الشرق الأوسط يرتج والمكواة في النار

الشرق الأوسط يرتج... والمكواة في النار

الشرق الأوسط يرتج... والمكواة في النار

 العرب اليوم -

الشرق الأوسط يرتج والمكواة في النار

بقلم : عبد الرحمن شلقم

منطقة الشرق الأوسط، أو كما قالَ عنها أحدُهم يوماً «منطقة الشرخ الأوسط». كانت الصراعات والحروب مزروعة في جوف تكوينها الجيولوجي والبشري. منذ عصور ما قبل التاريخ لم يغب عنها الدم الذي تسفحه السيوف والسهام، بدوافع عرقية ودينية. لا يكتمل حلم الإمبراطوريات إلا بفرض وجودها على بحرها المتوسط، وأرضها وأنهارها وامتدادها إلى الصحراء الكبرى. في مطلع القرن العشرين، تحركت الخرائط السياسية الكبرى؛ تلاشت قوى عالمية وولدت أخرى. ظاهرة متفجرة ولدت، وكانت الصاعق الذي أضاف تعقيداً للجغرافيا والبشر في المنطقة. ولادة دولة إسرائيل التي حلّت بها أوروبا مشكلة مزمنة لها، وهي القضية اليهودية. الحرب العربية الإسرائيلية، اشتعلت مباشرة بعد إعلان قيام الدولة العبرية، وخسر العرب أولى معاركهم مع الكيان الجديد، الذي قام وسط وجودهم الجغرافي. أرض فلسطين لها خصوصية فريدة؛ حيث تداخل الدين والتاريخ. اليهودية والمسيحية والإسلام، لها عروق وفروع في تلك الأرض المقدسة للجميع. الحروب الصليبية التي تقاتل فيها المسلمون والمسيحيون الغربيون سنوات طويلة، كانت محطة فارقة في تاريخ المنطقة والعالم. وفي الحربين العالميتين الأولى والثانية، كانت المنطقة من دافعي ما أخرجته الحروب، ورسمت خرائط التكوين السياسي الجديد.

فلسطين التي تُشكل الحجارة المقدسة في جبال التاريخ والدين، للعرب والمسلمين، لم يكن لها نصيب فيما أنجبته حروب القرن العشرين من كيانات سياسية. ولدت دول عربية في آسيا وأفريقيا، لكن أرض فلسطين كان لها قدر آخر، قامت على أرضها دولة إسرائيل. في حقبة المد القومي العربي، التي قادها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وتنظيمات حزبية قومية - «البعث» و«القوميون العرب» - كانت فلسطين هي القدَّاحة السياسية والفكرية القومية، التي تلهب الخطاب، وتشعل عاطفة الجماهير العربية.

بعد هزيمة يونيو (حزيران) سنة 67، واحتلال إسرائيل غزة والضفة الغربية وسيناء، خبت نار الوهج القومي العربي، وانطفأت برحيل الرئيس جمال عبد الناصر. في فضاء بشري وجغرافي واسع، به مشتركات دينية وثقافية وتاريخية، تتعطش الجماهير العريضة، لبارق تعبوي يحرك المشاعر، ويشعل رحاب الأمل، ولا نار بلا حطب.

في سنة ١٩٧٩ انفجرت في المنطقة ثورة إيرانية ترفع شعارات معادية للاستعمار والإمبريالية الأميركية، وترتدي جلباباً دينياً إسلامياً، بقيادة رجل دين هو آية الله روح الله الخميني. انتصرت الثورة وأنهت النظام الشاهنشاهي. هزّ هذا الحدث الكبير العالم، وتنوّعت ردود الأفعال حياله. شدَّ بروز قيادات دينية، بعباءاتهم وعمائمهم، انتباه الجمهور المسلم القريب والبعيد. في البداية لم تكشف الثورة الإسلامية الإيرانية عن عقيدتها ومذهبها السياسي الطائفي الشيعي، ولعلعت بتأييدها القضية الفلسطينية، وسلمت السفارة الإسرائيلية بطهران لمنظمة التحرير الفلسطينية. قضية فلسطين هي الفنار الذي يشعله ويرفعه كل من له مشروع زعامي، وتطلع لبناء مجال حيوي إقليمي عابر لحدود بلاده. ملالي إيران أسسوا مشروعهم على امتدادات طائفية في المنطقة. المشروع القومي، وتحديداً الناصري، العابر للحدود المصرية، لم يؤسس ميليشيات مسلحة في البلدان العربية التي كانت له فيها خلايا شعبية تناصره. جمهورية إيران الإسلامية اتجهت مبكراً لفتح أبواب حوزاتها الفقهية، لأبناء الطائفة الشيعية في بعض الدول العربية، وبنت منهم ميليشيات مسلحة في أوطانهم، بدعم عسكري ومالي كبير.

