بقلم - عماد الدين حسين
ما الذى يريده المصريون من الرئيس عبدالفتاح السيسى وحكومته فى الفترة الرئاسية الجديدة التى بدأت أمس الثلاثاء بأداء الرئيس اليمين الدستورية فى مجلس النواب بالعاصمة الإدارية الجديدة؟
لا أزعم أننى أتحدث باسم المصريين، ولم أقم بإجراء استطلاع رأى علمى حتى أصل إلى إجابة للسؤال الذى بدأت به هذا المقال.
ورغم ذلك سوف أجتهد فى تقديم إجابة من واقع عملى ومعايشتى ومقابلتى يوميا لأفراد مختلفين من فئات وشرائح اجتماعية متنوعة.
أظن أن أول شىء يحتاج إليه المصريون من الرئيس السيسى فى الولاية الرئاسية الجديدة هى الاقتصاد ثم الاقتصاد ثم الاقتصاد.
وتفصيل ذلك أن المصريين انتخبوا الرئيس السيسى فى الولايتين السابقتين وكان الهدف الأول هو الاستقرار ثم الاستقرار، بعد موجات الإرهاب والعنف والفوضى العارمة وعدم الاستقرار التى ضربت البلاد بعد ثورة ٣٠ يوليو ٢٠١٣.
لم يكن ممكنا وقتها الحديث عن أى شىء والتفجيرات الإرهابية تضرب فى كل مكان. وحينما اطمأن المصريون أن الاستقرار قد عاد وهيبة الدولة رجعت، بدأوا يفكرون فى مستوى معيشتهم.
ومن سوء الحظ أنه فى اللحظة التى كان يفترض أن يحصدوا نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأ فى نوفمبر ٢٠١٦، فقد هجمت كورونا ثم أوكرانيا والتضخم العالمى الذى تأثرت به مصر أكثر من غيرها بكثير إضافة لأخطاء داخلية لا يمكن إنكارها.
هذه الأزمة الاقتصادية التى بدأت فى ربيع ٢٠٢٢ جعلت الدولار يقفز من ١٦ جنيها ليتجاوز ٧٠ جنيها قبل حوالى شهرين. غالبية المصريين تأثروا بهذه الأزمة بصورة أو بأخرى، وبالتالى فإن أول مطلب أو هدف أو رغبة لهم الآن هو الاستقرار الاقتصادى الذى يقود إلى تحسين مستوى حياتهم.
من حسن الحظ أن الإجراءات الاقتصادية التى بدأت يوم ٦ مارس الماضى بصفقة رأس الحكمة التاريخية والاتفاق مع صندوق النقد الدولى ثم الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى قد أتاحت لمصر أكبر تدفق دولارى فى وقت واحد، وتم توحيد سعر الصرف وبدأنا نشعر بحالة من التحسن الطفيف.
ما يحتاج إليه غالبية المصريين فى الفترة المقبلة أن يستمر هذا الاستقرار والتحسن، وتكون هناك سياسات اقتصادية مختلفة لا تعيد إنتاج هذه الأزمة بعد عام أو عامين.
الرغبة والهدف والمطلب الثانى للمصريين أو ربما هو الأول مكرر هو الحفاظ على الحدود المصرية، والعمل بأقصى جهد ممكن لإفشال المخطط الإسرائيلى لتصفية القضية الفلسطينية وعلى حساب مصر وأمنها واستقرارها.
صار الهدف الإسرائيلى المدعوم أمريكيا واضحا ومكشوفا وهو «الحل النهائى» للقضية أى تهجير سكان غزة إلى سيناء وسكان الضفة الغربية إلى الأردن أو أى مكان آخر.
الموقف المصرى واضح وقوى منذ بداية الأزمة، ورفض بوضوح كل الخطط الإسرائيلية، ونحتاج فى الفترة المقبلة أن يستمر هذا الموقف، وأن يتواصل تنسيقنا مع كل الدول والقوى العربية والدولية لمواجهة المخطط الإسرائيلى وأن تصل الرسالة واضحة لإسرائيل بأن مصر لن تقبل ذلك، تحت أى ظرف من الظروف.
المطلب الثالث أن يتم التركيز فى الفترة المقبلة على الإنفاق بصورة أكبر على التعليم والصحة والصناعة وكل ما يمكنه المساهمة فى بناء الإنسان. فى السنوات الماضية كان التركيز الأكبر على البنية التحتية، وهو أمر منطقى لأنه لا يمكن الحديث عن تطوير التعليم والصحة والصناعة، من دون وجود بنية أساسية قوية.
علينا أن نؤجل أى مشروعات عامة حتى لا نستنزف ما لدينا من أموال قليلة لحين تنفرج الأزمة.
علينا أن نركز على كل شىء يدعم التصدير ويقلل من الاستيراد. علينا أن ندعم القطاع الخاص المنتج والوطنى، حتى يقف بجوار الدولة فى الفترة المقبلة.
المطلب الرابع استمرار الانفتاح السياسى والمزيد من الحريات المسئولة فى اطار القانون والدستور، حتى لا تتحول الأمراض البسيطة مثل الإنفلونزا إلى أمراض خطيرة مثل السرطان لا قدر الله.
ومن حسن الحظ أن الرئيس السيسى فى خطاب التنصيب أمس تحدث عن تعهده بتنفيذ غالبية هذه المطالب حينما كان يتحدث أمام نواب الشعب.
كل التمنيات بالتوفيق للرئيس السيسى فى ولايته الجديدة.