ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

 العرب اليوم -

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط

بقلم - جبريل العبيدي

التداول السلمي الوحيد للسلطة في ليبيا المنكوبة بصراعات سياسية هو بين المبعوثين الدوليين فقط؛ حيث وصل الآن إلى ليبيا المبعوث التاسع بعد استقالة عبد الله باتيلي من دون أي صراع بين المبعوثين، بينما الكيانات السياسية التي أنتجتها حوارات ومفاوضات البعثة الدولية لم تسلّم السلطة في ليبيا منذ يومها الأول إلى اليوم، بل تتمدد هي نفسها تحت أسماء جديدة. فالمؤتمر الوطني (أول برلمان منتخب) بقي في السلطة منذ 2012 إلى يومنا هذا، بعد تعديل الاسم فقط إلى مجلس الدولة ولم يسلّم أعضاؤه السلطة للبرلمان (الثاني)، إذ بقي الجسمان موازيين لبعضهما حتى اليوم، رغم انتهاء المدد القانونية والتشريعية والشرعية لهما.

اختزال أزمة ليبيا في شخصية المبعوث الدولي، يؤكد أن الخلل في الأزمة، أو حتى في السياسيين الليبيين، ولكن الوكلاء الدوليين يفضّلون التخلص من المبعوث الدولي لأنه مجرد موظف والإبقاء على بيادق الأزمة في ليبيا من السياسيين المحليين لتنفيذ أجندة الخارج، ففي ليبيا أزمة خلاف دولي تنفذها أيادٍ داخلية، للأسف فقد ذهب باتيلي وقبله الكثير وبقيت ذات الوجوه المتسببة في الأزمة، فالأزمة «الليبية» التوصيف الصحيح لها هو أنها أزمة دولية في ليبيا، وتغييب الدولة في ليبيا هو لضمان التدخلات الأجنبية فيها.

البعثة الدولية في ليبيا لم تنجح في إنتاج حل منذ طارق متري وهو أول مبعوث دولي لـ«الدعم»، وكانت تسير في «مسالك وعرة» كما وصفها في مذكراته عن ليبيا خلال فترة رئاسته للبعثة الدولية للدعم. فالبعثة الدولية منذ تولاها طارق متري، مروراً بالإسباني برناردينو ليون، والألماني كوبلر، واللبناني غسان سلامة، والمستشارة ستيفاني ويليامز، وانتهاء بالسنغالي عبد الله باتيلي، كانت آلية عملها محل انتقاد وشك وحتى اتهام، وليس جنسيات المبعوثين، رغم أن اختيار المبعوثين جاء وفق هذه الجنسيات من حيث إنهم بعيدون عن الوساطة السياسية.

مواقف كثيرة تبنتها البعثة نتيجة التوجيه الخاطئ وفق تقارير تتهمها بالمنحازة؛ حيث تبنت البعثة اختيار ممثلي لجنة الحوار التي ما غاب عنها محب أو صديق لها، بل لم يوجد قيادي إخواني كبير إلا وتمت تسميته عضواً مستقلاً ضمن لجنة الحوار في استخفاف واضح وعبث، وذلك في فترة رئاسة الإسباني برناردينو ليون، مما يعكس حالة الخلل في عمل البعثة الدولية التي فقط حافظت على التداول السلمي بين مبعوثيها من دون تحقيق أدنى درجات التوافق بين الفرقاء في ليبيا، الذي يعد الوظيفة الأساسية للمبعوثين التسعة حتى الآن، فالأزمة في ليبيا، الليبيون وحدهم هم الأولى بالتفاهم فيما بينهم، ويبقى دور الأمم المتحدة مجرد وسيط، شرط أن تبقى وسيطاً نزيهاً والابتعاد عن شخصيات جدلية.

فنصيحة جورج واشنطن لم تجد آذاناً صاغية، إذ لم يلتزم أحفاده اليوم مبدأ عدم التدخل في الشأن الخارجي للدول، بدءاً من رسالة الوداع التي وجهها بصفته رئيساً للولايات المتحدة الأميركية إلى الشعب الأميركي، وذلك بمناسبة انتهاء رئاسته، التي جاء فيها: «لا تتدخلوا في الشؤون الأوروبية، وحاذروا من أن تنساقوا إلى الاشتراك في المنازعات بين الدول، وأبقوا بعيدين».

مفهوم التدخل الدولي يختلف ويتباين بين ما يسمى Intervention بمعنى تسوية نزاع أو التدخل بالقوة أو التهديد بالقوة، وكلمة «Interference» تستخدم للدلالة على التدخل العادي المحدود بين طرفين للتسوية بينهما، ولهذا عرف التدخل بأنه «سلوك يهدف إلى قلب الوضع القائم في دولة ما، بغرض تغيير الأوضاع القائمة فيها أو المحافظة عليها أو إرغامها على القيام بعمل معين أو الامتناع عنه».

فليبيا ضحية تدخلات خارجية بمفاهيم مختلفة لا يغيب عنها نهب ثرواتها وتدمير قدراتها العسكرية التي كلفت مليارات الدولارات والأطنان من الأسلحة والآلاف من الدبابات والمدافع الثقيلة في عهد القذافي، بالتدمير المباشر كتدخل حلف «الناتو» بإسقاط الدولة الليبية وتمكين جماعة الإسلام السياسي، وخلط مفاهيم وتفسير لقرارات دولية، منذ تفسير قرار حماية المدنيين عام 2011، الذي سمح بإسقاط آلاف الأطنان من القنابل على مؤسسات الدولة المختلفة، بل وحتى مطارات وموانئ مدنية وشبكات كهرباء واتصالات؛ مما تسبب في إسقاط الدولة، وليس فقط إسقاط نظام يوصف بـ«الطاغية» لينتج جماعة من الطغاة والديكتاتوريين الجدد تغلبوا على القذافي ونظامه، بل أصبح عهد القذافي أكثر رحمة ورغد عيش لليبيين بعد أن جربوا الطغاة الجدد.

التدخلات الخارجية في ليبيا سببها الملف الاقتصادي الذي ترغب الدول المتدخلة فيها ضمان حصتها في العقود والصفقات، وأيضاً الملف الأمني، خاصة دول الجوار الليبي التي ترى في ليبيا عمق الأمن القومي الذي يهدد كيانها وسلامتها، ولهذا تجد لنفسها مبرر التدخل في الصراع في ليبيا، وكذلك ملف تدفق المهاجرين نحو أوروبا هو الآخر سبب مهم للتدخل الخارجي من قِبل دول الاتحاد الأوروبي التي تتنازع على الكعكة الليبية من النفط والغاز بين إيطاليا وفرنسا وبريطانيا الممثلة لشركات «إيني» وتوتال» و«برتش بتروليوم»، ولهذا تنوعت التدخلات بين الوجود العسكري المباشر أو الاستخباراتي أو عبر وكلاء سياسات الترحيل والغرق في الفرعيات الخلافية. وخير دليل على الرغبة الدولية في إطالة عمر الأزمة الليبية اعتبار المفكر شارل روسو أن التدخل الخارجي «عبارة عن قيام دولة بتصرف، بمقتضاه تتدخل الدولة في الشؤون الداخلية والخارجية لدولة أخرى، بغرض إجبارها على تنفيذ أو عدم تنفيذ عمل ما، وتحاول فرض إرادتها بممارسة الضغط بمختلف الأشكال، كالضغط السياسي والاقتصادي والنفسي والعسكري».

الأزمة الدولية في ليبيا لم ينفع فيها كثرة المؤتمرات: باريس 1 و2، ولا برلين بـ3 أجزاء، ولا حتى الصخيرات، ولا بوزنيقة، ولا جنيف، فجميعها لم تنتج حلاً ولا تداولاً سلمياً لسلطة موحدة والسبب التدخل الخارجي المستمر والمهيمن.

الحل أن ترفعوا أيديكم عن ليبيا واتركوا الليبيين يتفاهمون فيما بينهم، فتدخلكم جلب المندوب التاسع في 10 سنوات من دون إنتاج حل قابل للعيش.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط ليبيا وتداول السلطة بين المبعوثين فقط



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:44 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة
 العرب اليوم - مصر وإيران تبحثان تطورات الأوضاع في لبنان وغزة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab