جثث متحللة في شوارع الخرطوم ومشارحها

جثث متحللة في شوارع الخرطوم ومشارحها

جثث متحللة في شوارع الخرطوم ومشارحها

 العرب اليوم -

جثث متحللة في شوارع الخرطوم ومشارحها

بقلم - عماد الدين حسين

3 آلاف جثة موجودة فى ثلاث من مشارح العاصمة السودانية الخرطوم، لا يمكن دفنها بسبب المعارك الطاحنة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
ونتيجة لذلك فإن غالبية هذه الجثث تحللت إلى أكوام من اللحم، والخوف أن تصل إليها الفئران والكلاب الضالة وبالتالى قد ينتشر الطاعون.
هذا ملخص التقرير المهم قبل أيام لمراسل جريدة «الشرق الأوسط»، وجدان طلحة من منطقة ود مدنى فى الخرطوم والتفاصيل الموجودة به مرعبة، وتظهر إلى أى حد بلغ العبث بالحرب فى السودان، والآثار الكارثية لها، والأخطر أنه لا يلوح فى الأفق أى أمل لوقف إطلاق النار.
تفاصيل التقرير مهمة رغم أنها بائسة ومقبضة لأنها تكشف حقيقة ما ارتكبه زعماء الحرب بحق الشعب السودانى.
المشارح الرئيسية فى الخرطوم كانت تعانى من مشاكل كثيرة حتى قبل اندلاع الصراع الحالى، وكان هناك اعتقاد أنه داخل هذه المشارح جثامين لنشطاء سياسيين سقطوا فى اعتصام 3 يونيو 2019 الذى تم فضه بعنف من الجيش والدعم السريع، حينما كانا متحالفين، وكذلك ضحايا موجة الاحتجاجات التى اندلعت فى 25 أكتوبر 2021. وبالتالى فالمعتقد أن هذه الجثث ليست كلها وليدة للصراع الحالى، بل ربما بعضها موجود منذ سنوات. لكن الحرب الحالية زادت المأساة عمقا، خصوصا أن المشارح تقع فى مناطق الاشتباكات والتيار الكهربائى دائم الانقطاع، وبالتالى تحولت الجثث إلى أكوام من اللحم المتحلل.
والمعروف أن الحكومة المدنية أوقفت دفن الجثامين فى 2019 بناء على طلب أسر مفقودى الاعتصام، لحين التأكد من هويتها، لكن انقلاب 25 أكتوبر 2021 قطع الطريق على هذه التحقيقات، ومع بدء الحرب الحالية فى منتصف أبريل الماضى وسقوط آلاف الجثث وانقطاع التيار الكهربائى بما فيها المستشفيات والمرافق الطبية. وطبقا لمدير هيئة الطب العدلى بالخرطوم د. هشام زين العابدين فإن عدد الجثث فى المشارح الثلاثة بالخرطوم بلغ حوالى 3 آلاف جثة.
قرار منع دفن جثث فض اعتصام القيادة تم انتقاده من قبل جهات كثيرة، وكان يمكن الاحتفاظ بالحمض النووى فقط، لكن رئيس لجنة التحقيق المستقلة فى فض الاعتصام نبيل أديب يقول إنه لم يمنع الدفن إطلاقا.
والخشية الكبرى التى يراها زين العابدين أن تكون الكلاب الضالة والفئران قد دخلت المشارح وأكلت الجثامين، وصارت وكأنها فى الشارع لعدم وجود أطباء أو عمال أو تيار كهربائى بسبب وقوعها فى منطقة اشتباكات عسكرية.
ولأن المشارح موجودة فى مناطق سكنية فإن رائحة الجثث المتحللة بدأت تصل إلى المواطنين فى بيوتهم، حسب المراسل وجدان طلحة. ولا تملك الأجهزة المختصة إلا استخدام مبيدات الحشرات للقضاء على الفئران التى تتغذى على الجثث. وإذا تمكنت هذه الحشرات والقوارض من العودة للشوارع مرة أخرى، فإنها يمكن ببساطة أن تنشر الطاعون بين الناس.
ولأن جميع المشارح مغلقة، فإن المشكلة الأخطر أيضا هى أن جثث قتلى الحرب موجودة فى الشوارع، ولا تجد فى كثير من الأحيان من يدفنها بسبب عدم وجود ممرات آمنة تمكن الجهات الصحية من دفنها، وإذا تحقق تحلل الجثث الموجودة فى الشوارع فهناك أخطار بيئية كثيرة تهدد السكان.
هذا هو أحد أوجه الصور المأسوية للحرب الدائرة الآن فى بعض مناطق السودان خصوصا العاصمة الخرطوم والنتيجة المنطقية التى يمكن أن يخرج بها من يطالع هذه الوقائع أن ضحايا الحرب والصراع المستمر فى السودان يموتون عدة مرات الأولى عذابا بسبب ويلات الحرب، ثم الموت المادى نفسه، والموت المعنوى حينما لا يجدون من يقوم بدفنهم، ويتركهم يتحللون فى الشوارع والمشارح تأكلهم الفئران والكلاب وسائر القوارض.
يستحيل أن يسامح الشعب السودانى كل من تسبب أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جثث متحللة في شوارع الخرطوم ومشارحها جثث متحللة في شوارع الخرطوم ومشارحها



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس

GMT 17:23 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 10:42 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

رامي صبري يتحدث عن إمكانية تقديمه أغاني خليجية

GMT 23:27 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab