«حزب الله» والجبهة الخطأ

«حزب الله» والجبهة الخطأ

«حزب الله» والجبهة الخطأ

 العرب اليوم -

«حزب الله» والجبهة الخطأ

بقلم: جبريل العبيدي

عوَّدنا «حزب الله» على المغامرة والوجود في الجبهة الخطأ، في ظل تغييبه الدولة اللبنانية التي عانت من حرب أهلية في السبعينات من القرن الماضي وانتهت باتفاق الطائف الذي ضمن تقاسم السلطة بين الفرقاء السياسيين من دون الحاجة لأي تحالفات مسلحة، أو الحاجة لإبقاء السلاح في عهدة الأحزاب والقوى السياسية. لكنّ وجود «حزب الله» وسلاحه أضرّ بالعملية السياسية، وانتهى بارتهان إرادة لبنان عنده، ويغامر بمستقبله في حروب لا ناقة ولا جمل للبنان فيها.

«حزب الله» كان دائم التبرير لسلاحه بحجة المقاومة التي لم تحقق شيئاً للبنان سوى الدمار وتصدير أفكاره إلى دول الجوار اللبناني، الأمر الذي ستتحمل تبعاته الدولة اللبنانية. فظاهرة «حزب الله» ظاهرة إقليمية تسببت في عديد من الأزمات والمشكلات إقليمياً، بسبب تحوله إلى بندقية مستأجَرة في المنطقة، وتجاوزه دوره السياسي المدني وممارسة التداول السلمي إلى ميليشيا مسلحة داخل الدولة وخارج سيطرتها.

ولعل المتابع للشأن اللبناني لاحظ تسلط «حزب الله» والاستقواء بالخارج على الدولة اللبنانية، وعمله ميليشيا داخل الدولة، للحفاظ على لبنان مضطرب وعلى حافة حرب أهلية بين الحين والآخر، وهي غاية إقليمية لدول في المنطقة تعمل على توظيف بندقية وسلاح «حزب الله» تخدم مصالحها.

«حزب الله» ليس بقدر لبنان الذي يجب عليه التعايش معه، فهو جاء نتيجة صراع وحالة طائفية تم الانتهاء منها باتفاق جمع جميع الطوائف اللبنانية، ووجوده كقوة وسلطة أمر واقع فوق سلطة القانون، أصبح مرفوضاً من الشارع الشيعي قبل السنّي في لبنان ومن أغلب القوى السياسية، فلبنان بنكهته السياسية المتنوعة من كل الطوائف، أصبح أيضاً مرفوضاً من الشارع والشعب والقوى الوطنية، فجميعهم خرجوا وهتفوا للبنان موحِّد خالٍ من الطائفية.

مطلب الشارع اللبناني واضح، وهو نقاء لبنان من الطائفية، ونزع مخالب ميليشيا «حزب الله» عن كاهل الدولة، الأمر الذي أصبح مطروحاً للنقاش. ويعد التحالف مع مثل هذا الحزب والتستر عليه أو تمرير مشاريعه كالوقوف في الجبهة الخطأ.

أي اصطفاف سياسي أو عسكري مع «حزب الله» أو غيره من القوى المسلحة خارج الدولة اللبنانية يعد مخالفة صريحة لاتفاق الطائف، فاتفاق الطائف ضَمِنَ للجميع المشاركة السياسية وعدالة تقاسم السلطة، وبالتالي لا مبرر لأي قوى سياسية ممثلة في الاتفاق السياسي الاحتفاظ بسلاح خارج سلطة الدولة.

لعل مغازلة «حزب الله» من بعض سياسيي لبنان ولو بالصمت عن أفعاله المسلحة، يجعله في خندق واحد مع ميليشيا مسلحة لا مع حزب مدني سياسي لا يخضع لقوانين الدولة، والدليل تدخله العسكري والعلني خارج حدود لبنان في سوريا والعراق واليمن وحتى في ليبيا، الأمر الذي يضع الدولة اللبنانية أمام حرج كبير بل مسؤولية قانونية حيال ما يرتكبه «حزب الله» بوصفه شريكاً سياسياً في السلطة في لبنان وله وزراء يمثلونه، وما يصدر عنه يعد صادراً عن السلطة الحاكمة، وعليه لا بد من ضبط تصرفات هذا الحزب.

التحرر السياسي لبعض القوى اللبنانية من عباءة «حزب الله»، الذي يسعى لحكم لبنان بروح خارجية، وحتى لا تصبح القوى السياسية شريكاً للحزب في ميراث كبير جداً من الدماء التي تسبب فيها الحزب في سوريا والعراق واليمن، تجب عليهم إعادة النظر في تحالفهم معه ومع الجبهة الخطأ.

ميليشيا «حزب الله» هي «الحزب» المسلح في لبنان، مما يجعله يستقوي على الباقين بسلاحه الذي كان دائم التبرير له، بحجة «المقاومة» التي لم تحقق شيئاً للبنان سوى الدمار كما حدث في حرب يوليو (تموز) 2006، حيث لا تزال مزارع شبعا على حالها محتلة.

لحل الأزمة اللبنانية والخروج من دائرة الصراع المتجدد، أعتقد أن الأصح هو إسقاط العهد الطائفي وتصحيح الموقف السياسي من ميليشيا «حزب الله»، والتخلي عن الصمت أو التأييد لمغامراته العسكرية حتى لا يتحمل لبنان تبعات عبث الحزب وزعيمه، داخل وخارج لبنان، وعلى «حزب الله» الاختيار بين البقاء حزباً سياسياً غير مسلَّح أو البقاء تحت تصنيف «ميليشيا» مسلحة خارج سلطة الدولة.

ففي لبنان اليوم جيل يرفض الطائفية جملة وتفصيلاً بل لا يريد العيش في جلبابها، ويطالب بنظام ديمقراطي ينتصر فيه حق المواطنة الكاملة للجميع، وتحتكر فيه الدولة السلاح تحت سلطتها، ويخلو فيه لبنان من الميليشيات المسلحة.

 

arabstoday

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 03:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 03:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 03:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 03:42 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 03:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 03:37 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين وإسرائيل في وستمنستر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» والجبهة الخطأ «حزب الله» والجبهة الخطأ



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab