من سيدفع ثمن الإفلاس اللبناني

من سيدفع ثمن الإفلاس اللبناني؟

من سيدفع ثمن الإفلاس اللبناني؟

 العرب اليوم -

من سيدفع ثمن الإفلاس اللبناني

بقلم - عماد الدين حسين

«سرقوه، نهبوه، اغتصبوه، ودمروه» تلك هى الكلمات التى غرد بها الفنان اللبنانى المعروف راغب علامة عقب إعلان سعادة الشامى نائب رئيس الحكومة اللبنانية عن إفلاس لبنان ومصرفها المركزى.
تصريحات الشامى كانت خلال حوار مع تليفزيون الجديد مساء الأحد الماضى، وأحدثت ردود أفعال قوية خصوصا بين الشعب اللبنانى بمختلف أطيافه وطوائفه.
بالأمس كتبت عن سياق التصريحات وارتباطها بالمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولى والتى يقودها الشامى بنفسه، واليوم أسأل: من الذى سوف يدفع ثمن هذا الإفلاس سواء تم إعلانه رسميا من الحكومة، أو حتى من دون إعلان؟!

الإجابة ببساطة أن الشعب اللبنانى هو المتضرر الأول والأساسى من هذا الواقع المرير.
حينما سئل الشامى عن توزيع هذه الخسائر كان صريحا وواضحا، حينما قال إن إمكانيات الدولة والمصرف المركزى والبنوك ضئيلة وبالتالى فإن جوهر كلامه هو أن المواطنين هم الذين سوف يتحملون الثمن الأكبر لهذه النهاية المأساوية للاقتصاد اللبنانى.

المفارقة السوداوية أن الذين تسببوا فى هذه الكارثة لن يتحملوا شيئا فى حين أن الضحايا الفعليين هم الذين سوف يتحملون كل شىء.
فساد غالبية الطبقة السياسية والاقتصادية فى لبنان طوال السنوات الماضية هو الذى أوصل لبنان إلى هذا النهاية المحزنة، والكبار أو الحيتان أو المسئولون الفاسدون عن هذا الوضع لن يتأثروا لأن ثرواتهم كبيرة، وربما معظمها موجود فى بنوك أجنبية آمنة جدا.

بسبب الفساد وسوء الإدارة والانقسامات السياسية والمذهبية والولاءات الخارجية على حساب الوطن، فقد توقف لبنان عن سداد أقساط الديون منذ مارس ٢٠٢٠، خصوصا حينما تبين أن المصرف المركزى كان يستدين بفوائد عالية جدا من المواطنين، ويمارس سياسة «تلبيس الطواقى» على حد تعبير الكاتب الصحفى خالد منصور، مثلما كانت تفعل شركات توظيف الأموال فى مصر. ثم توقفت البنوك اللبنانية عن رد الودائع الدولارية للناس، أو صرفها بالعملة المحلية أى الليرة التى تدهورت قيمتها وانهارت حيث صار الدولار يساوى ٢٢ ألف ليرة علما بأن سعره ظل ثابتا حتى عامين مضيا عند ١٥٠٠ ليرة لمدة زادت عن ٢٥ عاما.
حينما ستبدأ قسمة الغرماء فإن الدائنين الأجانب سوف تكون لهم الأولوية.

بعض البنوك شاركت فى عملية سرقة مدخرات وودائع الشعب اللبنانى، التى جمدت كل الإيداعات الدولارية، ولم تسمح للمودعين إلا باسترداد مبالغ صغيرة منها، أو استيرادها بالقيمة المنهارة للعملة المحلية.
على حد تعبير منصور، فإن ما جرى فى لبنان كان أكبر عملية سرقة قامت بها النخبة المصرفية المحلية وبعلم المصرف المركزى ضد المودعين الذين صدقوا أسعار الفائدة الخرافية التى قدمتها هذه المصارف على الإيداعات الدولارية، والمعتقد أن البنوك كانت تدفعها من أصل الإيداعات ذاتها.
الفجوة المالية التى يعانيها لبنان تقدر بنحو ٧٥ مليار دولار، وكبار المسئولين يتجنبون حتى الآن الحديث الصريح والواضح عن توزيع الخسائر المحققة على رباعى الأزمة وهم: الدولة والبنك المركزى والمصارف والمودعون.
وهناك تسريبات مسبقة عن تذويب رساميل البنوك البالغة ١٨ مليار دولار.

دوليا فإن تصنيف لبنان لدى مؤسسات التمويل الدولية هو الأدنى على الإطلاق، ووكالة موديز للتصنيف الائتمانى وصفت فى تقريرها السنوى الاقتصاد اللبنانى بأنه يعانى من تآكل الاحتياجات من العملات الأجنبية، وقفزة فى معدلات التضخم ولذلك صنفت الاقتصاد عند الدرجة «C» مع غياب النظرة المستقبلية، وأن الخسائر التى سوف يتكبدها حاملو السندات ستفوق ٦٥٪ من إجمالى قيمة استثماراتهم فى السندات التى أصدرتها الدولة طبقا لتقديرات موديز وهى بالمناسبة تتحدث عن بيانات ٢٠٢١، فإنها توقعت أن ينكمش الناتج المحلى الإجمالى الاسمى من ٥١٫٤ مليار دولار إلى ٣٦٫٤ مليار دولار، وإلى ٣٣٫٩ مليار دولار هذا العام بنسبة انكماش ٢٢٪ ثم ٦٫٦٪، أما معدل التضخم فقد كان التوقع هو ١٥٠٪ عام ٢٠٢٠، ثم ١٠٠٪ فى ٢٠٢١.

الديون الخارجية بلغت فى ٢٠١٩ نحو ٩١٫٦ مليار دولار ثم ٥٤٫٥ مليار فى ٢٠٢١ ثم ٤٨٫٤ فى ٢٠٢١، أما خدمة الدين فإنها ارتفعت لتصل إلى ٤٨٫٤٪ من إجمالى الإيرادات عام ٢٠١١ و٦٠٫٨٪ فى ٢٠٢٠ و٦١٫٣٪ فى إيرادات ٢٠٢١.
هذه صورة سريعة تبين الواقع المؤلم الذى يعيشه الاقتصاد والشعب اللبنانى، أما الأكثر إيلاما وإدهاشا فهو قدرة الطبقة السياسية واللبنانية على الإفلات طوال السنوات الماضية من عقاب الشعب اللبنانى، بل والاستمرار فى تصدر المشهد بنفس الوجوه تقريبا التى كانت سببا فى هذا الخراب الكبير!
كان الله فى عون هذا الشعب الشقيق.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من سيدفع ثمن الإفلاس اللبناني من سيدفع ثمن الإفلاس اللبناني



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab