من جديد

من جديد

من جديد

 العرب اليوم -

من جديد

بقلم : عبد الرحمن شلقم

من أقوال فريدريك هيغيل أن «الفكرة التي تزوجت في هذا الزمن، ستكون أرملة في الزمن القادم». فالزمن يتحرك، لكنه لا يغيب. قضيتان أو أمران، شكَّلا حلقات مهمة في مسيرة الفكر الإنساني. العقل والزمن. الفلاسفة صنعوا القوة المضافة الدائمة إلى قدرات الإنسان. العقل حقل الحياة، تزرع فيه بذور الفكر، وسماده المعرفة المتجددة، وماؤه الحرية. تنبت سنابل العصور المتحركة في حقول كل زمن، وتجود الأشجار بثمارها المختلفة. للزمن فصوله، ولكل فصل محاصيله، فلا يُزرع القمح في الصيف. للفكر غربال ينتخله. يسقط منه ما طحنته السنون، ويدفن في حفر الماضي. تنبت في حقول العقل بذور فكر جديدة، تسقى بماء آخر، ينبع من آبار زمن جديد.

منذ قرن مضى، طرح المفكر شكيب أرسلان، سؤالاً ناقوسياً لم تسكته السنون الطوال، لماذا تأخرنا وتقدم الآخرون؟ تعددت الإجابات، لكن السؤال لم يصمت، وظل يطوف في قبة سماء دنيانا. في خيمة يستدير فيها بخور التخلف ويرتفع، يزداد الهيام به، ويموج بين الشهيق والزفير في زمن يدور حول ذاته. لا أظن أن هناك ما يمنعنا من طرح سؤال، قد يطرح عقولنا أرضاً، وهو كم عدد العلماء العرب الحاصلين على جوائز نوبل في مختلف العلوم؟ وما هي الأدوية التي تُصنع في الدول العربية، وما هو حجمها؟ ناهيك من صناعة الطائرات والسيارات، وحتى الملابس.

في كل يوم يبدع لنا مَن يوصفون، بالعلماء عشرات الممنوعات والمحرمات. البسوا ولا تلبسوا، قولوا ولا تقولوا، افعلوا ولا تفعلوا، اسمعوا ولا تسمعوا، انظروا ولا تنظروا. لماذا يا سادتنا العلماء، ليس بينكم من يحرّض الشباب على القراءة والبحث العلمي، ومن يقرأ مناهج التعليم ويدعو إلى اشتباكها مع دفق العصر الجديد! علماؤنا الحقيقيون، يفرُّون إلى دول تتجدد فيها أضواء الأنوار، يعلمون ويبحثون ويخترعون، في حين يهاجر من يصفون أنفسهم «بالعلماء» في أوطاننا، يهاجرون إلى حفر أزمنة أرامل، ويجرّون لها أجيالنا الوليدة، ويفتون لهم بما يهديهم إلى غيبوبة الجهل والتخلف والعنف والإرهاب. المرأة هي الميدان، الذي لا ينقشع غبار معاركه العظيمة، التي يخوضها علماؤنا. هي مجمع العورات الذي تلاحقه اللعنات المزمنة. السؤال الذي يفتح الأبواب لعشرات الأسئلة، هل سأل علماؤنا، عن عدد النساء اللاتي حصلن على جائزة نوبل، في مختلف المجالات؟ لقد فازت 16 امرأة بالجائزة للسلام، و14 امرأة في مجال الأدب، و12 امرأة في الطب وعلم وظائف الأعضاء، واثنتان في مجال الفيزياء. هذه القامات العظيمة التي وهبت للإنسانية، علماً دفع بها إلى زمن جديد، تراجعت فيه الأمراض، وانتصر عليها الطب، وتعملقت فيه القدرات العقلية للإنسان، ما زال «علماؤنا» يتصارعون على معضلة شعر رأسها، ولون ملابسها، وطبقة صوتها، إلخ!

أرتال الأفكار الأرامل، لم يعد لها وجود في دنيا الفكر الحي، وفي عالم الحرية المبدع الخلاق. أما في حفرة الجمود، حيث الركض إلى الوراء، فذاك الرتل الأعمى الأبكم، يزداد طولاً مع كل ظلمة ليل. يرشُّ في عقول الغافلين، رماد الجهل.

رتل الظلام الطويل، لا يرى حتى في حفر الزمن الأرمل، ما فيه من بريق ضوء. مقولة، الأصل في الأشياء الإباحة، يهيل عليها علماء الظلام رمادهم؛ لأن في هذه القاعدة أو المقولة، ما يفتح أبواب الفكر والتجديد. معركة قديمة تتجدد، وهي تحريم الموسيقى. يتبارى «العلماء» في مضمار تحريمها، وفيهم من ينهل من علم أبو حامد الغزالي، ويصفه بحجة الإسلام، لكن هؤلاء لا يستعيدون مقولة الغزالي في الموسيقى. حيث قال: «من لم يحركه الربيعُ وأزهارُه، والعودُ وأوتارُه، فهو فاسد المزاج، وليس له علاج». هل يقبل هؤلاء بحكم شيخهم الغزالي عليهم؟، فقد وصفهم بالفاسدين، الذين ليس لهم علاج. ليت من يحرّم الموسيقى، يتعب نفسه قليلاً، ويقرأ مدى تأثير الموسيقار الألماني العظيم، ريتشارد فاغنر على الفلاسفة والمفكرين والأدباء الكبار، سواء في عصره، أو بعد عصره. لقد حرَّكت موسيقى هذا الفنان الكبير، إبداعات وفكر وعلم، الروائي تولستوي، والفيلسوف نيتشه، والعالم آينشتاين وغيرهم. الموسيقى لغة الروح المبدعة. تبدع الوصل بين ما في النفس الإنسانية من انفعالات، وما تنقشه أنغام الدنيا، على خطوات الحياة البشرية.

لكي نكون في هذا الضجيج الإنساني المبدع، علينا أن نبدأ من جديد RESTART. نغادر حفرة الرماد العميقة المظلمة، ونرى أضواء الدنيا بعيون لا رمد ينخرها. نزرع بذورنا الجديدة في حقول العقل الخصبة، في فصول السنة الموسمية. نتعلم ممن سبقنا إلى زمن وُلد من رحم عصر، لم نكن فيه بعقولنا.

قال الراحلون القدامى: «من تمنطق فقد تزندق»، والعصر يقول اليوم، من لم يتمنطق، فقد تخندق في حفر الظلام البهيم.

arabstoday

GMT 19:33 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

لا لتعريب الطب

GMT 19:29 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

اللبنانيون واستقبال الجديد

GMT 14:05 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

شاعر الإسلام

GMT 14:02 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

الإرهاب الأخضر أو «الخمير الخضر»

GMT 14:00 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أخطر سلاح في حرب السودان!

GMT 13:56 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

حذارِ تفويت الفرصة وكسر آمال اللبنانيين!

GMT 13:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

أين مقبرة كليوبترا ومارك أنطوني؟

GMT 13:52 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

نفط ليبيا في مهب النهب والإهدار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من جديد من جديد



أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 17:14 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

عاصفة ثلجية مفاجئة تضرب الولايات المتحدة

GMT 11:55 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

مصر والعرب في دافوس

GMT 11:49 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

ليل الشتاء

GMT 17:05 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يوافق على انتقال كايل ووكر الى ميلان الإيطالى

GMT 17:07 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

كاف يحدد مكان وتوقيت إقامة قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

GMT 03:19 2025 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

القوات الإسرائيلية تجبر فلسطينيين على مغادرة جنين

GMT 17:06 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

بوروسيا دورتموند يعلن رسميًا إقالة نورى شاهين

GMT 17:04 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

شهيد و4 إصابات برصاص الاحتلال في رفح الفلسطينية

GMT 17:10 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

ارتفاع حصيلة عدوان إسرائيل على غزة لـ47 ألفا و161 شهيداً

GMT 09:58 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

أنغام تثير الجدل بتصريحاتها عن "صوت مصر" والزواج والاكتئاب

GMT 09:48 2025 الأربعاء ,22 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تواصل نشاطها السينمائي أمام نجم جديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab