً أن بلاده نجحت بفضل التعاون الأمني الوثيق مع الرياض في إحباط مخطط هجومي إيراني يستهدف السعودية.
هذا التحول في المواقف والتوصيفات والتحليل واللغة، هو انتصار لسردية ثابرت عليها كل من الرياض وأبوظبي، في مقابل سردية مغايرة، تصدرتها أصوات اليسار الديمقراطي في إدارة الرئيس بايدن، وممن عملوا ويعملون في كنف التحشيد لها في الإعلام ومراكز الأبحاث، وجلهم من مخرجات الحالة «الأوبامية»، التي زادت راديكالية، كرد فعل على رئاسة دونالد ترمب.
لو وسعنا زاوية النظر أكثر، لوجدنا أن النزاع الروسي - الأوكراني، الذي اتُّهمت فيه عواصم الخليج زوراً بالانحياز إلى روسيا، شكّل هدية لها ولسمعتها وموقعها. ببساطة شديدة يمكن القول إن المسيّرات الإيرانية التي تحدثت عنها المفوضية الأوروبية، مُوّلت من عائدات النفط الإيراني، لتكون عنصراً جديداً يضاف إلى ترسانة التخريب الإقليمي والدولي الذي تمارسه إيران من سواحل الإمارات إلى عمق المدن الأوكرانية في قلب أوروبا، في حين أن عائدات النفط الخليجي توظف في سياسات محلية وإقليمية ودولية تراهن على التجسير مع العالم، لا على قصف الجسور فيه، في وقت يعاني فيه هذا العالم ارتفاع معدلات التضخم، ومخاوف من احتمالات الركود الاقتصادي، وسيناريوهات مرعبة حول مآلات البيئة التي تشهد فيضانات وحرائق وموجات تغيير حراري غير مسبوقة.
قدّر صندوق النقد الدولي، قبل اندلاع النزاع الروسي - الأوكراني، أن تضيف دول الشرق الأوسط المصدّرة للطاقة ما يصل إلى 1.3 تريليون دولار في السنوات الأربع المقبلة، مما سيؤدي إلى تحسن في وضع صناديق الثروة السيادية في المنطقة، في وقت تشهد فيه الأصول العالمية عمليات بيع كبيرة تقلل من قيمتها. ومن البديهي أن ترتفع هذه التقديرات نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب في أوكرانيا، مما سيعزز من الوضع المالي للمنطقة، وبخاصة دول الخليج.
مما لا شك فيه أن الأولوية الاستثمارية لهذه العائدات الضخمة تذهب باتجاه برامج التنويع الاقتصادي، وتهيئة دول الخليج لاقتصاد ما بعد النفط، بيد أن هذا التحول الداخلي لا ينفك عن تحولات عالمية موازية في مجال البيئة والطاقة النظيفة، باتت دول الخليج صاحبة دور ريادي فيها.
في هذا السياق، قاد الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا لـ«السعودية الخضراء»، انطلاق النسخة الثانية من قمة «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني)، و«منتدى مبادرة السعودية الخضراء» يومي 11 و12 نوفمبر في مدينة شرم الشيخ المصرية، كنشاط متزامن مع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعنيّ بتغيّر المناخ (COP 27). وقد أعلن الأمير محمد بن سلمان استضافة بلاده مقر «مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، وإسهامها بمبلغ 2.5 مليار دولار دعماً للمبادرة على مدى السنوات العشر المقبلة؛ أي 15 في المائة من مجموع الحجم الاستثماري للمشاريع المستهدفة.
أما الإمارات العربية المتحدة، فوقّعت شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة، على هامش معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك 2022)، لاستثمار 100 مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة تبلغ طاقتها الإنتاجية 100 غيغاواط في كل من الدولتين، ومختلف أنحاء العالم بحلول عام 2035.
يعطي هذان المثالان فكرة عن العقل الذي يدير عائدات النفط في السعودية والإمارات، وهمومه، وصلاته بالعالم، في مقابل الكيفية والوجهة التي تدير بها إيران عائداتها، أو العائدات التي تستحوذ عليها مباشرة أو غير مباشرة من العراق.
وعليه، فإن التحول في الموقف الغربي من التحديات الأمنية المشكو منها خليجياً، الذي بدأتُ الحديث عنه هنا، ليس تحولاً تمليه مسؤوليات التحالف والتآزر فقط، بل هو خيار يقدم أو لا يقدم عليه الغرب بين دول تقدم نماذج مختلفة تماماً من العمل والمسؤولية.
فمن غير المنصف ألا يكون أداء هذه الحكومات وتوجهاتها ومستويات التزامها بالمسؤوليات الدولية، هو المدخل لتعريف العلاقات بها، أو أن يُختزل كل الشرق الأوسط بأنه «سبب للصداع بسبب التنافس المذهبي بين دوله»، بحسب سردية يسارية سطحية جرى تبنّيها أميركياً، وتأثر بها آخرون.
«حوار المنامة» كان مناسبة ألقت الضوء على شيء يتغير في المقاربة الغربية، وإن كانت فجوة الثقة الكبيرة تدعو للتمهل في التفاؤل.

arabstoday

GMT 13:05 2024 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

حزب الله بخير

GMT 11:57 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

مرحلة دفاع «الدويلة اللبنانيّة» عن «دولة حزب الله»

GMT 11:55 2024 الثلاثاء ,01 تشرين الأول / أكتوبر

هل هذا كل ما يملكه حزب الله ؟؟؟!

GMT 20:31 2024 الجمعة ,13 أيلول / سبتمبر

عشر سنوات على الكيان الحوثي - الإيراني في اليمن

GMT 20:13 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

صدمات انتخابية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل انتصرت سردية الرياض ـ أبوظبي هل انتصرت سردية الرياض ـ أبوظبي



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab