تأملات في الليل الحزبي وشمس الطمأنينة

تأملات في الليل الحزبي... وشمس الطمأنينة

تأملات في الليل الحزبي... وشمس الطمأنينة

 العرب اليوم -

تأملات في الليل الحزبي وشمس الطمأنينة

بقلم - فـــؤاد مطـــر

ونحن نتأمل في القرار الذي اتخذه الرئيس رجب طيب إردوغان يوم الجمعة 9 مايو (أيار) 2023 وقضى بتعيين الخبيرة الاقتصادية الشابة (مواليد إسطنبول 1982) حفيظة غاية أركان رئيسةً لـ«البنك المركزي»؛ وذلك بهدف انتشال الليرة التركية من وهدة قاسية يكابد الشعب التركي تأثيراتها منذ أن ضرب الزلزال ضربته الماحقة، نشعر ببعض الأسى لما يعيشه البنك المركزي اللبناني منذ ثلاث سنوات، وكيف أن أسوأ الكلام والإهانات رماها مسؤولون وقطاعات حزبية على رئيسه رياض سلامة زادت تفاعلات ووصلت إلى حد أن هذا المسؤول المالي الحساس بات برسم المطاردة والمحاكمة والتحقيقات الدولية معه وبات ممنوعاً من مغادرة بلده، فضلاً عن مصادرة جواز سفره الفرنسي برسم التعليق. كما أن رئيس البنك المركزي هذا يواظب في عرينه المالي المسوَّر والذي حفلت جدرانه بكتابات مهينة لشخصه وبعضها يتجاوز الشتائم.

في تركيا صراعات سياسية وحزبية على مدّ الساحة العريضة وأشد ضراوة من الصراعات التي يشهدها لبنان، لكن الفرق بين السلوك السياسي والحزبي التركي وبين نظيره اللبناني أنهم في تركيا حريصون على وطنهم واستقرار مؤسساتهم الدستورية والمالية، وأهمها رئاسة الدولة ورئاسة البنك المركزي في حين نراهم في لبنان على درجة عالية من الاستهانة بالرئاستيْن، وإلاّ فما معنى التسويف في حسم أمر الاستحقاق المتعلق بممارسة واجب انتخاب رئيس للجمهورية وارتضاء فراغ طويل للكرسي الرئاسي من دون جالس عليه. وما معنى التهجم الممنهج وعلى قاعدة السوء بالرئاسة الأُخرى التي استقرارها من استقرار البلاد وطمأنينة العباد.

مناسبة هذا الكلام أن رئيس البنك المركزي اللبناني رياض سلامة الذي سيغادر المنصب مجللاً بالاتهامات غير المحسوم أمر أحقيتها حتى إشعار آخر كما حال الاتهامات التي تربك تطلعات دونالد ترمب لخوض غمار رئاسة الولايات المتحدة، كان مؤهلاً لكي يكون الأوفر حظاً لترؤس الجمهورية على نحو ما حصل مع إلياس سركيس (الراحل) الذي حرص في سنوات ترؤسه البنك المركزي أن يبقى في منأى عن الغرق في جشع المال ما دام يطَّلع بحكم مسؤولياته على ما تحويه التقارير التي تُرفع إليه من الإدارات المختصة في البنك المركزي من مليارات العملات، بدءاً بالدولار والليرة ومن ألوف السبائك الذهبية التي تشكِّل الدعم والاستقرار والطمأنينة للوطن والشعب.

ما عاشه لبنان مع جنرالات ترأسوا، بالتوالي إميل لحود وميشال سليمان وميشال عون، مع ملاحظة أن الأخير لم يتم ترئيسه بصفته قائداً للجيش انتقالاً من قيادة الجيش إلى رئاسة الجمهورية، وإنما بصفته رئيس حزب عارض النظام السوري إلى أن احتضنه هذا النظام من خلال التفاف «حزب الله» و«حركة أمل»، أي «الثنائي الشيعي» حوله واضطرار الثنائي الآخر في شخص رئيس الحكومة (زمنذاك) سعد الدين رفيق الحريري ورئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع، إلى التسليم بترؤسه الجمهورية. وتلك مرحلة امتزجت فيها المبدئيات بالضغوط بالرهانات، وأثمرت عوائدها خيبة شاملة ووضعاً بالغ التعقيد في الممارسة السياسية أوصلت لبنان الشعب والدولة إلى أنه بات في مهب التحديات التي لا تنتج رئاسة تضع الوطن على الصراط المستقيم، ولا تنقذ اقتصاداً بات على شفير الانهيار، ولا شعور لدى الناس بأن ثمة بصيص أمل في أن الليل الحزبي والحركي والتياري والقواتي وما يستأويه من مئات الأحزاب الصغيرة والمعلبة وذات مشاعر طائفية ولا تخدم الوطن في شيء. ولولا هذا الحرص المستجَد - كما لم يُلاحظ من قبل في العلاقة بين دولتيْن - من جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والحفاوة السياسية العفوية والصادقة بولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، لكانت ظلمة الليل اللبناني ستزداد سواداً. ولكن القمة السعودية - الفرنسية بدّدت الكثير من تلك الظلمة ورسمت ملامح تفاؤل للبنان الذي يزداد ضموراً في شتى المناحي، ومنها الخشية من أن ينتهي العسف بأصول منصب الرئاسة، بأنه على موعد بما قد يبعث التفاؤل بالخير مع انحسار متدرج للمماطلة وتصحيح الشوائب التي طُليت ودمغت بها سمعة البنك المركزي، وذلك باختيار من لا يضعف أمام كنز المال وبريق سبائك الذهب. ونقول إن القمة السعودية - الفرنسية يوم الجمعة 16 يونيو (حزيران) 2023 التي تلت القمة بين البطريرك الراعي والرئيس ماكرون تشكل البلسم للمحنة التي يعيشها لبنان الوطن والشعب... عدا الأكثرية من أهل السياسة والأحزاب والتيارات والحركات الذين عن ممارسة الواجب الوطني ساهون.

ولهذه التأملات في واقع الحال بقية كلام وإطلالات ومقاربات حول الليل الحزبي والتفاؤل بشمس الطمأنينة المُرجأ عن سابق تصميم إلى حين استنفاد الغرض. وكان الله في عون شعب يجازى ووطن لا يستحق مثل هذه الاستهانة به.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تأملات في الليل الحزبي وشمس الطمأنينة تأملات في الليل الحزبي وشمس الطمأنينة



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab