جروح العراق والزائر

جروح العراق... والزائر

جروح العراق... والزائر

 العرب اليوم -

جروح العراق والزائر

بقلم - حسين شبكشي

الأستاذ غسان شربل، رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» صحافي مخضرم ومهني محترف. هو من الذين تربوا ونشأوا في «مطبخ» الصنعة، حتى أصبح معلماً بارعاً ومتمكناً فيها مما مكنه من أن يدير الصحيفة العربية الأولى اليوم في العالم العربي، بعد محطات مهنية مهمة في صحف مؤثرة مثل «النهار» و«الحياة».
مقاله الأسبوعي أصبح مادة قراءة للمهتمين بشؤون المنطقة، وذلك بلغته الراقية وأسلوبه السلس. ولا يمكن أن ننسى تغريداته التي يتداولها متابعوه، لأن تغريداته تحولت إلى كبسولة من فن السهل الممتنع لما يمكن أن يقال باختصار.
وفي كل مرة كنت ألتقي فيها الأستاذ غسان شربل وبعد حديثنا السريع عن أحوال الصحيفة وأبوابها، أفتح معه موضوعي المعتاد بقولي له: «يا أستاذ غسان أمتعتنا بكتبك السابقة فلا تجعل الجريدة تحرم قراءك من المزيد من إنتاجك»، فيهز برأسه ويبتسم مضيفاً: «بنشوف!». ولذلك كانت مفاجأة سعيدة تلك التي جلبت لي كتاب غسان شربل الجديد «زيارات لجروح العراق» عن دار رياض الريس 2021، وهي الدار ذاتها التي نشرت كتبه السابقة.
في هذا الكتاب المهم في محتواه وموضوعه وتوقيته، يواصل غسان شربل الغوص في أغوار السياسة العراقية المتشابكة والبالغة التعقيد ليكمل توثيق الحقبة المعاصرة من التاريخ العراقي بعد أن سبق له تناول الحقبة البعثية الصدامية في كتابه المميز «العراق من حرب إلى حرب: صدام مر من هنا». وبين المؤلفين يتكون للمتلقي مرجعية تاريخية لفترة ملتهبة من تاريخ العراق. مرجعية تاريخية قامت على منهجية علمية قاعدتها التوثيق العلمي بحيث لا يمكن الطعن في صحة الوقائع والأحداث والأشخاص. وهذه مهارة صقلها غسان شربل بعمله الصحافي الاستقصائي البحثي، ومهاراته الحوارية في المقابلات الصحافية. وفي مقدمة الكتاب يختصر المؤلف غسان شربل وضع العراق الحالي؛ إذ يقول إن مشكلة العراقيين الحقيقية تكمن في عدم قدرتهم حتى الآن على العثور على الوطن، والذين بدأوا رحلة البحث عنه غداة سقوط نظام صدام حسين.
يدخل المؤلف إلى أعماق الشخصية العراقية والتركيب الفسيفسائي الشديد الحساسية للمكون الاجتماعي للعراق، الذي إذا ما تمت خلخلة جزيء منه لصالح طرف اختل المجتمع بأكمله. اعتمد المؤلف على التحليل السياسي لأحداث مهمة؛ من الغزو الأميركي للعراق وإسقاط نظام صدام حسين وحل حزب البعث وتفكيك الجيش والاحتلال الكامل للعراق والسماح بالمد الإيراني عليه. ووثق لكل ذلك بالوقائع والأدلة والأهم بشهادات شخصيات سياسية ذات تأثيراً على المشهد السياسي العراقي، وفي هذه الحوارات التي أجريت مع جميع رموز الطيف السياسي في الساحة السياسية العراقية كنز من المعلومات المهمة التي ستساعد في فهم ما يحصل في بلد محوري ومؤثر كالعراق.
يدرك القارئ وبشكل واضح أن الكتاب ليس بالفصل الأخير في نهاية المأساة العراقية، ولكنه مجرد توثيق مهم جداً لمرحلة في غاية الخطورة والتأثير. أدوات وخبرات غسان شربل وحرصه على أن يكون موضوع الكتاب هو البطل وليس الكاتب يجعل من كل مؤلف جديد يطرحه على الساحة مادة تفرض نفسها كوثيقة للتاريخ ومادة للزمن.
العراق موضوع معقد جداً ومادة لا تزال حية نصب أعيننا، وبالتالي دوماً ما يصاب المحاولون في الغوص في مواضيعه بأحد الألغام الموضوعة أمامهم فيفشل مسعاهم. ولذلك جاء كتاب غسان شربل الأخير مفاجأة للمهتمين بالشأن السياسي العراقي المتشعب، الذي يملأ مكاناً مهماً في المكتبة العربية التوثيقية.
كل التقدير للأستاذ غسان شربل على إصداره الأخير، وأعانه الله علي لأنني عندما ألتقيه المرة القادمة سيلقى مني السؤال نفسه عن موعد كتابه القادم!

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جروح العراق والزائر جروح العراق والزائر



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام
 العرب اليوم - تعليق التدريس الحضوري في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab