«تسويق الدول»

«تسويق الدول»!

«تسويق الدول»!

 العرب اليوم -

«تسويق الدول»

بقلم: حسين شبكشي

لا يزال الحديث متواصلاً عن حجم التكلفة المالية التي تحمّلتها دولة قطر جراء تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم الأخيرة، وما إذا كانت تلك المبالغ مجدية اقتصادياً. ولعل التعليق اللافت على هذا الاستفسار كان الذي قدمه أحد خبراء التسويق في مقابلة مع إحدى القنوات الإخبارية الفضائية حينما قال، إنه من الممكن اعتبار ما تم صرفه هو لأجل تنفيذ مادة إعلانية استثنائية للترويج لقطر لمدة شهر وبشكل مركز ومكثف لا يفرق بذلك عما تقوم به كبرى الشركات المتعددة الجنسية للترويج عن سلعاتها ومنتجاتها وخدماتها حول العالم وعلى مدار العام. أما بخصوص جدوى التكلفة، فتبقى وحدها دولة قطر الأقدر على الإجابة عن هذا الاستفسار؛ لأنها الوحيدة الأعلم بأهدافها الاستراتيجية من وراء هذه الحملة.
وتسويق الدول ليس بالمسألة الجديدة أبداً، فهناك العديد من الدول التي تلجأ وتتبع أساليب ووسائل تقليدية وغير تقليدية لإبراز اسمها وتسويق نفسها كعلامة فارقة ومميزة على الساحة الدولية، وذلك باستخدام القوى الناعمة في معظم الأحيان والقوى الخشنة لو اضطرها الأمر في أحيان أخرى. وذلك بسبب التنافس المحموم الحاصل بين معظم الدول التي تسعى لأن تكون إحدى أهم نقاط الجذب للشراكات الاستثمارية أو أحد أبرز المقاصد السياحية العالمية.
ولعل أبرز وأهم من كتب بشكل معمّق ورصين هو الكاتب الأميركي المعروف وجهبذ الإدارة والتسويق فيليب كوتلر، وذلك من خلال كتابه المهم الذي يحمل عنواناً ذاتي الشرح هو «تسويق الأمم» الذي ربط فيه بشكل مدهش ومفيد السياسات الاقتصادية الدقيقة للدول بالتصرفات الدقيقة للشركات والمؤسسات والمستهلكين في هذه الدول؛ بداية من التفكير الاستراتيجي وصولاً إلى تحقيق الرخاء والثروة الوطنية.
ويقدم المثال تلو الآخر من تجارب اليابان والنمور الآسيوية والهند والصين وجنوب شرقي آسيا وأميركا اللاتينية وأوروبا الشرقية بحيث يظهر فيها كيف أن تنفيذيي الشركات وواضعي استراتيجياتها وصانعي سياسات الحكومات ومخططيها من الممكن أن يحددوا الطرق الأنسب التي ستحقق النمو الاقتصادي في ظل ظروف الأسواق الدولية.
وتسويق الأمم والدول والشعوب يأخذ أشكالاً مختلفة؛ منها أن تكون الدولة المعنية منظّمة لحدث رياضي كبير أو مناسبة فنية أو مؤتمر في غاية الأهمية أو معرض هائل، فتحظى الدولة بتغطية إعلامية للحدث وينتقل الخبر من شخص إلى آخر بسرعة البرق مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي وتقنية المعلومات الحديثة، وتزداد أهمية مع وجود قصص إيجابية جانبية خلال الحدث. وهناك دول تلجأ إلى استغلال كل فرصة ومناسبة لتذكير العالم بتميزها حتى ولو كان على حساب مأساة وزهق أرواح الناس، مثلما فعلت الولايات المتحدة خلال ذروة انتشار وباء «كوفيد - 19»، وذلك من خلال استغلال الفرصة لتذكير العالم بأنها الدولة الأكثر تقدماً علمياً وصحياً بدليل لقاحها الأكثر تأثيراً «فايزر» مقارنة بلقاحات الدول الأخرى مثل الصين، وروسيا، وكوبا، والهند وبريطانيا.
وهناك أمثلة الدول الاستعمارية الكبرى التي وبكل عنجهية تعرض في متاحفها الوطنية الكبرى ما سرقته من آثار قيّمة من مستعمراتها السابقة على أنها «كنوز وطنية لا يمكن التفريط فيها»، وكل ذلك يدخل في ضمن دائرة المبرر والمباح لأجل غاية تسويق الدول، مع عدم إغفال أو إنكار ما تقوم به إسرائيل بالاعتداء على أطباق عربية وفلسطينية ومنسوجات وملبوسات وأزياء ونسبها كذباً وزوراً وبهتاناً إلى إسرائيل لإيجاد مبررات واهية وجديدة للاستمرار في الترويج والتسويق لنفسها أمام العالم.
مع تحسن معدلات النمو الاقتصادي في الأسواق الناشئة والدول النامية يصبح من البديهي والمتوقع أن يزداد الطموح ويرتفع سقف التوقعات المرجوة للحصول على حصة أكبر وفرص أكثر من كعكة العالم الاقتصادي في ظل منافسات أقل ما يمكن أن توصف به هو الساخنة والمحمومة، وعليه سيكون طبيعياً جداً أن نشهد المزيد من الطرق والأساليب، المبتكرة والمذهلة أحياناً والصادمة أحيانا أخرى، لترويج وتسويق الدول سواء لأجل تحسين سمعتها أو تغيير صورتها أو إعادة تموضعها في خانة جديدة لها بعيدة تماما عن الصورة النمطية العالقة في الاذهان لها.
تسويق وترويج الدول أهم وأخطر من عمل الشيء نفسه بالنسبة للمؤسسات والشركات؛ لأن الآثار التراكمية الناتجة تبقى أكبر وأكثر تأثيراً.

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«تسويق الدول» «تسويق الدول»



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab