بقلم - عماد الدين حسين
بعد نهاية الانتخابات الرئاسية داخل مصر والتى جرت أيام الأحد والإثنين والثلاثاء الماضيين، وقبلها بأسبوع خارج مصر، فهناك بعض الملاحظات المبدئية والسريعة لحين توافر البيانات والأرقام النهائية المتضمنة فى نسبة المشاركة وأسماء الفائز بالرئاسة بصورة رسمية.
الملاحظة الأولى والأهم على الإطلاق هى نسبة المشاركة والمتوقع أن تقترب من 62% على عهدة ضياء رشوان رئيس هيئة الاستعلامات فى تصريح مهم له عقب نهاية التصويت مساء الثلاثاء الماضى. وإذا تحقق ذلك فعليا فهى رقم قياسى غير مسبوق. سنعود إليه بالتحليل لاحقا.
الملاحظة الثانية هى النشاط الملحوظ للأحزاب السياسية التى نافس رؤساؤها على انتخابات الرئاسة وهى: «المصرى الديمقراطى الاجتماعى» فريد زهران و«الشعب الجمهورى» حازم عمر و«الوفد» عبدالسند يمامة، لكن الجهد الأكبر بطبيعة الحال كان من نصيب حزبى «مستقبل وطن» و«حماة وطن» اللذين لعبا الدور الأكبر فى الحشد التصويتى الذى جعل نسبة المشاركة تصل إلى هذا المستوى غير المسبوق. وهذه النقطة تحتاج إلى مزيد من الشرح والتحليل، وهل يمكن أن تستمر بعد الانتخابات أم تتجمد فى مكانها؟.
الملاحظة الثالثة: أن أمام الأحزاب التى خاضت الانتخابات بمرشحين فرصة ذهبية كبرى لترسيخ أقدامها أمام المواطنين فى مختلف المحافظات، ولم يعد هناك عذر كبير أمام هذه الأحزاب للعمل، لكن شرط أن يستمر دعم الدولة عبر تسهيل مهمة هذه الأحزاب، باعتبار أن تقويتها هو أمر مفيد للدولة بأكملها وللأمن القومى ولقطع الطريق على قوى الظلام والتطرف، وليس فقط لهذه الأحزاب وقادتها وأعضائها. والفترة المقبلة هى التى ستكشف هل كان ما حدث فى هذه الانتخابات هو صفحة جديدة فى طريقة عملها أم مجرد صحوة مؤقتة، وبعدها تعود لسابق عهدها وهو الخمول التام والاستسلام لحالة «استقرار القبور».
الملاحظة الرابعة: هى أن أمام الطبقة السياسية المصرية والمجتمع المدنى فرصة هائلة بعد هذه الانتخابات الرئاسية بحيث تسعى لبذل كل الجهد لانتهاز الفرصة المتاحة وتعظيم دورها والسعى لفتح المزيد من المجال العام.
الملاحظة الخامسة: أن أحد أهم العوامل فى الحشد الانتخابى كانت وسائل الإعلام العامة والخاصة و«ما بينهما»، حيث استمرت فى حملات توعية متلاحقة لحض المصريين على النزول والمشاركة والتصويت لأى مرشح. وكان ملفتا للنظر أن معظم الفضائيات القومية أو القريبة من الدولة توسعت فى استضافة المرشحين الثلاثة ومديرى حملاتهم وكوادرهم السياسية، بصورة لم تحدث منذ عام ٢٠١٣ بهذه الكيفية، ولا أعرف هل سوف يستمر هذا التوجه أم أنه كان مرتبطا فقط بهذه الانتخابات؟!
الملاحظة السادسة: هى المرة الأولى على ما أتذكر التى لا يشكو فيها المتنافسون خصوصا فى أحزاب المعارضة من خروقات انتخابية صرنا نحفظها من فرط تكرارها. وباستثناء شكاوى صغيرة وشكلية وغير مؤثرة، فقد كان لافتا للنظر أن الحملات الانتخابية للمرشحين الثلاثة لرؤساء الأحزاب قد أشادوا بمعظم مراحل العملية الانتخابية. ولا أعرف هل يعود ذلك إلى تغير فى المزاج العام لبعض مؤسسات الدولة التى كانت تتهم بالانحياز لمرشحها، أم أن عدم وجود منافسة جادة هو السبب فى ذلك؟!
الملاحظة السابعة: وهى مرتبطة ارتباطا وثيقا بالملاحظة السابقة، وهى أن المرشحين خصوصا رؤساء الأحزاب وحملاتهم قد أشادوا بالشرطة وكيفية إشرافها وحفظها للأمن طوال أيام ليس فقط أيام التصويت ولكن ما سبقها من إجراءات كثيرة، خصوصا أثناء المؤتمرات الجماهيرية.
والملاحظة هنا أيضا أن القوات المسلحة كانت تساهم وتساعد الشرطة فى حفظ الأمن خلال انتخابات ٢٠١٤ و٢٠١٨، لكن هذه المرة قامت الشرطة بالمهمة الكاملة والسبب بطبيعة الحال يعود إلى حالة الاستقرار التى باتت البلاد تنعم بها، بعد دحر الإرهاب بنسبة تكاد تكون كاملة. ولم يكن ممكنا أن تجرى الانتخابات بسهولة إذا كان الإرهاب ما يزال موجودا.
الملاحظة الثامنة والأخيرة: تحدثت بعض وسائل الإعلام عن أن نسبة مشاركة الشباب فى هذه الانتخابات كبيرة وإلى أن نرى ذلك بصورة رسمية عبر بيانات الهيئة الوطنية للانتخابات، فإن تأكيد حدوث ذلك سيكون مؤشرا مهما بالنظر إلى حالة العزوف شبه الكاملة للشباب عن العمل السياسى منذ تعثر ثورة ٢٥ يناير، وتصدر السيدات وكبار السن للمشهد الانتخابى منذ انتخابات ٢٠١٤ الرئاسية وما تلاها من استحقاقات.
ختاما: ما سبق مجرد ملاحظات مبدئية وانطباعات تحتاج إلى مزيد من الضبط والتدقيق حينما يتم إعلان البيانات الرسمية لكافة تفاصيل الانتخابات الرئاسية.