بين أميركا والعراق

بين أميركا والعراق

بين أميركا والعراق

 العرب اليوم -

بين أميركا والعراق

بقلم - فـــؤاد مطـــر

عام 2004 حدثت انتفاضة خجولة من جانب وسائل الإعلام الأميركي، صحفاً وفضائيات، بسبب ممارسات مخجلة اقترفها جنود وجنديات أميركان في سجن «أبو غريب» الذي ملأ به الحاكم الأميركي بريمر، ووزير الدفاع -زمنذاك- دونالد رامسفيلد، مئات السجناء. ونشرت تلك الوسائل صوراً لسجناء عراة تمثل إحداها جندية أميركية تستمتع وزميلها بتعذيب أسير أُجبر على التعري فيما هنالك كلب شرس أتى به الجنديان يهم بالانقضاض عليه.
زمنذاك، وبعد النشر، تفادى الرئيس بوش الابن ورامسفيلد ومعهما وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، الاعتذار عن الذي جرى في «أبو غريب»، واكتفى الثلاثة بإبداء الأسف.
مناسبة هذا الاستحضار من جانبنا لتلك الواقعة المشينة أن جوزيف بايدن الذي استقبلْنا تنصيبَه الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة خلفاً للرئيس دونالد ترمب، منتصف نهار الأربعاء 20 يناير (كانون الثاني) 2021، كان في زمن واقعة «أبو غريب» المشينة عضواً في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ. ولقد هزّت وجدانه اللقطات المصوَّرة لوقائع التعذيب في «أبو غريب»، فاقترح أن يستقيل رامسفيلد وزير الدفاع.
الآن وبعد ست عشرة سنة هنالك آمال معقودة على جوزيف بايدن الرئيس أن تكون مشاعره الإنسانية تجاه أحوال من التعذيب للأسرى والمساجين في «أبو غريبات» كثيرة، وكبح تغول أمم تدبر شراً للدول العربية.
وقد يقال إن ذلك الموقف الذي اتخذه بايدن الذي كان على الدرجة الأُولى في سُلم الصعود السياسي، إنما اتخذه لأن مقترفي الواقعة المشينة أميركان وأنهم -وهذا هو الأهم- في جيش الدولة العظمى أميركا. وهذه حيثية يؤخذ بها في حال أن أميركا لا تتصرف مع دول المنطقة كأنما هي اللاعب الأكثر فاعلية في أمن هذه الدول وسياساتها. ومثلما أنها تعطي لنفسها حق إصدار العقوبات، وتلك سياسة ازدهرت في سنوات الرئيس ترمب، ولكنها لم تبلغ منتهاها، فإن الواجب عليها في ظل ولاية رئاسية جديدة استكمال التصحيح الذي بدأته في اليوم الأول لها. ومع أن هذا التصحيح اقتصر على قضايا داخلية في معظمها، فإن أميركا التي تصحح هي غير أميركا التي كانت لا تقايض بشكل عادل، أي بما معناه إنها كانت تأخذ من الجانب العربي أكثر مما تعطي، بل يجوز القول إنها غرفت مواقف ومساندات واكتفت من الرد بإصدار عقوبات، جعلت الطرف المعاقَب في نظر مجتمعه كما لو أنه مظلوم من ظالم، وليس منتهجاً السلوك المعطِّل للاستقرار والأمن الاجتماعي. ولنا في هذا الذي يتواصل حدوثه في لبنان وسوريا واليمن ما يعكس فداحة هذا السلوك. كما لنا في هذا المستعاد حدوثه في العراق الذي ما إن وضع العهد الكاظمي التصحيحي قدمه على سكة إعادة النظر في توجيهات الاحتواء والتحضير لانتخابات تؤسِّس نتائجها لسُلطة تشريعية غير مرتهنة، حتى رأينا الرد السريع المزدوج عليه وفي وقت واحد. فها هو نوري المالكي يعترض على رقابة دولة محايدة لعملية الانتخاب، وهذا يعني أن الانتخابات إما تكون بمثل البرلمان الذي أبقى العراق في حال من الارتهان أو لا تكون. ثم يحدث الشق الثاني من الرد تفجيراً بنكهة سليمانية، وبما معناه أن الثأر للحاج قاسم المرجَأ حدوثه في قلب أميركا، يمكن البدء به في عراق مصطفى الكاظمي، الذي كان يسعى جاهداً لكي يبدأ في العراق عملية إعادة النظر التي خطواتها، من حيث المباشرة وعدم التأجيل ما يشبه الذي بدأه الرئيس الأميركي الجديد وفي اليوم الأول لإمساكه قلم التوقيع على قرارات أُعدت له سلفاً.
أعان الله الرئيسيْن المستهدفيْن اللذيْن ينويان بصدق تصحيح ما بات تصحيحه واجباً وطنياً، وإعادة النظر في سياسات واقترافات وخطوات وقرارات ظالمة. ونقول ذلك من منطلق كما أننا في العالم العربي توّاقون إلى أميركا الصديقة. كما أننا تواقون إلى أن ينجو العراق من الشِّباك التي كَبَّلت قراراته وإرادته الوطنية، علّ وعسى في نجاته ما يؤسِّس لنجاة لبنان، فلا يتواصل ذبولاً، ونجاة اليمن من الحوثيين.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين أميركا والعراق بين أميركا والعراق



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - يحيى الفخراني يختار التمثيل ويترك مهنة التدريس في كلية الطب

GMT 02:56 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

مقتل وإصابة 40 شخصا في غارات على جنوب العاصمة السودانية

GMT 10:42 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

عواقب النكران واللهو السياسي... مرة أخرى

GMT 10:46 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

إيران بين «طوفان» السنوار و«طوفان» الشرع

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 10:22 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

توتنهام يضم الحارس التشيكي أنطونين كينسكي حتى 2031

GMT 10:38 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

المشهد في المشرق العربي

GMT 10:27 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

سبيس إكس تطلق صاروخها فالكون 9 الأول خلال عام 2025

GMT 08:03 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 14:02 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

الاتحاد الإسباني يعلن رفض تسجيل دانى أولمو وباو فيكتور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab