بقلم - عماد الدين حسين
ماذا سيكون شكل العالم لو عاد دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة آخر هذا العام، وصعدت العديد من أحزاب اليمين المتطرف إلى سدة الحكم فى أوروبا، وتمكن بنيامين نتنياهو من الاستمرار بمعجزة هو أو تياره المتطرف فى حكم إسرائيل؟!
هذا السؤال بات يشغل الكثيرين فى العالم، وسمعته من أكثر من مسئول أوروبى مهم خلال اللقاءات مع العديد منهم طوال هذا الاسبوع، على هامش انعقاد مجلس الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى مقر المفوضية الأوروبية ومجلس الاتحاد الأوروبى فى العاصمة البلجيكية بروكسل، وهو ما تزامن مع اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى مع وزراء خارجية مصر والسعودية والأردن وفلسطين وإسرائيل بصورة منفصلة.
بالطبع هذا التوقع إذا تحقق فإنه سوف يسعد كل أنصار اليمين المتطرف فى كل مكان داخل أوروبا وخارجها، وعلى سبيل المثال فإن كل أنصار هذا التيار يهللون ويفرحون لأى انتصار يحققه التيار سواء كان فى أمريكا اللاتينية كما حدث فى الأرجنتين أو هولندا والنمسا فى قلب أوروبا أو السويد شمالها.
لكن هذا الأمر يشبه الكابوس لدى أنصار التيار الليبرالى أو حتى يمين الوسط وبالطبع كل التيارات اليسارية والاشتراكية بجميع ألوانها لأنه سيعنى المزيد من العنصرية والفاشية والتطرف.
ليس جديدا القول أن التطورات العالمية المتسارعة. والأزمات التى ضربت العالم خصوصا وباء كورونا ثم اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ثم التضخم العالمى وزيادة الديون العالمية قد أدت إلى أزمات اقتصادية فى العديد من بلدان العالم رفعت معدلات التضخم، وبالتالى شهدت معظم الأسعار والخدمات ارتفاعات متتالية وفلكية.
هذه التطورات استفاد منها إلى حد كبير اليمين المتطرف فى العديد من دول العالم، لأنه أوهم الناخبين أن المشكلة تكمن فى المهاجرين عموما وخصوصا الأفارقة والمسلمين.
وجرى توظيف كراهية الإسلام والمسلمين فى هذه الأزمات، ولم يكن اللوبى الصهيونى بعيدا عن محاولات شيطنة الإسلام والمسلمين والعرب والفلسطينيين.
ونتيجة لذلك فإن قوى اليمين المتطرف بدأت تسجل نجاحات مختلفة.
كثيرون كانوا يظنوا أن خروج ترامب من رئاسة الولايات المتحدة وبولسنارو جاييرو فى البرازيل قد كسر قلب هذه القوى المتطرفة، لكن من الواضح أن ذلك لم يكن صحيحا إلا مؤقتا.
اليمين المحافظ صعد فى السويد، ثم فى هولندا، وهو موجود ومؤثر فى النمسا والمجر، كما أن هذا التيار صارت له كلمة مهمة فى عدد كبير من دول شرق أوروبا.
من المفترض أن تشهد العديد من دول العالم انتخابات برلمانية هذا العام يراها كثير من المراقبين مفصلية، وقد تساهم فى رسم خريطة العالم من جديد، أو تؤكد على مزيد من القوى اليمينية، خصوصا فى الولايات المتحدة التى تقول كل استطلاعات الرأى أن ترامب سوف يفوز فيها.
الأمر نفسه فى الهند مع ناريندا مودى وحزبه جاناتا. أما الانتخابات المهمة أيضا فسوف تكون فى البرلمان الأوروبى فى الصيف المقبل، وغالبية المؤشرات تتحدث عن مزيد من الصعود للتيار اليمينى المحافظ والمتشدد.
قبل عملية «طوفان الأقصى» فى ٧ أكتوبر الماضى، وما أعقبها من عدوان إسرائيلى وحشى وغير مسبوق مستمر حتى الآن، فإن غالبية استطلاعات الرأى كانت تشير إلى أن معسكر اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو هو المتقدم أو على الأقل متعادل مع تيار الوسط، لكن ومع الإخفاق الشامل والفشل الاستخبارى والسياسى وعدم تحقيق أى من الأهداف التى رفعها نتنياهو ومجلس حربه لى بداية العدوان، بدأت شعبيته تتراجع والاستطلاعات تؤكد أنه سوف يخسر الانتخابات بصورة كبيرة.
لكن بعض المراقبين يقولون إن نتنياهو ذا الخبرة العريضة فى الحكم والهروب من كل الأزمات والإخفاقات، سيحاول بكل الطرق الاستمرار وتبييض صورته وصورة المتطرفين، ويراهن على عدم التغيير حتى يفوز ترامب ويعود للبيت الأبيض ووقتها يمكنه إعادة تعويم نفسه.
لو أن هذا السيناريو قد تحقق وعاد ترامب وصعد المزيد من المتطرفين لسدة الحكم فى أوروبا، إضافة للأرجنتين والهند، فإن العالم يدخل بقوة إلى مزيد من الصدامات والصدمات والمشاكل ومزيد من الحروب الاقتصادية والسياسية وربما العسكرية.
والسؤال: ما هو تأثير كل ذلك على مصر والمنطقة العربية وفلسطين؟