بقلم - عماد الدين حسين
فى البند رقم ٣ من البيان الختامى للقمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية والتى عقدت فى العاصمة السعودية أمس الأول السبت جاء فيه تحت عنوان «نقرر» ما يلى:
«كسر الحصار على غزة وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فورى، ودعوة المنظمات الدولية إلى المشاركة فى هذه العملية، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».
قبل هذه النسخة النهائية كانت هناك نسخة أولية سبقتها بساعات قليلة تجعل هذا البند رقم ٦، وبعدها جرى تقديمه ليصبح رقم ٣.
فى ظنى وظن كثيرين فإن هذا البند هو الأهم على الإطلاق فى البيان الختامى الذى حوى ديباجة مهمة إضافة إلى ٣١ بندا، والسبب أن غالبية البنود تتحدث عن توصيف الأحداث ودعوات ومناشدات وتوصيات موجهة إلى الهيئات الدولية، وتنديد بالعدوان الإسرائيلى.
كل الإدانات والتنديدات لا تشغل بال إسرائيل، لأنها اعتادت عليها وتعايشت معها منذ نكبة ١٩٤٨، بل وحتى هذه الإدانات تراجعت نبرتها كثيرا فى السنوات الأخيرة بعد إقامة العديد من الحكومات العربية علاقات رسمية مع إسرائيل.
لكن البند رقم ٣ مختلف إلى حد كبير لأنه يتحدث عن إجراء محدد وهو كسر الحصار وإدخال المساعدات الإنسانية من دواء وغذاء ومياه ووقود بشكل فورى ومستدام.
هذا البند كان قويا جدا وأظن أنه كان منطقيا وعمليا حينما طالب بأن يتم ذلك بدخول المنظمات الدولية وطواقمها وتمكينها من القيام بدورها. وهو بهذه الصياغة يشرك المجتمع الدولى ومنظماته الفاعلة فى تحمل مسئوليتها.
بطبيعة الحال فإن غالبية من قرأوا هذا البند وشعروا بالراحة النسبية لأنه يتحدث عن إجراءات محددة، قد تساءلوا بعد أن فرغوا من القراءة قائلين: وكيف سيتم تنفيذ هذا القرار على أرض الواقع؟!
فى النسخة شبه النهائية من هذا البند كان هناك استخدام مباشر لكلمة «كسر» لكن حينما تحدث وزير الخارجية السعودى الأمير فيصل بن فرحان فى المؤتمر الصحفى مع الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد أبو الغيط، فقد استخدم تعبير «العمل على كسر»، لكن فى كل الأحوال فإن ذلك لا يقلل من أهمية وقيمة هذا الأمر.
مرة أخرى القضية الأساسية هى كيفية تنفيذ هذا القرار المهم.
لا توجد إلا مصر التى لها حدود مباشرة مع قطاع غزة عبر معبر رفح البرى، فى حين تحيط إسرائيل وتطوق قطاع غزة برا وبحرا وجوا، وأغلقت كل المعابر المخصصة لإدخال السلع والبضائع والوقود ومواد البناء منذ عملية طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر الماضى.
مصر بذلت كل الجهود لإدخال شاحنات المساعدات الإنسانية إلى القطاع ورفضت بإصرار إخراج الرعايا الأمريكيين والأجانب إلا بعد التأكد من إدخال المساعدات وإخراج المصابين الفلسطينيين للعلاج. فى حين أن إسرائيل فعلت المستحيل لمنع دخول المساعدات وقصفت الجانب الفلسطينى من معبر رفح أكثر من مرة.
البعض يقول ولماذا لا تقوم مصر بإدخال المساعدات مباشرة من دون التنسيق مع أى طرف سواء كان الأمم المتحدة والوكالات والهيئات الدولية المتخصصة مثل الأونروا أو الصليب الأحمر الدولى أو بعض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة؟. سؤال منطقى، لكن هناك أيضا اتفاقا دوليا لتشغيل معبر رفح منذ انسحاب إسرائيل من القطاع عام ٢٠٠٥ وتوقيع اتفاق فيلاديلفى حيث تعتبره إسرائيل جزءا مكملا من اتفاق السلام مع مصر الموقع عام ١٩٧٩، إضافة إلى وجود طرف أوروبى ودولى ضامن لتشغيل المعبر، وبالتالى فالسؤال المهم هو: إذا قامت مصر بإدخال شاحنات المساعدات الإنسانية من دون التنسيق المسبق مع أطراف الأزمة والأمم المتحدة، ثم قامت إسرائيل بقصف هذه الشاحنات مثلما هددت بذلك مرارا وتكرارا فما الذى ينبغى على مصر أن تفعله فى هذه الحالة؟!
هل تسكت وبعدها يخرج المراهقون والسذج والمهيجون صائحين: ولماذا لا ترد مصر على ضرب شاحناتها؟
أم ترد بالمثل وتعلن الحرب على إسرائيل؟
المطلوب أن يكون هناك دعم وإسناد عربى وإسلامى ودولى واضح حتى يمكن تفعيل البند الثالث من البيان الختامى.
ولابد أن تقول لنا الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامى ما هى الطريقة العملية لتفعيل البند الثالث، وأظن أن هذا هو السؤال الجوهرى الذى يشغل الجميع الآن.