من ابن عربي إلى الميتافيرس

من ابن عربي إلى الميتافيرس!

من ابن عربي إلى الميتافيرس!

 العرب اليوم -

من ابن عربي إلى الميتافيرس

بقلم- حسين شبكشي

احتلت كلمة الميتافيرس أعلى المواقع بحثاً فيما يخص مجال الاتصالات والإعلام والإلكترونيات الحديثة والتواصل العصري الرقمي، وذلك خلال سنة 2021 بشكل عام. وكان لهذه الكلمة صدى كبير وواقع مهم في تحليل ما ستأتي به الأيام مستقبلاً فيما يخص العالم الافتراضي الجديد، وخصوصاً بعد أن تبنت شركة فيسبوك العملاقة الاسم، وحولت اسمها من شركة فيسبوك إلى شركة ميتا اختصاراً لكلمة ميتافيرس، لتعبر عن تحول جذري في هويتها، وتضع هذا التوجه المستقبلي الغامض نوعاً ما نصب عينيها ليقودها في مجالات البحث والتطوير والاختراعات إلى نقلة نوعية ستؤثر حتماً على الكثير من اللاعبين في هذا المجال الحيوي.
وأول استخدام لكلمة ميتافيرس كان في رواية خيالية للكاتب الأميركي نيل ستيفنسون بعنوان «Snow Crash»، والتي استخدم فيها هذا اللفظ (ميتافيرس) ليشير إلى عالم آخر افتراضي موازٍ، والكلمة مشتقة من شقين، الشق الأول ميتا وهي كلمة إغريقية تعني «ما بعد»، وفيرس اختصاراً لكلمة يونيفرس وتعني «الكون».
ويسعى القائمون على فكرة الميتافيرس ومشتقاتها وأدواتها وأهدافها ورؤيتها المختلفة، إلى أن يكون العالم الموازي الثلاثي الأبعاد، وهو عكس العالم الحالي الموجود على الإنترنت الثنائي الأبعاد، عالماً جديداً حجمه أكبر من الكوكب الذي نعيش عليه في حقيقة الأمر اليوم، وبالتالي سيخلق اقتصاداً متكاملاً يفوق في منتجاته وخدماته وأدواته وسلعه الاقتصاد الحالي بعد سنوات من انطلاقه. وهذا التحدي الخيالي نوعاً ما، الذي يصعب على المتلقي العادي فهم قيمته، هو تماماً نفس التحدي الذي واجه من قام بإطلاق فكرة التسوق الإلكتروني مقابل المحلات التجارية التقليدية أو فكرة المواقع الإلكترونية مقابل الصحف التقليدية، وقوبلت هاتان الفكرتان بالكثير من القلق والريبة والشك وعدم التصديق واللامبالاة. وبطبيعة الحال نظرة واحدة للواقع الحالي الذي نعيشه تثبت لنا أن هذا الأمر كان من الخيال، ولكنه كان من الخيال القابل للتحقيق. نفس الشيء يحدث الآن مع مطلقي فكرة الميتافيرس، يقابلون؛ بالشك والتنديد وعدم المبالاة، ولكن نسبة القبول الاقتصادي والإبداعي لهذه الفكرة تفوق ما كانت عليه مواقع الإنترنت والشبكة العنكبوتية بأكثر من 150 في المائة لنفس المقارنة مع الفكرة الحالية. وهناك شركات عملاقة مثل «بي إم دبليو» الألمانية و«إريكسون» السويدية و«وول مارت» الأميركية على سبيل المثال لا الحصر، تتبنى الآن أفكاراً مبنية بالكامل على واقع الميتافيرس الافتراضي لتطوير أعمالها واستثماراتها من خلالها.
إنه الخيال «Imagination» باللغة الإنجليزية وليس فانتازيا، وهناك فرق كبير بينهما أدركته مبكراً شركتان أميركيتان هما ديزني، التي أقامت قسماً خاصاً بالخيال اسمه «Imagination»، وكذلك شركة 3M الأميركية التي أقامت شركة دمجت الخيال مع الإبداع وسمتها «Immation» لتركز على أن الخيال سيكون جزءاً أساسياً وحيوياً من منظومة الأبحاث والتطوير في الشركة، وقد كان لها النجاح في منتجاتها التي تميزت دائماً بالإبداع والتفوق والتميز.
ولعل أهم ثلاثة أوجه لواقع الميتافيرس الحالي اليوم هي العملات الافتراضية مثل البتكوين وشقيقاتها، والـ«إن إف تي»، وهي عبارة عن وسيلة تملك لأدوات وفنون وملكيات في العالم الافتراضي «NFT»، والثالثة هي تملك الأراضي الافتراضية في عالم الميتافيرس الموازي، هذه الأمثلة الثلاثة؛ العملات الرقمية والـ«NFT» وتملك الأراضي الافتراضية هي أهم ثلاث أدوات حالية في هذا العالم الجديد، مع عدم إغفال التطور الملحوظ في عالم المقتنيات الافتراضية من الأزياء والأدوات الرياضية واللوحات الفنية والأحذية والكتب والآثار التي أصبح لها جمهور مقدر واستثمارات بمئات الآلاف تقترب من الملايين من الدولارات، وهي مسألة تتنامى بشكل واسع، ولا يمكن إغفال أثرها وفاعليتها أبداً.
والشيء اللافت أن أول من تطرق إلى قيمة الخيال في المفهوم الإنساني والفكر المعرفي كان المفكر والفيلسوف الإسلامي الأندلسي محيي الدين بن عربي في كتاباته المختلفة، التي قال في إحداها: «وإن ذلك الذي لا يعرف منزلة الخيال هو خالٍ من المعرفة»، ولعل أهم من استكشف هذا الأمر في كتابات محيي الدين بن عربي كان المستشرق الفرنسي الشهير هنري كوربين في كتاباته عن ابن عربي المختلفة التي أبرز فيها علاقة ابن عربي بفكرة الخيال ودور الخيال في تنمية الوعي والفكر المعرفي للإنسان وتكوين مرجعية إبداعية خلاقة تثمر بعد ذلك المعرفة والعلم المتواتر. الفكر الإنساني والمعرفة التراكمية هي مثل سباق التتابع الذي يبني على ما قبله. نحن نعيش مرحلة مذهلة من الفكر الإنساني بطله الخيال.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من ابن عربي إلى الميتافيرس من ابن عربي إلى الميتافيرس



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 15:39 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تخوض تحديا جديدا في مشوارها الفني

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 17:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة

GMT 08:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 17:46 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab