بقلم:عماد الدين حسين
كيف يمكن قراءة نتيجة انتخابات مجلس الأمة الكويتى ومن فاز ومن خسر، وكيف سيكون أداء مجلس الأمة بحيث لا يكرر مصير معظم المجالس التى سبقته، أى الحل طبقا للصلاحيات الدستورية لأمير البلاد؟!
طبقا لخريطة المجلس الجديد فإن التكوين القبلى حصل على النسبة الأكبر كالعادة، فهناك ثلاثة مقاعد لكل من العجمان، والرشايدة والمطران والعوازم والكنادرة ومقعدان لكل من بنى غانم والعتبان، ومقعد واحد لكل من شمر والظفير والهواجر.
أما من ناحية التقسيمات السياسية أو شبه الحزبية فالشيعة المستقلون ثلاثة و«كتلة الخمسة» لهم خمسة نواب والائتلاف الإسلامى ثلاثة، وكتلة حدس ثلاثة والتجمع السلفى اثنان و«ثوابت الأمة» نائب واحد، والإسلاميون المستقلون أربعة.
والقراءة التفصيلية فى الأرقام السابقة تقول إن نسبة التغيير فى المجلس الجديد بلغت ٥٤٪، فهناك ٢٧ مقعدا من إجمالى مقاعد البرلمان وعددها ٥٠ مقعدا، شهدت تغيرا، ولم يحتفظ بمقاعده من المجلس القديم إلا ٢٣ نائبا، كما عاد للمجلس ١١ كانوا نوابا فى مجالس سابقة، ودخل ١٦ عضوا جددا للمرة الأولى.
نظريا فإن المعارضة حققت انتصارا كبيرا وصار لها أغلبية واضحة، فكتلة الخمسة المعارضة تم تجديد الثقة بها وبأصوات أعلى بكثير من المرات السابقة.
وإذا كان نواب القبائل قد واصلوا تصدرهم للمشهد فإن اللافت هذه المرة أن اثنين فازا بالعضوية وهما داخل السجن وهما حامد البذالى ومرزوق الخليفة والتهمة تنظيم انتخابات فرعية وهى تهمة مجرمة قانونا، حيث تنظم معظم القبائل انتخابات مسبقة غير رسمية حتى تحسم أمر مرشحها القبلى والاثنان من قبيلتى بنى غانم وشمر.
المكون الشيعى رفع عدد مقاعده من ستة إلى تسعة مقاعد فى حين أن الحركة الدستورية الإسلامية «حدس» أى الإخوان حصلوا على نفس مقاعدهم السابقة أى ثلاثة مقاعد، لكن هذه المرة نجح اثنان يعتبران من المقربين منهم. أما السلفيون وبعد أن خسروا كل مقاعدهم فى البرلمان السابق، فقد تمكنوا من العودة بثلاثة مقاعد.
الملفت أيضا ان أحمد السعدون رئيس مجلس الأمة الأسبق حقق انتصارا كاسحا بحصوله على ١٢٫٢٣٩ صوتا، وفى تقدير الكاتب الكويتى سعود عبدالله فإن انتخاب السعدون رئيسا لمجلس الأمة يعتبر أمرا محسوما، وربما يتم إعلان فوزه بالتزكية.
وطبقا لتقديره أيضا وتقديرات العديد من المراقبين للشأن الكويتى فإن المعارضة حققت غالبية واضحة، ورغم ذلك فإنه من المرجح أن تتشكل خريطة المجلس الجديد من ثلاث كتل أو مجموعات أساسية هى المعارضة المعتدلة ذات المطالب المعقولة، والثانية الموالاة للحكومة والقصر، والثالثة المعارضة المتشددة، التى لها سقف مطالب مرتفع للغاية وغير قابل للتطبيق حسب تعبير عبدالله.
ومن بين هذه المطالب تحويل الكويت إلى إمارة دستورية أى أن تكون هناك حكومة ذات صلاحيات كاملة تتولى الحكم طبقا لأغلبية البرلمان ويتم نزع غالبية صلاحيات قصر الإمارة.
فى تقديرات العديد من المتابعين فإن المعارضة فى المجلس قد لا تكون مثلما كان حالها فى البرلمان السابق، بل سيكون فى ذهنها دائما القواعد غير المكتوبة التى وردت فى خطاب أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد وألقاه نيابة عن ولى العهد الأمير مشعل الأحمد خصوصا مصطلح «تصحيح المسار» الذى صار عنوانا عريضا للانتخابات الأخيرة.
الذين يؤمنون بهذه النظرة يقولون إن الحكومة استجابت بالفعل لعدد كبير من مطالب المعارضة، كما أجرت العديد من التغيرات فى وزارات وهيئات ومؤسسات كثيرة، كما اتخذت العديد من الإجراءات خصوصا فيما يتعلق بمواجهة الفساد.
لكن فريقا آخر يرى أن هذا الانتصار العددى للمعارضة قد يغريها بالصعود إلى قمة أخرى من المطالب بما قد يؤدى إلى أزمة دستورية غير معهودة تقود إلى تجميد طويل لمجلس الأمة.
وهناك وجهة نظر ثالثة جديرة بنقاش لاحق تقول إنه من الخطأ البالغ التعامل مع النتائج باعتبارها فوزا للمعارضة أو هزيمة للموالاة، لأنه ينبغى أولا تعريف من هو المؤيد ومن هو المعارض فى الكويت، ثم هناك سؤال مهم وهو أن نتائج الانتخابات الأخيرة قد تكشف عن قواعد لعب جديدة فى المرحلة المقبلة ليس فقط داخل مجلس الأمة بل خارجه بحيث يعتقد البعض أن التنافس داخل المجلس هو انعكاس لتنافس أكبر خارجه.
كل التمنيات الطيبة للتجربة الديمقراطية فى الكويت ولشعبها العروبى الأصيل.