بقلم - عماد الدين حسين
رغم أننى زملكاوى جدا جدا، لكن سوف أشجع النادى الأهلى مساء اليوم فى لقائه مع فريق الترجى التونسى الشقيق فى مباراة الإياب بدورى أبطال إفريقيا.
كرويا، لكننى مشجع كروى قديم منذ عام ١٩٧٥ تقريبا.
منذ حوالى ٥٠ عاما بدأت بتشجيع الزمالك؛ بفضل صديق عزيز بأسيوط أكبر منى سنا فى قريتى التمساحية بأسيوط هو المرحوم سمير عبد التواب عثمان، وهو بالمناسبة الشقيق الأكبر للواء عبدالفتاح عثمان مساعد وزير الداخلية الأسبق، وكذلك المستشار أحمد عثمان أطال الله فى أعمارهما.
كنت أسير ٧ كيلو مترات مرتين فى الأسبوع على الأقدام لكى أشترى مجلة الزمالك يوم الخميس وجريدة «التعاون الرياضى» كل يوم جمعة ثم بدأت أشترى الأخبار والأهرام والجمهورية كل يوم لقراءة صفحات الرياضية ومن خلالها بدأت أقرأ فى بقية المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها .
حبى للزمالك جعلنى بالتدريج لا أحب الأهلى والسبب هو مناخ التعصب الأعمى لكل فريق، لدرجة أن البعض كان يتباهى بغشومية قائلا إنه سيشجع فريق مكابى تل أبيب إذا واجه الفريق المنافس.
كبرت وفهمت وأدركت أن هذا الشعور كارثى ومدمر ولا يمت للروح الرياضية من قريب أو بعيد.
صحيح أننى حتى الآن أتمنى عدم فوز الأهلى فى أى مباراة محلية حتى لو كان جيدا، وأتمنى فوز الزمالك فى أى مباراة حتى لو كان سيئا، لكن على الأقل بدأت أتفهم حينما يخسر الزمالك وهو خارج مستواه، وأتفهم حينما يفوز الأهلى وهو يستحق.
التطور المهم هنا أننى ومنذ سنوات ليست بالطويلة بدأت أشجع الأهلى وأى فريق مصرى يلعب مع أى فريق غير مصرى، لأن هذا هو الطبيعى والمنطقى أولا، وثانيا حينما عشت خارج مصر لمدة عشر سنوات فى الإمارات فى الفترة من ١٩٩٨ حتى ٢٠٠٨ فإن المواطنين العرب كانوا يقولون فرقتنا فازت، وليس فريقى فقط، بمعنى أن فوز الأهلى بعدد كبير من البطولات الإفريقية يجعلنى سعيدا لأنه يحسب لمصر وليس فقط للأهلى.
هذا التغير الذى حدث لى، أظن أنه هو الشعور الطبيعى، وأى شىء عكسه هو شاذ وخارج عن المألوف، لكن للأسف فإن بعض معارفى الزمالكاوية يعتبرونى منشقا وخارجا عن الصفوف.
وتتحمل بعض وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعى المسئولية الأساسية عن هذا المناخ المسموم من التعصب الأعمى، إضافة بالطبع إلى قلة من المسئولين الرياضيين الذين دمروا كل ما له صلة بالروح الرياضية.
لكن ورغم كل ذلك فهناك إشارات إيجابية فى الشهور الأخيرة، ويحسب لمجلس إدارة الأهلى مبادرته الأسبوع الماضى بتهنئة الزمالك على فوزه بكأس الكونفيدرالية الإفريقية ضد نهضة بركان المغربى الشقيق، وكذلك التهانى الفردية من العديد من الشخصيات العامة الأهلاوية.
وفى المقابل فإن شخصيات عامة زملكاوية كثيرة مثل حسن شحاتة أعلنوا بوضوح أنهم سيشجعون الأهلى فى مباراة اليوم.
هذا هو المناخ الذى ينبغى أن يكون، وقد استمعت من المهندس إبراهيم المعلم الذى شغل منصب نائب رئيس النادى وأمين الصندوق فى عهد يراه البعض ذهبيا إلى العديد من القصص والحكايات التى تعكس الروح الودية بين الفريقين طوال سنوات طويلة، ومنها مثلا أن الرئيس التاريخى للزمالك المهندس محمد حسن حلمى «زامورا طلب أن يزور النادى الأهلى لتهنئة مجلس الإدارة الجديد عام ،١٩٨٠ فكانت المفاجأة أن صالح سليم رئيس النادى هو ومجلس الإدارة قرروا أن يذهبوا إلى الزمالك تقديرا للمهندس حسن حلمى.
وهناك قصص كثيرة متعددة تدل على أن الأصل هو التعاون والتآلف والمحبة.
الأصل أن يكون هناك التنافس الشريف، وليس عيبا، أن تكون هناك مناكفة تقليدية أو «تحفيل» بالمعنى الحديث بين مشجعى الناديين، لكن شرط ألا تتحول إلى الحروب العبثية التى رأيناها فى السنوات الأخيرة،
مرة أخرى كل التمنيات الطيبة للأهلى اليوم فى مواجهة فريق الترجى، رغم حبى الشديد لتونس وشعبها الشقيق والمحترم.