بقلم - عماد الدين حسين
إعلان إدارة الحوار الوطنى مساء يوم الأربعاء الماضى، اختيار ضياء رشوان منسقا عاما للحوار الوطنى، والمستشار محمود فوزى رئيسا للأمانة الفنية للحوار، خطوة جيدة جدا، قد يعزز من فرص نجاح هذا الحوار، إذا اكتملت بقية العناصر.
هو خطوة جيدة، لأنه من دون وجود شخصيات توافقية، فإن فرص تعثر الحوار ستكون أقوى من فرص نجاحه.
ضياء رشوان شخصية توافقية إلى حد كبير. هو أولا باحث جاد ومرموق، وكان مديرا لمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وله إسهامات علمية مهمة خصوصا فى قضية التطرف والتنظيمات الدينية، التى اتخذت الإسلام ستارا وتجارة. ثم هو سياسى بارز فى تنظيمات اليسار المختلفة منذ أواخر السبعينيات. وثالثا هو نقابى بارز شغل ويشغل منصب نقيب الصحفيين، وهو إعلامى مرموق قدّم ويقدم العديد من البرامج التليفزيونية الرصينة والمنضبطة، وله مقالات ودراسات وكتب منشورة فى العلوم السياسية.
لكن الصفة الأبرز لدى ضياء رشوان هى أنه قادر على التواصل والتفاهم مع الحكومة والمعارضة، وهى صفة نادرة فى العديد من السياسيين المصريين فى الوقت الراهن.
مصر تحتاج إلى كثيرين من نوعية رشوان فى الفترة المقبلة، أى أولئك القادرين على التوفيق بين القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة، وهو يرتبط بعلاقات إنسانية طيبة مع غالبية السياسيين فى الحكومة والمعارضة ووسائل الإعلام، وبالتالى هو مرشح جيد للعب الدور التوافقى الاحتوائى، القادر دوما على اجتراح الحلول الوسط التى ترضى غالبية المشاركين وكان لافتا للنظر ترحيب الحركة المدنية الديمقراطية وموافقتها على اختيار رشوان منسقا، وأنها تواصل النقاش مع الجهة الداعية للحوار على منصب الأمين العام.
المستشار محمود فوزى أعرفه جيدا منذ سنوات، حينما كان أحد كبار مساعدى وزير العدالة الانتقالية الراحل محمد أمين المهدى، الذى يعتبر قيمة قضائية كبيرة محليا وعالميا.
فوزى كان أيضا الأمين العام لمجلس النواب خلال رئاسة الدكتور على عبدالعال للمجلس، وكان له دور بارز فى الحياة البرلمانية خلال تلك الفترة. والآن هو الأمين العام للمجلس الأعلى للإعلام، وأظنه كان له دور كبير فى تطوير عمل المجلس واقتراح العديد من الأكواد القانونية بالنسبة للممارسات الصحفية والإعلامية.
لكن الأهم من كل ذلك هو أنه عقلية قانونية متميزة ولديه مهارة كبيرة فى أعمال صياغة القوانين، وبالتالى يستطيع أن يلعب دور ضابط الإيقاع القانونى فى الحوار الوطنى وصياغة الرؤى والأفكار والبرامج وصولا إلى صياغة القرارات والتوجهات والآليات التى يتفق عليها المشاركون، وربما يكون عدد كبير من القوى السياسية لا يعرف المهارات والإمكانيات القانونية التى يتمتع بها محمود فوزى، الذى يفترض أن يرأس أمانة فنية من الأكاديمية لمعاونة مجلس أمناء الحوار فى العملية التنظيمية وتوفير جميع المعلومات اللازمة لإدارة الحوار.
إذا رشوان وفوزى رجلا دولة بامتياز ويستطيعان أن يسخرا كل إمكانياتهما ومواهبهما السياسية والقانونية فى الوصول بالحوار الوطنى لبر الأمان، لكن كل ذلك مرتبط بطبيعة الحال ببقية الفاعلين أو المشاركين أو المؤثرين فى الحوار، وأتمنى أن يكون هناك تمثيل عادل لكل المشاركين بما يعطى بادرة حسن نية قبل انطلاق الحوار.
من الأمور الطيبة فى إعلان اختيار رشوان وفوزى هو تحديد موعد الأسبوع الأول من يوليو موعدا لبدء أولى جلسات الحوار الوطنى. وهو تطور مهم جدا ويرد على حملات تشكيك مستمرة، كانت تتساءل عن السر وراء تأجيل بدء الحوار رغم مرور ٤٠ يوما على إعلان الرئيس للحوار فى 26 من أبريل الماضى.
أولى مهام رشوان هو بدء التشاور مع القوى المشاركة من أجل تشكيل مجلس أمناء الحوار الوطنى من ممثلى جميع الأطراف والشخصيات العامة والخبراء من ١٥ عضوا.
من الأخبار الجيدة أيضا أنه تم الإعلان عن جميع التجهيزات اللوجستية اللازمة لتنظيم الحوار من خلال الأكاديمية الوطنية للتدريب، والتى سيقتصر دورها على المهام التنظيمية واللوجستية، وأن تتبع نهج الحياد فى إطار دورها التنظيمى والفنى والتنسيقى بعيدا عن التدخل فى مضمون الحوار.
إذا هذا الإعلان الذى صدر مساء الأربعاء الماضى يتضمن تطورات جديدة تستجيب لبعض رؤى وتمنيات المعارضة.
كل التوفيق لجميع القائمين والمشرفين والموجهين لهذا الحوار الوطنى الذى نتمنى له النجاح، حتى تتمكن مصر من مواجهة التحديات الصعبة فى الفترة المقبلة.