تحرير فلسطين التاريخية، واقتلاع الكيان الإسرائيلي، كانا الصوت التعبوي الذي لا يغفو في إيران. الممانعة والمقاومة صارتا خريطة سياسية وعسكرية وفقهية، خيوطها في يد طهران. وظفت إيران كل قدراتها المالية والعلمية في مشروع عسكري شامل، ورسّخت وجودها العسكري والسياسي في لبنان وسوريا واليمن والعراق.

عاصفة الرعب الناري التي هزَّت الكيان العبري، كانت المشروع الإيراني الخطير الذي يقترب كل يوم من إنجاز السلاح النووي. الصواريخ بعيدة المدى بقدرات تفجيرية مختلفة، ومسيّرات تراوغ القباب الحديدية الإسرائيلية، والقدرات التسليحية للأذرع الإيرانية في البلدان الدائرة في الفلك الإيراني، كل ذلك جعل من إيران الهدف الاستراتيجي الأكبر لإسرائيل. في الأيام القليلة الماضية، قامت إسرائيل بضربتين قاصمتين لمكانة إيران ومكانها. اغتيال فؤاد شكر، أحد كبار قادة «حزب الله» العسكريين، في قلب ضاحية بيروت الجنوبية، واغتيال إسماعيل هنية رئيس حركة «حماس»، في قلب طهران. قادة إيران بادروا برفع صوت الوعيد، وجاء صداه هجمات من «أنصار الله» في اليمن، ومن «حزب الله» في لبنان قذائف على مناطق مختلفة داخل الأراضي الإسرائيلية. إسرائيل في حالة تعبئة شاملة، والحشد العسكري الأميركي والغربي الداعم لإسرائيل في أقصى مداه، وفي المقابل اصطفت روسيا إلى جانب إيران، وقدّمت لها السلاح والدعم السياسي، وأوفدت الجنرال شويغو سكرتير مجلس الأمن القومي إلى طهران.

الحرب قادمة دون شك، نتنياهو يركض نحوها، والهدف الاستراتيجي الأكبر له، تدمير المشروع النووي الإيراني، لكن إيران لها عدادها الزمني الخاص. وكما قال حسن نصر الله: الإيرانيون يذبحون بالقطنة.

 

arabstoday

GMT 07:17 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 07:13 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 07:11 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 07:08 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 07:05 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 07:03 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 07:00 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 06:58 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الصراع الطبقي في بريطانيا

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشرق الأوسط يرتج والمكواة في النار الشرق الأوسط يرتج والمكواة في النار



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان
 العرب اليوم - غارة إسرائيلية على معبر حدودي بين سوريا ولبنان

GMT 15:41 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
 العرب اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:50 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 العرب اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 14:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 العرب اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:28 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية
 العرب اليوم - واتساب يحول الرسائل الصوتية إلى نصوص بلغات منها العربية

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 06:42 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 07:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة

GMT 07:23 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

"فولكس فاغن" تتمسك بخطط إغلاق مصانعها في ألمانيا

GMT 11:10 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

مسيرات إسرائيلية تستهدف مستشفى كمال عدوان 7 مرات في غزة

GMT 17:28 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد عز يتحدث عن تفاصيل فيلم فرقة موت

GMT 11:15 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين عبد الوهاب توضح حقيقة حفلها في السعودية

GMT 19:28 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الملكة كاميلا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الآداب

GMT 06:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 09:52 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تشوّق جمهورها لمسرحيتها الأولى في "موسم الرياض"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab