بقلم - عماد الدين حسين
هل العلاقات الرسمية بين مصر والكويت جيدة ومستقرة أم تشهد بعض التقلبات، كما هو الحال مع بعض دول المنطقة؟.
سألت هذا السؤال لوزير الإعلام الكويتى عبدالرحمن المطيرى فى القاهرة الخميس قبل الماضى، وفى الكويت الأربعاء الماضى، فكانت إجابته بأن العلاقات فى أحسن أحوالها، وهى تاريخية ومتجذرة، وأن مصر بالنسبة لنا هى الشقيقة الكبرى، التى لا نستغنى عنها، ولا ننسى دورها ومساعدتها لنا فى كل المجالات من أول المسرح إلى تحرير الكويت مرورا بالمعلمين، وبالمساهمة فى عملية البناء والتنمية الشاملة فى بلدنا، وإحدى علامات هذه المحبة أن المكتب التنفيذى لوزراء الإعلام العرب سينعقد فى الكويت فى فبراير المقبل احتفالا بعيد التحرير، رغم أن مصر هى التى ترأس الاتحاد، الدليل الثانى والمهم أن ٤٧ من كبار رجال الأعمال الكويتيين يترأسه محمد جاسم الصقر يزورون مصر هذه الأيام، وهو أكبر وفد اقتصادى من عام ١٩٨٩.
الوزير أشاد بما اعتبره نهضة مصرية فى كل المجالات خصوصا فى الطرق والجسور والبنية الأساسية والعاصمة الإدارية الجديدة.
السفير المصرى فى الكويت، أسامة شلتوت قال لى: إن العلاقات عمرها مائتا عام، وهى مستقرة ومتجذرة بين الحكومتين والشعبين، أما الأصوات التى تحاول تعكير صفوها فهى قليلة جدًا ومعروفة للجميع.
طبقا للأرقام فالاستثمارات الكويتية فى مصر تبلغ عشرين مليار دولار حسب مصادر كويتية، ولكن هذا الرقم تدخل فيه الممتلكات العقارية للكويتيين فى مصر، فى حين أن التقديرات المصرية تقول إن الرقم الفعلى يدور فى حدود المليارات الخمسة، وهى استثمارات تراكمية منذ سنوات وليست وليدة اليوم أو السنوات الأخيرة فقط.
هناك ٣٦ ألف كويتى يدرسون فى مصر، رغم أن التقديرات الرسمية الكويتية تقول إن عددهم ستة آلاف فقط، باعتبارهم الذين أبلغوا سفارة بلدهم فى القاهرة، فى حين أن الآخرين يدرسون بطريقتهم الخاصة أو عبر الأونلاين، وفى المقابل هناك ٦ آلاف مصرى يدرسون فى الكويت ومعظمهم بطبيعة الحال كانوا موجودين مع أهاليهم الذين يعملون بالكويت.
هذه العلاقات لا يمكن اختزالها أبدا فى الاقتصاد والمبادلات التجارية رغم أهميتها. لكنها علاقات معمدة بالدم والمواقف الثابتة. مصر هى التى وقفت بقوة مع الكويت ضد تهديدات رئيس الوزراء العراقى عبدالكريم قاسم عام ١٩٦١، وفى حرب ١٩٧٣ فإن ربع عدد أفراد الجيش الكويتى حارب مع مصر فى انتصار أكتوبر ١٩٧٣، وسقط له شهداء، وفى عام ١٩٩١ حارب الجيش المصرى دفاعا عن استقلال الكويت وتحريرها وسقط له ١٢ شهيدا.
للكويت ودائع فى البنك المركزى المصرى قيمتها ٤ مليارات دولار، كما أنها قدمت لمصر دعما مباشرا بحوالى ٤ مليارات دولار، أيضا بعد ثورة ٣ يونية ٢٠١٣، مع السعودية والإمارات، وكذلك بعض القروض الميسرة، وعلمت أن مصر منتظمة فى سداد كل هذه الديون وأقساطها أولا بأول.
لكن المفارقة أنه ورغم العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين ورغم الجالية المصرية الكبيرة فى الكويت، والاستثمارات الكويتية فى مصر، فإن حجم التبادل التجارى لا يرقى لمستوى هذه العلاقات، فالصادرات المصرية للكويت سنويا حوالى ٢٢٩ مليون دولار، ويتوقع أن يقفز الرقم بنهاية هذا العام إلى أكثر من ٣٥٠ مليون دولار، بعد أن بلغ ١٨٥ مليون فى الشهور السنة الأولى من العام الحالى، وتصدر مصر للكويت سلعا هندسية ومحولات وشاشات تليفزيونية وخضراوات وفاكهة ومنتجات غذائية مصنعة، فى حين تستورد منها سلعا بحوالى من ٣٥ ــ ٦٠ مليون دينار سنويا معظمها بتروكيماويات.
وعلى المسوى السياسى فإن العلاقات بين البلدين لم تشهد أى تقلبات حادة أو حتى منخفضة، والسمة الأساسية فيها كانت الهدوء. نعلم أن الكويت ــ ومنذ اندلاع أزمة الدول العربية الأربع مصر والسعودية والإمارات والبحرين مع قطر فى ٥ يونية ٢٠١٧، وقطع العلاقات معها، اختارت أن تلعب دور الوسيط بين الطرفين، حتى تكللت جهودها بالنجاح، وإعادة العلاقات بعد قمة العلا فى السعودية فى يناير من العام الماضى.
نقطة مهمة أخرى، لفت نظرى إليها أحد المتابعين للعلاقة، وهى أن الجيل الجديد الذى بدأ يحكم فى غالبية المواقع فى الكويت الآن يحتاج إلى وضع الأسس السليمة لعلاقة قوية وممتدة مع مصر، لا تقوم فقط على التاريخ والعواطف، بل على المصالح المشتركة للبلدين والشعبين، وهو موضوع ربما يحتاج نقاشا لاحقا خصوصا فى موضوع العمالة المصرية بالكويت.