ليبيا ستعود بلدَ الطيوب

ليبيا ستعود بلدَ الطيوب

ليبيا ستعود بلدَ الطيوب

 العرب اليوم -

ليبيا ستعود بلدَ الطيوب

بقلم - جبريل العبيدي

من يرى ليبيا المنكوبة والتي توصف بالدولة «الفاشلة» في التوصيف السياسي الظالم وتكاد تصبح دولةً «منهارة» collapsed state اليوم قد لا يتصوَّر ليبيا الأمس ليبيا الماضي حاضنة أقدم الحضارات الضاربة في عمق التاريخ.

فليبيا المنسية اليوم هي مهد حضارة إنسان ما قبل التاريخ وإرث الحضارات المتعاقبة في أفريقيا وهي شاهد حي على تاريخ حضارات عريقة، ففيها كان يعيش أول عالم احتسب محيط الأرض وهو العالم الليبي ايراتونسينيس، بل إن أول من علم الفلسفة هي الليبية أريتا، وأول نسخة كتبت من الأناجيل كتبها الحواري الليبي المولد والأم مرقس، وفي ليبيا القديمة أول شعب في التاريخ اخترع جر العربات باعتراف المؤرخ هيردوت، وأول شعب كتب رواية إنسانية، ألفها المؤرخ الليبي لوكيوس أبوليوس، وهو أول مؤرخ في التاريخ أنتج التسلسل الزمني العالمي، والذي كتب تاريخ العالم هو الليبي يوليوس أفريقانووس، بل إن الإمبراطور الليبي سيبتمووس سفيروس حكم ليبيا في التاريخ القديم واستطاع احتلال بريطانيا التي لا تغرب عنها الشمس في التاريخ الحديث، وكذلك فعل الليبي شيشنق الذي حكم مصر والعالم، فليبيا أول دولة تهزم البحرية الأميركية في البحر المتوسط، ولا يزال نشيد المارينز الأميركي يذكره في نشيده إلى يومنا هذا (من هضاب مونتيزوما .... إلى شواطئ طرابلس)، وهذا للتذكير بهزيمة البحرية الأميركية عند شواطئ ليبيا وإغراق البارجة فيلادلفيا ومحاولة المارينز تحفيز بحارته للثأر للهزيمة التاريخية عند شواطئ ليبيا على أيدي بحارة ليبيين.

ففي ليبيا، تقول الدراسات والحفريات التاريخية، كهف قد سكنه الإنسان منذ أكثر من 120 ألف عام، أطلق عليه العلماء «أم العالم»، ما يؤكد أن ليبيا وطن كانت تسكنه الحضارات منذ القدم وليست أرضاً خواء أو مجرد معبر قوافل كما يزعم البعض.

ليبيا الأمة والتي خاطبها الملك الصالح إدريس بالأمة العظيمة في خطاب الاستقلال، تلك المعركة التي خاضها رجال ليبيا الشرفاء والآباء المؤسسون وكتبوا أروعَ دستور اتحادي عجز السبتمبريون 1969، والفبرايريون 2011، عن كتابة مثله أو حتى محاكاته في بضع سطور.

ليبيا التي تكالبت عليها الأطماع والمؤامرات، ليس آخرها هيجان «الربيع» العربي، والذي تسببت بشكل مباشر في سقوط الدولة الليبية، ما جعل منها أرضاً مشاعاً للنزاعات والحروب والجماعات المتطرفة العابرة للحدود وجعل من ليبيا دولة فاشلة بحكم قرار دولي.

فالأزمة الليبية في الأصل صناعة دولية وليست صناعة محلية، ليبيا كانت بلداً آمناً مطمئناً مستقراً، فهي المنقسمة والمتشظية سياسياً اليوم بعد إسقاطها بقرار «دولي» نفذه حلف الأطلسي (حلف الناتو) عام 2011 متجاوزاً قرار حماية المدنيين إلى إسقاط دولة بعد انبعاث أمة بالكاد، نهضت من أطول حقبة استعمارية في التاريخ، من الاستعمار الإسباني إلى الاستعمار التركي (العثماني) وانتهاء بالاستعمار الإيطالي الفاشستي الاستيطاني، والذي حاول إفراغ البلاد من سكانها والزَّج بهم في أكبر معسكرات اعتقال عرفها التاريخ بعد ضربهم بالطيران كأول شعب يقصف بالطيران في تاريخ البشرية.

ولعلَّ عوامل إسقاط الدولة الليبية اليوم متعددة ومتنوعة وأغلبها خارجية والقليل منها محلي، فالحقيقة أنَّ ثمة أزمة دولية في ليبيا وليست الأزمة ليبية خالصة، وأعتقد أنَّ هذا أصبح مسلماً به نتيجة للفراغ السياسي وغياب الدولة، مسببات التدخل الأجنبي والأموال المتدفقة هي جميعها أسباب تردي الأوضاع في ليبيا بعد إسقاط الدولة الليبية من قبل حلف الناتو في عام 2011، دون أي خطة دولية بديلة لإعادة بناء الدولة الليبية، وتركت ليبيا ضحية ميليشيات توفّر لها السلاح المنهوب من مخازن الجيش الليبي الضخمة، والتي ترك الناتو أبواب مخازنها مفتوحة دون أن يدمّرها كما دمر القواعد الجوية والبحرية ومنظومات الدفاع الجوي، لتصبح مخازن السلاح مفتوحة لمن رغب في التزود بالسلاح.

ليبيا اليوم ضحية تدخلات خارجية، وخلط مفاهيم وتفسير قرارات دولية، منذ تفسير قرار حماية المدنيين عام 2011، الذي سمح بإسقاط آلاف الأطنان من القنابل تعدت 11 ألف ضربة جوية على مؤسسات الدولة المختلفة، رغم أن حلف الناتو الذي نفذ قرار مجلس الأمن، لم يكن قوى تابعة للمجلس، ولا هو مؤسسة خيرية، ولا منظمة إنسانية، بل هو حلف أحادي القوى، تكون من قوى لها تاريخ استعماري قديم، فحلف الناتو كانت تحكم تدخلاته حزمة من تقاطع المصالح لبعض أعضائه، فالناتو كان جزءاً رئيسياً من خراب ليبيا وحالة الفوضى التي تعاني منها بسبب التدخل الغاشم، حتى أصبح الليبيون ضحية للتدخل الأجنبي في الأساس، وتجمع في البلاد سيل من التنظيمات الإرهابية برعاية بعض الدول جعلت من ليبيا دولة مؤجلة.

ولكن رغم الفشل الذي توسم به ليبيا حالياً، نتمنى أن يعي هؤلاء المتناطحون على السلطة أنَّ الزمن ليس في صالح البلد، وأنَّ عليهم التغاضي عن خلافاتهم من أجل ليبيا وشعبها ونهضتها أمة فتية بين الأمم في هذا الموقع الجغرافي العظيم والثروات الطائلة فيه.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا ستعود بلدَ الطيوب ليبيا ستعود بلدَ الطيوب



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة
 العرب اليوم - مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab