ليبيا وانطلاقة ماراثون توحيد الحكومتين

ليبيا وانطلاقة ماراثون توحيد الحكومتين

ليبيا وانطلاقة ماراثون توحيد الحكومتين

 العرب اليوم -

ليبيا وانطلاقة ماراثون توحيد الحكومتين

بقلم: جبريل العبيدي

ليبيا لها عقد ونيف من الزمن تعيش وتحاول أن تتعايش بحكومتين متنازعتين على الشرعية والسلطة ومتخاصمتين على الأرض والمال العام والخاص في دولة واحدة، مما هدَّد سلامة وحدة أراضيها في ظل ظروف عالمية وإقليمية شديدة التعقيد قد لا يعنيها كثيراً توحيد أو انقسام وانشطار ليبيا إلى دولتين، أو حتى ثلاث، ما دامت المصالح الدولية والإقليمية تتنازع على ثروات ليبيا، وهو المحرك الحقيقي لحالة الصراع والتشظي السياسي في ليبيا.

رغم أن شعار ماراثون القاهرة التأكيد على قوانين الانتخابات التي أنتجتها لجنة «6+6» مسبقاً، وتم تجميدها والقفز عليها من قبل مجلسَي النواب والدولة وحتى البعثة الدولية التي أعلن اجتماع القاهرة الغضب عليها، ورمى الفشل في حضنها، وكأن النواب في المجلسين كانوا مع الانتخابات وتسليم السلطة.

ماراثون مجلسَي النواب والدولة الذي انطلق في القاهرة، بهدف تشكيل حكومة جديدة تعاطى مع أمر واقع موجود، وصرف وإقرار الميزانية الجديدة (الأضخم في تاريخ ليبيا) التي سيُخصص جزء منها لحكومة الأمر الواقع والحكومة الأخرى المكلفة من مجلس النواب، وكل منهما سينفق وفق سيطرته على منطقته الجغرافية، وهذا تبرير مجلس النواب لاعتماده ميزانية هي الأضخم، تجاوزت 180 مليار دينار، جلها سيذهب للمرتبات المتضخمة دون عمل يُذكر، والآخر في الإنفاق الحكومي والمكتبي وسفريات الوزراء والنواب والمسؤولين بطائرات خاصة وفنادق 7 نجوم، ولن تُصرف على التحول للتنمية والتحرر من الاقتصاد الريعي الذي سيُفقِر ليبيا والليبيين ما لم تُوضع سياسة اقتصادية منتجة أو مستثمرة مع ترشيد حكومي، خاصة في الإنفاق والسفريات، والبحث عن مصادر دخل بديلة للنفط والغاز.

«توحيد» الحكومتين هو المحرك الرئيسي لاجتماع القاهرة بين النواب، وليس الانتخابات التي لا يرغب فيها المجلسان، وهي النقطة الأوحد المتفق عليها بينهما، ولكن لم يتضح بعد؛ هل هو دمج للحكومتين في حكومة واحدة أم هو إنتاج لحكومة ثالثة، وهو الخيار المرجَّح في أروقة البرلمان ومجلس الدولة ما دامت الحكومة الجديدة ستكون مكبلة، وغير قادرة على إنتاج انتخابات تشريعية ورئاسية، فهي مرحَّب بها من مجلسي البرلمان والدولة أصحاب المصلحة في الإبقاء على حالة المراوحة وإنتاج حكومات لا نفع منها سوى إهدار المال العام وولادة مليونيرات جدد في ليبيا، ما يعكس حالة اليأس لدى المواطن الليبي الذي يئس من إضاعة المال والوقت من قبل نخب سياسية ظن فيها الخير لليبيا ليكتشف حجم خيبة الأمل والصدمة، عندما يستذكر الآباء المؤسسين لليبيا الحديثة.

ففي نشأة ليبيا كانت عزيمة الأسلاف (الأجداد والآباء المؤسسين) هي الغالبة في إصرارهم على منع التقسيم ورفض الوصاية الاستعمارية للدول الثلاث، بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، بقرار أممي، وهو كان اتفاقاً سرياً يتضمن مشروع العودة لاستعمار ليبيا، من نافذة الانتداب والوصاية، كوجه استعماري جديد، في ثوب مختلف، ولكنّ عزيمة الأجداد، رغم أميَّتهم وقلة تعليمهم، هزمت مشروع التقسيم «بيفن - سفورزا» في بنغازي، 24 ديسمبر (كانون الأول) عام 1951، بقصر المنار، حيث أعلن عن استقلال ليبيا التي لن تعود للقيود بعد أن تحرَّر الوطن، كما تردد في نشيد استقلالها، بينما بعض من أخلاف اليوم (الأحفاد)، رغم حمل كثير منهم درجة الدكتوراه من جامعات عالمية، كخواء السيل، لا فائدة منهم في إظهار الحكمة والتسامي على الجراح أمام الحفاظ على أراضي الوطن من التقسيم المخطَّط له في دوائر غربية تعلَّم في جامعاتها بعض من هؤلاء النخب الضعيفة سليبة الإرادة.

