بقلم - عماد الدين حسين
ما هو أقوى حزب معارض فى مصر؟
سؤال يردده البعض خصوصا بعد دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل أسابيع لحوار وطنى فى مصر.
وهناك إجابة تقليدية لهذا السؤال وأخرى غير تقليدية.
الإجابة الأولى هى أن نذكر ونرصد عدد الأحزاب ونقول إن معيار القوة الرئيسى هو حجم العضوية الجماهيرية، ثم عدد المقاعد التى يحصل عليها هذا الحزب أو ذاك فى الانتخابات المختلفة خصوصا المحلية والبرلمانية بشعبتيها النيابية والشيوخ، وبما أننا نعرف حقيقة غالبية الأحزاب المصرية، وندرك أن التربة الحزبية شديدة الهشاشة، وبما أن آخر انتخابات برلمانية شهدت دخول العديد من الأحزاب فى قائمة واحدة، فيصعب الحكم الموضوعى على القوة الحقيقية للأحزاب القائمة رغم أن لدينا أكثر من مائة حزب مسجلين ومعترف بهم رسميا.
الإجابة الثانية غير التقليدية تقول إنه ومع ضعف العمل السياسى بمعناه التقليدى، ومع ضعف غالبية الأحزاب، أو اندماج بعضها مع أحزاب أقرب فى مواقفها إلى الحكومة، بالتالى فقد تحولت أحزاب كثيرة لتصبح مجرد لافتات ومقرات مهجورة، إلا من رئيس الحزب ومساعديه وبعض عائلته.
وبالتالى علينا البحث عن إجابة غير تقليدية للسؤال.
فى ظنى ومن تجربة السنوات القليلة الماضية فإن وسائل التواصل الاجتماعى صارت هى حزب المعارضة الأول فى مصر.
كان مفترضا أن تكون مجرد وسائل تواصل اجتماعى كما يقول اسمها وكما هى موجودة فى غالبية بلدان العالم التى لديها أحزاب وقوى سياسية فاعلة وحياة سياسية تتميز بالحيوية، لكن غياب الأحزاب والقوى السياسية والنقابات عن دورها الفاعل جعل هذه الوسائل تتحول إلى منابر سياسية غير معلنة، وغير رسمية، وبالتالى فقد صارت تتمتع بقوة ونفوذ ومكانة ملموسة، ليس فقط بين الناس، بل صارت مؤثرة فى اتخاذ بعض القرارات، أو التراجع عن بعض القرارات، ويمكن التدليل على ذلك بالعديد من القضايا التى شغلت الرأى العام من أول الاهتمام الرسمى على أعلى مستوى بالفتاة التى تعرضت للتحرش فى ميدان التحرير بعد ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ بقليل، مرورا بإقالة محافظ الإسكندرية الأسبق، حينما اغرقت مياه الأمطار العديد من مساكن المواطنين الفقراء بالمحافظة رغم أنه لم يكن المسئول الأساسى عما حدث بل غياب التمويل، ونهاية بالسماح بالاعتكاف بالمساجد فى الأيام الأخيرة من شهر رمضان الماضى، وكذلك التراجع عن بعض القرارات مثل إقامة العجلة الدوارة بالجزيرة وانشاء كوبرى يمر بكنيسة البازليك المواجهة لقصر البارون إمبان.
سيقول البعض إن هناك أخبارا وتقارير كثيرة مزيفة ومزورة على وسائل التواصل الاجتماعى، وهذا صحيح تماما، بل إن البعض يصفها بأنها صارت «مملكة للكذب»، لكن الصحيح أيضا أن هذه الوسائل صارت الصوت الشعبى الأكثر استماعا وتأثيرا فى المجتمع.
وبجانب الأخبار المزيفة والإشاعات، فهى تعكس العديد من صوت الرأى العام فى مصر.
وظنى أنه لو كانت هناك قوى وأحزاب سياسية حقيقية أو مجتمع مدنى فاعل لتمكن من استيعاب الآراء والأصوات المختلفة فى المجتمع، ولظلت السوشيال مبدئيا مجرد وسائل التواصل الاجتماعى، لكن ومع غياب الأحزاب وضعف دورها، فإن السوشيال ميديا باتت تمارس دورا ما يمكن تسميته بالحزب المعارض، لكن من دون قادة محددين بل هناك قائد مختلف كل يوم حسب نوع القضية المطروحة.
غياب التنوع وهامش الحرية لدى بعض وسائل الإعلام سواء كانت تقليدية أو إلكترونية، يعطى وسائل التواصل الاجتماعى المزيد من القوة، حيث الحرية بلا حدود بل وتصبح فى كثير من الأوقات منفلتة.
أظن أنه إذا تمكن الحوار الوطنى من فتح المجال العام وإتاحة الحريات ولو بدرجة محسوبة، فسوف يؤدى ذلك إلى تقوية الأحزاب ووسائل الإعلام التى تعمل فى إطار القانون والدستور إضافة إلى إعادة وسائل التواصل الاجتماعى إلى دورها الطبيعى والتقليدى وهو أنها وسائل للتواصل الاجتماعى، وليست أحزابا سياسية معارضة أو حتى مؤيدة.