بقلم - عماد الدين حسين
هل نحن جاهزون للتعامل مع أى أمور طارئة؟!
سؤال أرجو أن يتأكد الجميع من إجابته على أرض الواقع، وليس قط من خلال التصريحات الإعلامية والكلمات المعسولة، ومنطق «كله تمام».
أطرح هذا السؤال فى ظل الزلزال الذى يهز منطقة الشرق الأوسط منذ الساعة السادسة والثلث من صباح ٧ أكتوبر الماضى، وحتى هذه اللحظة حينما نفذت المقاومة الفلسطينية عمليتها النوعية غير المسبوقة «طوفان الأقصى» ضد مواقع الجيش الإسرائيلى ومستوطناته على تخوم غزة.
النوايا الإسرائيلية الوقحة والسافرة ستؤثر على الأمن القومى المصرى بصورة واضحة إذا أجبرت أهالى غزة على عبور الحدود المصرية إلى سيناء.
إذا حدث هذا السيناريو ــ لا قدر الله ــ فإن إسرائيل ستكون قد بدأت فعليا تنفيذ خطة تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأمن القومى المصرى.
أعلم وأدرك أن القيادة المصرية أعلنت رفضها التام لهذا المخطط منذ اللحظات الأولى، وتجاهد لمنع تنفيذه ولا تدخر جهدا فى دعم أبناء الشعب الفلسطينى بكل الوسائل الممكنة خصوصا المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح. لكن ما أطرحه فى هذه السطور هو ضرورة التأكد من أن كل الوزارات والهيئات والمؤسسات والأجهزة ذات الصلة بهذا الموضوع على أهبة الاستعداد وجاهزة للتعامل مع أى طارئ يخص تداعيات العدوان الإسرائيلى على غزة خصوصا فيما يتعلق بمصر.
علينا ألا نترك أى شاردة أو واردة حتى نتأكد من جاهزيتها للتعامل مع الأزمة من أصغر الأشياء إلى أكبرها.
لست من دعاة الحرب أو الترويج لها، وأعلم تبعاتها وأهوالها وأثمانها الفادحة، ولم أعد أهوى أو أحبذ ترديد الكلميات والعبارات الرنانة التى لا تستند إلى واقع، وتهدف فقط إلى دغدغة مشاعر بعض الجماهير المتحمسة أو المحبطة مما تراه من فظائع الاحتلال وجرائمه. ورغم ذلك فمن المهم دائما أن نكون جاهزين لكل السيناريوهات بما فيها الأسوأ.
الأمن القومى المصرى يواجه فى هذه اللحظات العديد من التحديات وهناك ما يشبه حزام النار الذى يحيط بكل الحدود المصرية من اضطرابات وحروب وصراعات أهلية فى السودان وليبيا نهاية بحرب إبادة إسرائيلية ضد قطاع غزة، ومحاولة تهجير سكانه إلى سيناء.
العصابة الحاكمة فى إسرائيل شديدة التطرف وبدأت نواياها السافرة تتكشف الآن، وبالتالى علينا ألا نستبعد أى سيناريوهات، بما فيها إقدام إسرائيل على إجبار سكان غزة على الرحيل لسيناء، أو حتى إعلانها إسقاط اتفاق السلام الموقع مع مصر عام ١٩٧٩.
قبل أيام اطمأن قلبى حينما حضرت على أرض الواقع تفتيش الحرب فى الفرقة الرابعة المدرعة بالجيش الثالث الميدانى فى مقرها قرب محافظة السويس بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد الأعلى للقوات المسلحة والفريق أول محمد زكى وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة وكبار قادة الجيش المصرى.
تفتيش الحرب، يعنى أن هذه القوات اجتازت كل مراحل التدريب والتأهيل ووصلت إلى أعلى مراحل الجاهزية. وأظن أن هذا التفتيش بكل ما تضمنه من أسلحة حديثة جدا هو رسالة لكل من يهمه الأمر فى المنطقة بأنه لا يجوز بأى حال من الأحوال تهديد الأمن القومى المصرى وإلا كانت العواقب وخيمة.
بعد هذا التفتيش بأيام قليلة، ويوم الأربعاء قبل الماضى كنت ضمن الوفد الصحفى الذى يرافق رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى فى رحلته المهمة بمحافظة شمال سيناء وإعلانه من على بوابة معبر رفح فى العريش بأن مصر مستعدة للتضحية بملايين الأرواح من أبنائها دفاعا عن كل ذرة رمال من أرض سيناء الغالية.
وهناك لمست بوضوح أن الجميع لديه إدراك واضح بأهمية وخطورة هذه اللحظات العصيبة على الجميع.
إذا كان الأمر كذلك بالنسبة للقوات المسلحة فإنه ينبغى أن يكون كذلك أيضا بالنسبة لجميع مؤسسات وهيئات وجهات الدولة سواء كانت حكومية أو خاصة أو مجتمعا مدنيا.
نعم نحن شعب محب للسلام، لكن لا يعنى ذلك بأى حال من الأحوال ألا نكون مستعدين لكل الاحتمالات، خصوصا أن بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية يسربون بتخطيط مسبق نواياهم من أول القدرة على ضرب الجميع نهاية باستخدام السلاح النووى مرورا بتهجير الفلسطينيين إلى سيناء.
علينا أن نختبر جاهزية كل المؤسسات والهيئات والمصالح من أول المواد الغذائية والتموينية والوقود مرورا بالمستشفيات والأدوية نهاية بالقوات المسلحة.
هل يمكن مثلا أن تقوم كل هيئة ومؤسسة بما يشبه تجارب وإنذارات الطوارئ لنقف على جاهزيتها ونتأكد أن كل أفرادها من أصغر الموظفين إلى أكبرهم مؤهلون ومدربون وجاهزون للتعامل مع كل السيناريوهات.
هناك أيضا عامل مهم وهو توعية الشعب المصرى بما يحدث وخطورته، وتهيئة المواطنين لكيفية التعامل مع أى طارئ، والآثار المحتملة على حياة الناس ومعيشتهم، بما يجعل الجبهة الداخلية آمنة ومحصنة تماما.