الأزمة الليبية اليوم في ترقب صعود الدخان الأبيض، دليل الاتفاق على حكومة واحدة للبلاد، ولكن يبقى التفاؤل بنجاح اجتماعات القاهرة مبكراً، وماراثون الحوارات لا يزال في بدايته بين مد وجزر يبقى رهين جدية الأطراف جميعها في تحقيق شراكة وطنية ووفاق بين الجميع ممن يؤمنون بالدولة الوطنية، وتتجاوز أفكارهم منهج الإقصاء وأخونة الدولة الليبية أو صوملتها أو أفغنتها؛ فليبيا تعيش وضعاً غير طبيعي، وهي غير مستقرة، ومحاطة بحدود دول مضطربة جعلت من ليبيا معبراً للهجرة والنزوح.

ولكن ليبيا لن تكون إلا دولة وطنية مدنية، ولن تكون حاضنة للإرهاب أو ولاية تابعة للمرشد، فالتركيبة السكانية الاجتماعية القبائلية الليبية متجانسة الأصل والدين كانت ولا تزال حافظة للبلاد من شبح التقسيم، رغم أن السياسيين جعلوا منها بلداً متشظياً بحكومتين وبرلمانَين، ولكن مهما حدث، فإن ليبيا بشعبها وقبائلها لن تمرر مشروع ولاءات خارج حدود الوطن.

وحتى وإن نجح ماراثون القاهرة في إنتاج حكومة موحَّدة، فلن يتغير في الأمر شيء ما دامت الحكومة ستعمل كسابقاتها من العاصمة طرابلس الأسيرة لدى ميليشيات الإسلام السياسي وميليشيات الدفع المسبق والبنادق المستأجرة، مما يجعل الحكومة في حالة ابتزاز وارتهان مستمرة من قبل الميليشيات، فالأولوية لتفكيك الميليشيات وإخراج المرتزقة، لأنها ليست المرة الوحيدة التي يتم فيها توحيد الحكومة وتفشل وتنقسم مجدداً، وإلا «فكأنك يا أبا زيد ما غزيت».

 

arabstoday

GMT 08:26 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 08:25 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 08:22 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 08:20 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 08:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

«سنو وايت».. أهمية أن تكون أنت.. «أنت»!

GMT 08:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

هوامش على حياة الشهيد عبدالمنعم رياض

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

اللاعبون الأساسيون ومخاطر الفوضى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وانطلاقة ماراثون توحيد الحكومتين ليبيا وانطلاقة ماراثون توحيد الحكومتين



صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - اكتشاف تمثال يكشف الوجه الحقيقي لكليوباترا في معبد تابوزيريس

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين
 العرب اليوم - حريق يطال قبر حافظ الأسد في القرداحة وسط غموض حول الفاعلين

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب
 العرب اليوم - تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 14:35 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم
 العرب اليوم - عادل إمام يكشف كواليس لقائه الوحيد بأم كلثوم

GMT 04:44 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا
 العرب اليوم - بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة
 العرب اليوم - روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 16:39 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

التأثير الإيجابي للتمارين الرياضية على صحة الدماغ

GMT 06:13 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجربة علاج جيني جديد تظهر تحسناً مذهلاً في حالات فشل القلب

GMT 06:09 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

روبوت كروي ذكي يُلاحق المجرمين في الشوارع والمناطق الوعرة

GMT 20:19 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

الفنان جمال سليمان يبدي رغبتة في الترشح لرئاسة سوريا

GMT 18:20 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

بشار الأسد يصل إلى روسيا ويحصل على حق اللجوء

GMT 02:54 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

480 غارة إسرائيلية على سوريا خلال 48 ساعة

GMT 22:09 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

داني أولمو مُهدد بالرحيل عن برشلونة بالمجان

GMT 08:24 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

GMT 04:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الكينية تسجل 5 حالات إصابة جديدة بجدري القردة

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

استئناف عمل البنك المركزي والبنوك التجارية في سوريا

GMT 05:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

وزير الدفاع الكوري الجنوبي السابق حاول الانتحار في سجنه

GMT 12:06 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

إجلاء نحو 87 ألف شخص بعد ثوران بركان كانلاون في الفلبين

GMT 22:40 2024 الأحد ,08 كانون الأول / ديسمبر

الملك تشارلز والملكة كاميلا يصدران بطاقة الكريسماس

GMT 12:28 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

محمد رمضان يكشف أسباب تقديمه الأعمال الشعبية

GMT 05:43 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

سوريا: أفراحٌ... وهواجس

GMT 23:43 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

عائشة بن أحمد وكريم فهمي يجتمعان في فيلم دماغ ألماظ

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

قطر تعلن عزمها إعادة فتح سفارتها في سوريا قريباً

GMT 12:51 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

العربية للطيران تستأنف رحلاتها بين الشارقة وبيروت 18 ديسمبر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab