معركة الصورة

معركة الصورة!

معركة الصورة!

 العرب اليوم -

معركة الصورة

حسين شبكشي
بقلم :حسين شبكشي

هناك صورة أيقونية تحولت مع الوقت إلى رمز وشعار النصر بالنسبة للحلفاء المشاركين في الحرب العالمية الثانية في مواجهة الجيش الألماني بقيادة الزعيم النازي أدولف هتلر، وهذه الصورة هي لمجموعة من الجنود الأميركيين والبريطانيين وهم يرفعون علمي بلادهم على شاطئ مدينة نورماندي الفرنسية بعد الإنزال العسكري الهائل عليها إيذاناً ببدء عمليات تحرير الأراضي المحتلة من قِبل النازيين.
أصبحت هذه الصورة تتناقلها وكالات الأنباء الصحافية بكثافة مهولة، واحتلت صدر الصفحات الأولى من الصحف وأغلفة المجلات حول العالم أجمع، وتحولت لاحقاً إلى صورة تشكل وثيقة تاريخية لهذه اللحظة الفارقة، مع العلم أن الذي تمكن من إلحاق الهزيمة الساحقة بالجيش النازي كان القوات السوفياتية وشتاء المنطقة القارس، ولكن جوزيف ستالين والاتحاد السوفياتي لم تكن لديهما آلة علاقات عامة قوية ومؤثرة تروج لنفسها بأي «صورة» ترسخ دورها وانتصارها على النازية وسحقها عسكرياً.
لقد كانت هذه بداية صنع التاريخ وتوثيقه ومنهجة الرأي العام بتأثير الصورة. وهناك أكثر من صورة صنعت الحدث وكونت ذهنية الرأي العام، من ضمنها مشهد الفتاة الفيتنامية المراهقة كيم فوك وهي تركض عارية مذعورة وباكية في أحد الشوارع هرباً من قذائف النابالم، وهناك صورة الطائرة العمودية فوق مقر السفارة الأميركية بفيتنام عام 1975، وهي تقل مجموعة من الراغبين في الفرار، ولكن الأعداد التي لم تتمكن من اللحاق بركاب الطائرة كانت ملامحهم المليئة بالصدمة والذعر تغني عن أي تعليق مطلوب، لتصبح الصورتان التاريخ المختصر والمفجع لحرب الولايات المتحدة في فيتنام.
وهناك الصورة الأيقونة الأخرى للشاب الصيني الذي يحمل أغراضه بين يديه في مواجهة دبابة صينية عملاقة في مواجهة ميدان ـ في الاحتجاجات المعروفة وقتها خلال التسعينات الميلادية من القرن الماضي. وهناك صورة تحطيم التمثال الضخم للرئيس العراقي صدام حسين في أحد الميادين العامة بالعاصمة العراقية بغداد، وذلك بعد الغزو الأميركي للعراق، لتصبح هذه الصورة ومع تكرارها المستمر تختصر وبشكل مدهش المشهد الأميركي في العراق. هذه الأيام يشاهد العالم وبشكل متكرر ومتواصل صورتين أساسيتين للمشهد الأفغاني بين انسحاب قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وتسلم مقاتلي حركة «طالبان». ويبدو هذه المرة أن الولايات المتحدة قد خسرت حرب الصورة التاريخية، وأصبحت بحاجة ماسة لكبار وجهابذة خبراء العلاقات العامة الدولية لإعادة صياغة السردية السلبية التي وقعت فيها القوات الأميركية. صورة الطائرة المدنية المغادرة للمطار والأفغان يتعلقون في بوابتها، وهناك الصورة الأخرى التي لا تقل فداحة ولا جدية عن سابقتها وهي المتعلقة بصورة طائرة الشحن العسكرية الأميركية والعشرات من الأفغان، وهم يتعلقون بها وهي تقلع إلى السماء استعداداً للمغادرة والرحيل. انتقلت هاتان الصورتان بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنصاته الإعلامية المختلفة؛ مشكلتين رأياً بحق السياسات الأميركية العسكرية في أفغانستان، ما اضطر الرئيس بايدن لمخاطبة الشعب الأميركي لأكثر من خمس مرات خلال أسبوع.
المشكلة كانت بحسب أحد المحللين كانت في التشطيب أو الـfinishing، فالتصريحات الأميركية كانت ومعروفة، ولكن لم يتوقع أحد أن يخرج المشهد الأخير بهذا الشكل الذي رآه الكل.
صناعة الرأي وحرب العلاقات العامة الشعبية تحسمها المشاهد التي تلعب على العواطف والمشاعر، وهي دائماً بحاجة لصورة تدعمها، لأن الصورة كما قيل منذ القدم تغني عن ألف تعليق..

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة الصورة معركة الصورة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab