ليس بالظلم ولا بالحرب يحيا الإنسان

ليس بالظلم ولا بالحرب يحيا الإنسان

ليس بالظلم ولا بالحرب يحيا الإنسان

 العرب اليوم -

ليس بالظلم ولا بالحرب يحيا الإنسان

بقلم - جبريل العبيدي

ليس بالحرب يحيا الإنسان، وليس بالظلم يحيا الإنسان، وليس باغتصاب الأرض من أهلها يحيا الإنسان، وليس بالقوة يحيا الإنسان.

العنف لا يُنتج إلا عنفاً، ولن يُنتج سلاماً مطلقاً؛ ولهذا فمعادلة الحل في الشرق الأوسط لا تزال غير متزنة الطرفين، ولهذا السبب ولاختلال ميزان القوى، نجد التعنت الإسرائيلي رافضاً الحل السلمي، ويلجأ للقوة لفرض واقع سياسي.

في تاريخ التفاوض العربي - الإسرائيلي، وعندما خطب الرئيس المصري الراحل السادات في الكنيست الإسرائيلي، قبل ماراثون «سلام» كامب ديفيد، قال السادات مخاطباً الإسرائيليين: «عليكم أن تستوعبوا الدروس، والتخلي عن الاعتقاد بأن استخدام القوة هو الخيار مع العرب، وعليكم بالتخلي عن أحلام الغزو».

مشكلة إسرائيل أنها لم توافق على أي مبادرة سلام، حتى التي قدمها الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، وتبنتها الجامعة العربية خياراً استراتيجياً لحل الأزمة في الشرق الأوسط، ولكن إسرائيل تكبرت وعاثت فساداً في الأرض، وما طلت في الحوار والتفاوض، بل فتتت المبادرة العربية وجزأتها، كعادة الساسة الإسرائيليين منذ عهد الأميركي هنري كيسنجر في تفتيت وتمطيط أي مبادرة أو اتفاق، ما دام الهدف ليس السلام.

في ذكرى حرب الغفران (حرب أكتوبر)، شنَّ الفلسطينيون هجوماً غير مسبوق على المستوطنات، وأسروا وقتلوا مئات الجنود الإسرائيليين، وأعطبت عشرات الدبابات، بينما الجيش الإسرائيلي، رغم ترسانته الضخمة وقدراته غير المتكافئة مع مهاجمين أقوى أسلحتهم بنادق صيد وكلاشنيكوف في أحسن ظروفهم، عجز عن احتواء المهاجمين أو القضاء عليهم، بل إنهم استطاعوا أسر عشرات الضباط والجنود، وسيطروا على عشرات المستعمرات بعد هروب أفراد الجيش الإسرائيلي؛ الأمر الذي ظهر كأنه صدمة لم تفق منها القوات الإسرائيلية، ولا حتى مجلس الأمن المصغر في حكومة بنيامين نتنياهو، الذي أعطى الأوامر لطائرات جيشه بضرب منازل المدنيين في غزة وتدميرها، كعادة أي حكومة إسرائيلية عند أي حالة مشابهة، رغم أن هذه المرة كانت غير مسبوقة من حيث التخطيط والتنفيذ وعدد القتلى والأسرى بين الطرفين، وإن كانت هذه المرة أثخنت في جنود إسرائيل الذين أمسك بعضهم وهو برتبة جنرال والسلاح بين يديه من هول الصدمة.

هناك من سيبرر ما قامت به حماس في المستوطنات في محيط فضاء غزة بأنه رد فعل على ما يعانيه الفلسطينيون من العنف والاضطهاد الإسرائيلي لهم، لدرجة وصلت إلى قطع المياه والكهرباء، والتضييق على الحريات، بل واعتقالات لسنوات دون محاكمة، طالت الأطفال والنساء والشيوخ، ولم تعفِ حتى مرضى السرطان. دفع كل ذلك الفلسطينيين إلى تصعيد العنف الذي يجب أن نرفضه من الطرفين، الإسرائيلي، وهو البادئ، والفلسطيني، وهو المنفجر بغضبه على القهر والظلم اللذين تمارسهما كل حكومات إسرائيل من دون استثناء، بما في ذلك القمع والتضييق على سكان غزة خصوصاً، والضفة الغربية عموماً، وهي المنطقة التي تعدّها إسرائيل يهودا والسامرة، وتسعى إلى ابتلاعها مجدداً. وحتى عندما ضُغط على إسرائيل للقبول بـ«سلام غزة وأريحا»، فقد كان قبول إسرائيل بذلك لأنَّها لا تتمسك بأريحا؛ في المعتقدات عندهم «ملعون من يبني حجراً في أريحا». وبالتالي تخلصت منها ومن غزة في «اتفاق غزة وأريحا»، ولم تتفق على الضفة الغربية التي قطعتها بالمستوطنات؛ لأنها ترى فيها «يهودا والسامرة».

إسرائيل لم توافق حتى على مقترح القذافي، الذي عرف بـ«إسراطين»؛ حيث بنى فكرته على دمج كلمتي إسرائيل وفلسطين، وجعلهما دولة واحدة، ثنائية الهوية.

مشكلة قادة إسرائيل، المختلفين في كل شيء والمتفقين جميعهم كذلك على شيء واحد، هو أنَّه لا دولة للفلسطينيين ولا سلام دائماً، ولعلَّ هذا واضح في سلوك جميع الحكومات الإسرائيلية.

حل الأزمة لا يمكن من دون القناعة بأنَّ السلام هو الخيار الأوحد، أما الحرب فهي خيار الفناء للطرفين.

arabstoday

GMT 03:07 2024 السبت ,18 أيار / مايو

مورد محدود

GMT 03:02 2024 السبت ,18 أيار / مايو

نهاية مصارعة الثيران

GMT 02:59 2024 السبت ,18 أيار / مايو

هل كان المتنبي فظاً؟!

GMT 02:57 2024 السبت ,18 أيار / مايو

التكلفة الباهظة للفقر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليس بالظلم ولا بالحرب يحيا الإنسان ليس بالظلم ولا بالحرب يحيا الإنسان



اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:26 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
 العرب اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 16:34 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت

GMT 16:36 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

اعتراض صاروخ أطلق من غزة باتجاه سديروت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab